< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

اما الثاني:

فان ظاهر الرواية في قوله ‌(عليه السلام): «‌يخدم القوم ويخرج معهم»، لزوم تحصيل الاستطاعة بالخدمة للقوم، وهو يستلزم المشقة الشديدة والذل والمهانة، مع انه لا يلتزم احد بلزوم تحصيل الاستطاعة.

ويمكن ان يقال:

ان بالنسبة‌ الى من كان شغله الطباخة، وقد حصل له الاشتغال بها في سفر الحج في قبال الاجرة، او في قبال الوصول الى مكة فقط، مع فرض انه بعد رجوعه يتمكن من الاشتغال بها لمعاشه كما كان عليه قبل ذلك ولا يكون في اشتغاله مدة ‌السفر قصور في معاش اهله، فانه يمكن القول بتحقق الاستطاعة له لصدق الاستطاعة العرفية في مورده، ولا يكون في خدمته ذلك مهانة ومشقة شديدة خارجة عما تعارف في شغله. وكذا بالنسبة الى سائر مشاغل السفر. وكذلك ان لهذه الدلالة موضوع اخر، وهو من استقر عليه الحج قبل ذلك، بحصول الاستطاعة له وعدم الاتيان به في عامها ثم خرج عنها – الاستطاعة – فان الفتوى بلزوم الاتيان بالحج له باي وجه ولو بالخدمة كذلك غير عزيز بين الاصحاب بل لعل شهرة الاصحاب على ذلك.

وفي مثل المقام اذا فرض ان لمدلول الرواية موضوع قابل للتصوير يمكن حملها عليه. لا وجه لطرح الدلالة على نحو الاطلاق.

نعم، لا وجه لاطلاق قوله (عليه السلام) في المقام بالنسبة الى جميع الناس، وهذا لا كلام فيه، الا انه يرفع اليد عن هذه الدلالة بهذا المقدار بقرينة ما هو الظاهر من اطلاق الاستطاعة في الآية الشريفة بالاستطاعة العرفية.

كما انه يمكن ان يكون بيان الامام في المقام في تفسير الاستطاعة المذكورة في الآية الشريفة قرينة على انه (عليه السلام) لا يريد غير مثل الموردين في المثال لانه في مقام بيان المراد من الاستطاعة في الآية.

فينصرف لا محالة الاطلاق الى الموارد القابلة لصدق الاستطاعة العرفية.

بل ان شئت قلت: انه لو كان قول الامام (عليه السلام) في الامر الثاني تم الاطلاق فيه وانه لا يجري فيه ما مر من الانصراف فانما يرفع اليد عن هذا الاطلاق بمقتضى ما ورد في ادلة العسر والحرج وعدم وجوب تحصيل الاستطاعة او عدم وجوب ما يستلزم مهانة المؤمن وذله.ومعه ايضاً لا نحتاج الى طرح الرواية ورفع اليد عنها بالكلية.

الجهة الثالثة:

قال (قدس سره) في مقام نقد دلالة صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبدالله (عليه السلام)‌ ـ الذي عبر عنه بانها العمدة في المقام ـ بقوله: «سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن رجل عليه دين اعليه ان يحج؟ قال:‌ نعم، ان حجة‌الاسلام واجبة على من اطاق المشي من المسلمين، ولقد كان اكثر من حج مع النبي مشاة، وقد مر رسول الله....»

قال (قدس سره):

«ولكنها ايضاً غير صالحة للاستدلال على المطلب، لان الطاقة وان كان بمعنى القدرة، الا ان – اطاق ـ عبارة عن اعمال غاية ‌الجهد وآخر مرتبة القدرة كما في قوله تعالى: وعلى الذي يطيقونه[1] من المساوقة لشدة العسر والحرج.

كما ان ذيلها ايضاً يشهد بارادة الجهد و العناء، ومن المعلوم عدم وجوب الحج لدى هذه المرتبة من القدرة لدليل نفي الحرج.

والظاهر ان الصحيحة ناظرة الى اعتبار الاستطاعة بمعنى صحة البدن في قبال المسجى او المريض الذي لا يتمكن من المشي ولو في بيته. فقوله (عليه السلام) اطاق المشي. اي المشي داخل البلد كناية عن صحة جسمه في قبال المريض لا المشي الى الحج.

وقوله (عليه السلام): ولقد كان.... جملة ‌ابتدائية مستأنفة على انه لم يظهر ان اولئك المشاة كان حجهم حجة‌ الاسلام ولعله كان ندبياً غير المعتبر فيه الاستطاعة...»

ويمكن ان يقال:ان مدلول الرواية امران:

1 - ان الدين غير مانع من وجوب الحج.

2 - ان حجة ‌الاسلام واجبة على من اطاق المشي.

اما الاول: فلا محالة يحمل على صورة كون الدين غير معجل وانه يتمكن من ادائه بعد رجوعه عن الحج وقد وردت روايات في ذلك وسيجئ البحث فيه مفصلاً. وهذا مما لا كلام فيه.

اما الثاني: فان قوله (عليه السلام): «ان حجة الاسلام واجبة على من اطاق المشي» فانه وان يحتمل فيه ما افاده السيد (قدس سره) بان المراد فيه من قدر على المشي داخل البلد لا المشي في الطريق الى الحج. الا انه خلاف ظاهر الرواية لوجهين:

الاول: ان صحة البدن غير محصورة في الطاقة على المشي. وكان المفروض في المراد من الاستطاعة في الآية الشريفة، الاستطاعة من حيث صحة البدن والقدرة على الاتيان بالمناسك كما هو الحال في مثل الصوم. مع ان التعبير بالقدرة على المشي ولو بتعبير الطاقة عليه الظاهرة في تحمل المشي وقابلية استقامته فيه. في مقام بيان وجوب الحج ناظر وظاهر لا محالة في المشي في طريق الحج وفي مقام الوصول الى الحج. ولفظ الطاقة وان كان ربما يختلف عن الاستطاعة والقدرة بحسب المفهوم حسب ما افاده (قدس سره) الا انه لا يمكن حملها ولو بحسب القرينة‌على آخر مرتبة القدرة المستلزمة للمشقة، لدليل العسر والحرج الموجب لسقوط الوجوب في هذا الحد.

الثاني: ان قوله (عليه السلام): «وكان اكثر من حج مع النبي مشاة».

ظاهر في استشهاد الامام (عليه السلام) واستدلاله (عليه السلام) بوجوب الحج عند القدرة على المشي.فانه بيان لفعل الناس في مرأى ومنظر الرسول (صلى الله عليه وآله)، من الخروج الى الحج ماشياً. وحمل هذه الجملة على الحج المندوب لا سبيل اليه، لان الناس في عصر النبي لم يتمكنوا من الاتيان بالحج الا بعد فتح مكة، والخروج للحج مع النبي انما ينحصر في حجة‌ الوداع. وكان اكثر من حج في جواره، ممن لم يتمكن من الاتيان به قبل ذلك، فاذا كان اكثرهم مشاة او غالبهم او حسب النسخة المطبوعة كان من حج مع النبي، جلهم لو لا كلهم مشاة فلا محالة ان بينهم من اتى بالحج الواجب. وكان السفر بين مكة والمدينة ماشياً متعارفاً عند اكثر الناس، فلا استبعاد في تحقق الاستطاعة لهم بالمشي، لانه ليس فيه لهم مشقة غير متعارفة ولا مهانة فيه بالنسبة الى الاكثر. فتكون الجملة المذكورة استشهاداً واستناداً بعمل الرسول ولا استبعاد فيه في تحقق الاستطاعة العرفية بالنسبة الى اكثرهم.

واما قوله (عليه السلام): «فشكوا اليه الجهد والعناء» لا يستفاد منه مشقة زائدة عما يقع لسالك الحج، خصوصاً مع اشتياق الناس في الحج مع النبي المستلزم لخروج جملة ممن لا سهولة لهم في المشي. والحاصل ان ما افاده (قدس سره) من المحامل لا يوجب عدم صلاحية الرواية للاستدلال بها لتحقق الاستطاعة حتى بالمشي في بعض الموارد وظهورها في الاستطاعة العرفية. ومن المعلوم ان الاستطاعة العرفية للخروج الى الحج في ذاك الزمان يفترق معها في مثل عصرنا، ويمكن الاطلاع على بضاعة الناس في ذاك العصر بالمراجعة الى الوقائع الجارية في الغزوات والسريرات.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo