< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/09/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

و حاصله:انه لا يجب الاقتراض للحج كمامر من صاحب العروة، وقد صرح صاحب الجواهر بانه لو حج بالاقتراض لم يتمكن بحجة الاسلام. و اما صاحب العروة فظاهر ان الاقتراض غير واجب، لانه تحصيل للاستطاعة. و لكن ربما يظهر منه انه لو اقترض وان كان تحصيلاً للاستطاعة؛ وهو غير واجب الا انه تتحقق به الاستطاعة، لان تحصيلها وان كان غير واجب الا انها لو حصلت به لوجب الحج.ثم قد استثنى صاحب الجواهر مما افاده من عدم وجوب الاقتراض للحج ما لو كان له مال بقدر ما يحتاج اليه في الحج ومعه اقترض للحج، فان كان المال المذكور قابلاً للصرف في الحج بان تكون له القدرة الفعلية عليه، فانما يجب عليه اما صرف ما عنده من المال في الحج او صرف ما يقترضه فيه تخييراً، بمعنى انه يجب عليه الاقتراض لصرفه في الحج تخييراً، اذا امكن صرف ماله فيه، كما يجب عليه صرف ما عنده من المال في الحج فانما يجب عليه الحج، والتخيير انما كان في صرف ما يحتاج اليه في الحج اما من المال الموجود عنده او من مال الاقتراض.واما اذا كان هناك مانع عن صرف المال الذي عنده في طريق الحج فانما يجب عليه الاقتراض بالوجوب العيني لصدق الاستطاعة في الموردين.

و قد افاد بعنوان الاستدلال في المقام مضافاً الى صدق الاستطاعة بما رواه الشيخ (قدس سره) في التهذيب، باسناده عن الحسين بن سعيد عن محمد بن أبي عمير عن عقبة[1] قال: جاءني سدير الصيرفي فقال:

ان أبا عبد الله عليه السلام يقرأ عليك السلام ويقول لك: مالك لا تحج ؟ ! استقرض وحج. [2]

و ظاهره (قدس سره) حمل الرواية على صورة ما اذا كان له مال يمكنه اداء دينه به او يتمكن معه من ادائه.والرواية معتبرة من حيث السند على الاقوى.لان الشيخ (قدس سره) رواها باسناده عن الحسين بن سعيد واسناده اليه صحيح في المشيخة. والحسين بن سعيد الاهوازي، ابن حماد بن مهران وثقه الشيخ (قدس سره) في كتابيه وكذا العلامة في الخلاصة. وهو من اصحاب الرضا و الجواد والهادي (عليهم السلام)، ومن الطبقة السادسة. ومحمد بن ابي عمير غني عن التوثيق ومن اركان حديث الطائفة، ومن الطبقة السادسة ايضاً.و عقبة (حفية) في التهذيب او عقبة (حقبة) في الاستبصار وان لم يعلم حاله الا انه من روى عنه ابن ابي عمير و يشمله التوثيق من الشيخ (قدس سره). و هو من الطبقة الخامسة لوساطته بين ابن ابي عمير و ابي عبدالله الصادق (عليه السلام).ولكن المشكل ان الرواية مطلقة الا انه لا يلتزمون باطلاقها و لذا نرى حمل صاحب الجواهر اطلاقها على صورة ما اذا كان عنده مال لا يتمكن من صرفه في الحج فعلاً او كان يتمكن من اداء دينه بوجه اخر.وهذا ايضاً مما يشكل الالتزام به لعدم صدق القدرة الفعلية و كونه من تحصيل الاستطاعة و اورد عليه السيد الحكيم (قدس سره) في المستمسك وافاد بان في كلام صاحب العروة عدم وجوب الاقتراض للحج اذا لم يكن له مال وان كان قادراً على وفائه بعد ذلك بسهولة، لانه تحصيل للاستطاعة.و هذا الكلام غير ظاهر لان الاستدانة لا توجب الاستطاعة كلية فكيف يصدق عنوان الاستطاعة عليه. وافاد في مقام الشرح: « ولا تجب الاستدانة. ويحتمل قويا: الوجوب إذا كان بحيث يمكنه الاقتضاء بعد الحج، كما إذا كان عنده مال لا يمكنه الحج به... ". وفيه: ما عرفت من أن القدرة على المال، وكونه عنده شرط في الاستطاعة، وفي الفرض منتفية. وأما ما ذكره من المثال، فإن كان المراد منه عدم إمكان صرف عينه في الحج - كما هو الغالب - فالفرق بينه وبين ما نحن فيه ظاهر، فإن المال المذكور تحت قدرة المكلف. غاية الأمر: أنه لا يمكن صرف عينه في سبيل الحج، ولا يعتبر ذلك اجماعا، كما تقدم. وأما إذا كان المراد صورة ما إذا لم يمكن التصرف فيه ولو ببدله، كما إذا لم يمكن بيعه لعدم حصول راغب فيه، فوجوب الاستدانة لوجوب الحج حينئذ غير ظاهر، وإن جزم في الدروس بذلك. قال: " وتجب الاستدانة عينا إذا تعذر بيع ماله وكان وافيا بالقضاء... ".

وجه الاشكال فيه: أنه مع تعذر البيع يصدق أنه ليس عنده ما يحج به، ولو ببدله ونحوه، فكيف يكون مستطيعا حينئذ ؟

ومن ذلك يظهر الاشكال فيما ذكره في المتن في المال الحاضر الذي لا راغب في شرائه، وفي الدين المؤجل الذي لا يكون المديون باذلا له، إذ في الموردين المذكورين لا قدرة على ما يحج به، وإن اختلفا في جهة أخرى، فإن الدين ليست عينه تحت القدرة أصلا، والمال الحاضر تحت القدرة، لكنه لا يمكن الحج به من كل وجه. وأما المال الغائب فإن كان تحت يده - ولو بتوسط وكيله ونحوه - فهو كالمال الحاضر، إن أمكن تبديله - ببيع ونحوه - كان به مستطيعا وإلا فلا. وإن لم يكن تحت يده أصلا - كما لو مات له مورث في مكان بعيد عنه - فحاله حال المغصوب الذي لا يصدق أنه عنده وفي يده، ولا يكون به مستطيعا حينئذ.

والمتحصل: أن المستفاد من النصوص أنه يعتبر في الاستطاعة أمور:

الملك للمال، وكونه عنده، وكونه مما يمكن الاستعانة به على السفر.

ويظهر الأول من قولهم ( عليهم السلام ): " أن يكون له زاد وراحلة ".

ويظهر الثاني من قولهم ( عليهم السلام ): " إذا قدر على ما يحج به " أو " كان عنده ما يحج به " أو " وجد ما يحج به".

ويظهر الشرط الأخير من ذكر باء الاستعانة في قولهم ( عليهم السلام ): أن يكون عنده ما يحج به.

فإذا لم يكن له ملك فليس بمستطيع، وإذا كان ولكن ليس عنده - كالعبد الآبق، والدين المؤجل - فليس بمستطيع وإن أمكنه تبديله، وإذا كان عنده ولكن لم يمكن تبديله بنحو يستعين به في السفر ولو ببدله - كالمال المرهون والمال الحاضر الذي لا يرغب أحد في شرائه - فليس بمستطيع.» [3]

وحاصل ما افاده (قدس سره):ان الاستطاعة انما تحقق بالقدرة الفعلية على ما يقدر معه على الحج مع اعتبار كون القدرة العرفية دون العقلية.و معه ان الاستدانة بعنوانها لا توجب الاستطاعة، كما ان تمكنه من المال الحاضر الذي لا راغب في شرائه، او المال الموجود عند غيره بالدين المؤجل و امثاله لا يوجب تحقق الاستطاعة، لعدم القدرة الفعلية على ما يقدر معه على الحج، وعليه فلا معنى لوجوب الاستقراض في الفرض خلافاً لما افاده صاحب العروة وحققه صاحب الجواهر، و ذلك لعدم تحقق الاستطاعة، ومعه لا وجوب للحج حتى وجب الاستيدان من باب المقدمة فما افاده السيد الحكيم (قدس سره) وارد على العلمين، وكذا صاحب المدارك، كما ان ما افاده (قدس سره) من ان التزام صاحب العروة بعدم وجوب الاستيدان اذا لم يكن له مال، وكان قادراً على وفائه بعد ذلك بسهولة، لانه تحصيل للاستطاعة غير ظاهر.نعم، لو كان له مال لا راغب في شرائه او مال موجود عند غيره بصورة الدين فان تبديله في فرض امكانه يعد من تحصيل الاستطاعة، ولكنه لا ربط له بالاستيدان.كما ان ما افاده صاحب الجواهر (قدس سره) من تصوير الوجوب التخييري بقوله: «الا ان يكون له مال بقدر ما يحتاج اليه في الحج زيادة عما استثنياه من الامور السابقة، فان يجب الاقتراض عيناً اذا كان لا يمكنه صرف ماله في الزاد و الراحلة، ويكون حج اسلام ثم يؤديه من ماله، و الا وجب تخييراً لصدق الاستطاعة» غير ظاهر.

وذلك لان ظاهر الاستثناء بقوله: «والا وجب تخييراً» رجوعه الى قوله: «ان كان لا يمكنه صرف ماله»، ومعناه انه لو امكن له صرف ما عنده في الحج فيجب الاستقراض ولكن بالوجوب التخييري وان له الاتيان بالحج اما بالمال الذي عنده واما بالمال المأخوذ بالدين. وهذا مما يشكل تصويره، لانه لو كان عنده المال بقدر ما يحتاج اليه في الحج ـ زيادة ‌عن المستثنيات ـ فانه يجب عليه الحج ويكون مستطيعاً ومعه لا وجه لوجوب الاستيدان، وان كان المال الموجود غير قابل للصرف فعلاً، فانما وجب الاستيدان حسب ما اختاره (قدس سره) تبعاً لصاحب المدارك فاين تصوير التخيير في وجوب الاستيدان.

وافاد السيد الخوئي (قدس سره):«لا ريب في وجوب الحج لو اقتراض لكون مستطيعاً حينئذٍ، والدين لا يكون مانعاً عن الاستطاعة كما سيجيء.ولكنه لا يجب عليه الاقتراض، لانه تحصيل للاستطاعة غير الواجب عليه.

ولكن الماتن (قدس سره) استثنى منه ما لو كان له مال غائب لا يمكن صرفه في الحج او حاضر لا راغب في شرائه او دين مؤجل لا يبذله المديون قبل الاجل فأوجب الاستقراض حينئذٍ لصدق الاستطاعة.

و ما ذكره (قدس سره) وجيه في الجملة، ولا يتم على اطلاقه، لان المناط في الاستطاعة ليست الملكية بمجردها، بل العبرة على ما نطقت به الاخبار ان يكون المال عنده او ان يجد ما يحج به اي ان يكون الحج بتوسط ذلك المال.

و قد عرفت ان المراد الاعم من العين والقيمة، فيكفي صرف البدل في سبيل الحج و لا يلزم شخص العين، وعليه فلو امكنه بيع المال الغائب او بيع الدين و لو بأقل من قيمته بتفاوت غير مضر بحاله استطاع و وجب عليه الحج لصدق ان له ما يحج به او عنده مال، فيجب عليه حينئذٍ اما البيع او الاستقراض. اذ بالقدرة على البيع صار مستطيعاً سواء اباع خارجاً ام استقرض لما عرفت من كفاية صرف البدل ولا يلزم العين.واما لو لم يمكنه البيع فهو غير قادر على صرف ماله في سبيل الحج ومعه كان الاستقراض تحصيلاً للحاصل فلا يجب.

فالحق هو التفصيل بين امكان البيع فيجب الجامع بينه وبين الاستقراض والا فلا يجب شئٌ منهما حسبما عرفت.»[4]

 


[4] مستند العروة الوثقي، الشيخ مرتضي البروجردي، ج1، ص114 و 115.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo