< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/10/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

اما جهة‌ الدلالة فيهما:

فأفاد (قدس سره) بان المستفاد منهما تقديم الحج على ديون الناس كما في الاول، وتقديمه على الزكاة ‌كما في الثاني، وعليه فلا اساس للالتزام بتوزيع مال المتوفى بين الواجبين فضلاً عن توزيعه حال حياته.

ويمكن ان يقال:

اما بالنسبة‌ الى الرواية الاولى وهي صحيحة بريد العجلي.

فان محل الشاهد فيه قوله (عليه السلام)

«وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجةالاسلام، فإن فضل من ذلك شيء فهو للورثة إن لم يكن عليه دين ...»وفي مدلول هذه الفقرة جهات:الاولى:

ان مورد هذه الرواية، ما لو استقر عليه الحج سابقاً وذلك لأنه لو صار مستطيعاً وخرج للحج في عام الاستطاعة ومات في الطريق قبل الاحرام، فانه ليس عليه شيءُ لعدم فعلية وجوب الحج بالنسبة اليه بعد عدم تمكنه لإدراك الموسم.

وقد اشار الى هذه الجهة السيد الخوئي (قدس سره) نفسه بقوله: «نعم، هي محمولة على صورة‌ استقرار الحج كما لا يخفى.»

الثانية:

ان موضوع السؤال في هذه الفقرة، ان في فرض موت الشخص في طريق الحج قبل ان يحرم فكيف نعامل مع ما عنده في الطريق، اي ما كان معه في سفره الى الحج.

دون ما يملكه من الاموال في حضره، فان ذلك هو الظاهر من قوله (عليه السلام): «جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الاسلام ... .» فلا نظر في الرواية ‌الى ما يملكه والاموال التي عنده في حضره.

فامر الامام (عليه السلام) بصرفه في الحج، لان المفروض استقرار الحج عليه سابقاً وانه كان يلزمه الاتيان به ولو متسكعاً، إذا المفروض انه ترك الحج في عام استطاعته فيلزمه التدارك باي وجه.

فاذا فضل من ذلك شيءٌ اي مما عنده في الطريق، فهو للورثة ان لم يكن عليه دين.

وانما امر الامام (عليه السلام) بذلك لوجهين:

الاول ـ انه صرف بعض المؤونة للوصول الى الحج ولا يجوز رفع اليد عنه، بل يلزم تتميمه بصرف بقية ما كان عنده في الحج، خصوصاً بعد كونه مستقراً على ذمته سابقاً، ولو كان امر الامام بانتقاله الى الورثة لو لم يكن له دين، كان تضييعاً لحق الورثة الذين يجب عليهم الاتيان بالحج عنه وكذا اداء دينه، اذا المفروض أنه سلك مقداراً من الطريق وسلوكه لا يمكن له الا بصرف النفقة فيه. وان شئت قلت: انه اتى بالمقدمة ولو ببعضها، والامر بإبطاله تضييع لحق الورثة، لأنه يلزمهم الاتيان بنفس المقدمة مرة اخرى مع كونها حاصلة‌ ولو ببعضها.

وعليه فان صرف ما عنده في الحج اولاً يمكن ان يكون لهذه الجهة وله وجه قوي.

الثاني ـ ان الامام (عليه السلام) امر بصرف ما فضل في الورثة لو لم يكن علي الميت دين. فان المفروض ان موضوع الامر بصرف ما عنده في السفر من الجهل والزاد والنفقة، وكل ما عنده، واموال الميت للورثة بعد موته ولكنه مقيد بعدم كونه مديوناً للناس او لله واما لو كان مديوناً فإنما يؤخذ الدين من اصل التركة، فانتقاله الى الورثة له مانع وهو الدين لو كان، وهو اعم من دين الله ودين الناس، اما دين الله فالمفروض صرف ما عنده فيه ومورد السؤال ما فضل عنه، واما دين الناس فانه حاجب عن ملكية الورثة فيلزم صرف ما فضل عما معه في السفر في الدين لو كان مديوناً وليس للورثة‌ حق فيه الا اذا فضل ما له عما يصرف في الدين.

الثالث- انه لا نظر في كلام الامام (عليه السلام) الى ما عند المتوفي من الاموال في حضره كما لا دوران فيه بين الحج والدين عند اجتماعهما في ذمة الشخص.

بل ان السؤال انما وقع عن مورد خاص تلبس الشخص فيه بأحد الواجبين وصرف بعض المال فيه.

وهذا قابل للتصوير حتى في صورة عدم الموت. فلو خرج الشخص المديون للحج ـ في فرض استقرار الحج عليه سابقاً ـ ووصل الى الحرم، ولم يحرم، فانه هل يجوز له ترك الحج وصرف باقي نفقته في دينه او له الاتيان بالحج وصرف ما بقي من امواله لو كان في الدين، لان الحج دين على ذمته لفرض استقراره. وامره بالرجوع مع صرف النفقة في مقام الوصول الى الحج وعدم اتيانه بالحج تضييع لما صرفه.

نعم، هنا بحث وهو انه لو تنزلنا بان مع الدين لا تحصيل للشخص الاستطاعة فاذا اتى بالحج لا يعد من حجة الاسلام، لأنه حج في ظرف عدم استطاعته، ولكنه غير جار في صورة استقرار الحج سابقاً مع امكان تصحيح الحج في مثله بالالتزام بالخطاب الترتبي مع القول به.

اما الرواية الثانية وهي صحيحة معاوية ‌بن عمار:

فان مورد السؤال فيها من مات وعليه، مبلغ زكاة‌ وحجة‌ الاسلام.

فأجاب (عليه السلام)، يحج عنه من اقرب ما يكون و يخرج البقية في الزكاة، وهو صريح في تقدم الحج على الزكاة. و لا وجه لإسراء الحكم منها الى المقام، وهو صورة الدوران بين الحج و دين الناس.

الا الغاء الخصوصية في مورد الزكاة، وهو لا يتم مع وجود الخصوصية فيها. والسيد الخوئي (قدس سره) وان يلتزم في مثل المقام بان الحج بعد الموت ليس غير حكم وضعي كالدين والزكاة، وكذا ان الزكاة‌ كذلك دين بلا فرق بينه وبين ساير الديون فاذا امر الامام (عليه السلام)‌ بتقدم الحج على الزكاة لدل على تقدمه على دين الناس.

الا انه أمكن ان يقال:

ان ذمة‌ الشخص مشغولة بالزكاة بعد الموت كاشتغاله بالنسبة الى الدين ولكن بينهما فرق، وهو ان الزكاة دين لعنوان كل الفقراء وسائر مستحقيه، ودين الاشخاص اشتغال في الذمة بالنسبة الى الفرد الخاص، وهذه الجهة لو لم تحرز خصوصيتها فلا اقل من احتمالها ومعه لا وجه للإلغاء الخصوصية.

ولعله لذلك افتى المشهور بالتوزيع في مثل المقام لعدم استظهارهم تقدم الحج على الدين منها.

هذا، وقد افاد المحقق النائيني (قدس سره) بانه لو استقر عليه الحج، وكان عليه دين فاذا كان ذلك في حال حياته فيقدم الدين واما إذا كان بعد الموت فلا محل لأهمية الدين. وذلك، لان في فرض استقرار الحج واشتغال الذمة بالدين، فانهما في حال الحياة في الذمة وهي مشغولة بهما، فلا محالة اذا كفى المال لهما فيصرف فيهما والا فالوجه التخيير اذا لم يكن احدهما اهم من الآخر، وفي الفرض ان تقديم الدين اقوى لأهميته، فيقدم مطلقا.

واما بعد الموت فحيث ان التكليفين ـ اي وجوب الحج ووجوب اداء الدين ـ انما يتعلقان بأعيان التركة، ففي صورة الكفاية تصرف فيهما، والا فالوجه التخيير لأنه لا يبقي لرعاية الأهمية موقع.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo