< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/01/18

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

وافاد السيد الحكيم (قدس سره) ذيل قول صاحب العروة «إذا نذر قبل حصول الاستطاعة ان يزور الحسين في كل عرفة ثم حصلت لم يجب عليه الحج....» في المستمسك:

« يظهر من الأصحاب: الاتفاق عليه، فإن هذه المسألة وإن لم تكن محررة بخصوصها في كلامهم، لكن ما ذكروه في مسألة: ما لو نذر حجا غير حج الاسلام، يقتضي بناءهم على عدم وجوب الحج هنا.

قال في المدارك - فيما لو نذر المكلف الحج -: " فإما أن ينوي حج الاسلام أو غيره، أو يطلق، بأن لا ينوي شيئا منهما، فالصور ثلاث.. ( إلى أن قال ): الثاني: أن ينوي حجا غير حج الاسلام. ولا ريب في عدم التداخل على هذا التقدير. ثم إن كان مستطيعا حال النذر، وكانت حجة النذر مطلقة أو مقيدة بزمان متأخر عن ذلك العام.. ( إلى أن قال ): وإن تقدم النذر على الاستطاعة وجب الاتيان بالمنذور مع القدرة، وإن لم تحصل الاستطاعة الشرعية، كما في غيره من الواجبات. ولو اتفق حصول الاستطاعة قبل الاتيان بالحج المنذور قدمت حجة الاسلام إن كان النذر مطلقا، أو مقيدا بما يزيد عن تلك السنة أو بمغايرها، لأن وجوبها على الفور، بخلاف المنذورة على هذا الوجه. وإلا قدم النذر، لعدم تحقق الاستطاعة في تلك السنة، لأن المانع الشرعي كالمانع العقلي".

ونحوه كلام غيره ممن سبقه - كالدروس، والمسالك - وممن لحقه - كالذخيرة والمستند، والجواهر - على نحو يظهر منهم التسالم على تقديم النذر على حج الاسلام، وأنه يكون رافعا للاستطاعة. نظير ما لو استؤجر على الحج، فإن الإجارة رافعة للاستطاعة عندهم، فلا يجب على الأجير حج الاسلام إذا كان الحج المستأجر عليه مزاحما لحج الاسلام.

هذا ولكن بعض الأعاظم فرق بين الإجارة والنذر، حيث قال (عليه السلام): " الفرق بين النذر والإجارة: هو كفاية سلطنة المؤجر على منفعة نفسه عند عقد الإجارة في صحة تمليكها وتملك المستأجر لها، فلا يبقى مورد لتأثير الاستطاعة. بخلاف النذر، فإن اشتراطه - حدوثا وبقاء - يرجحان المنذور من حيث نفسه، ومع غض النظر عن تعلق النذر به يوجب انحلاله بالاستطاعة.. ".

وتوضيح ما ذكر: أن رجحان المنذور - المشروط به صحه النذر - يجب أن يكون مع قطع النظر عن النذر، ومع مزاحمة النذر للاستطاعة إذا غض النظر عن النذر يكون المنذور غير راجح، لأدائه إلى ترك الحج، وإنما يكون المنذور راجحا بتوسط النذر الرافع للاستطاعة، ومثل هذا الرجحان لا يكفي في صحة النذر.

وفيه: أن ما ذكره وإن كان مسلما، لكنه يجري مثله في وجوب حج الاسلام في الفرض، فإن الاستطاعة المعتبرة في وجوب حج الاسلام يجب أن تكون حاصله مع غض النظر عن وجوب الحج، وفي المقام إذا غض النظر عن وجوب الحج ترتفع الاستطاعة بالنذر. وعلى هذا يكون الأخذ بأحد الحكمين رافعا لموضوع الآخر، وترجيح وجوب الحج على وجوب الوفاء بالنذر بلا مرجح حتى بملاحظة كون وجوب الحج أهم، لأن ترجيح الأهم إنما يكون في المتزاحمين الواجد كل منهما لملاكه ويكون تزاحمهما في مقام الامتثال، لا في المتواردين اللذين يكون كل منهما رافعا لملاك الآخر، بل فيهما يتعين الرجوع إلى منشأ آخر للترجيح.

ولا ينبغي التأمل في أن الجمع العرفي يقتضي الأخذ بالسابق دون اللاحق، تنزيلا للعلل الشرعية منزلة العلل العقلية، فكما أن العلل العقلية يكون السابق منها رافعا للاحق كذلك العلل الشرعية. فيلغى احتمال كون اللاحق رافعا لموضوع السابق، وإن كان احتمالا معقولا في العلل الشرعية، لكنه لا يعتنى به في مقام الجمع بين الدليلين. وقد أشرنا إلى ذلك في بعض مباحث القراءة من هذا الشرح.

وبهذا صح ما ذكره: من تقديم الإجارة على الحج عند سبق الإجارة، فإن سلطنة الأجير غير كافية في صحة الإجارة، إذا لم يكن قادرا على العمل في وقته مع قطع النظر عن وجوب الوفاء بالعقد. والاستطاعة اللاحقة رافعة للقدرة مع قطع النظر عن عقد الإجارة، فلو لم يكن السبق موجبا للتقديم لم يكن وجه لصحة الإجارة، بل كانت الاستطاعة وقت العمل رافعة للقدرة عليها، وموجبة لبطلان الإجارة بعين التقريب المذكور في الاستطاعة والنذر - فتأمل جيدا - وعليه يتعين البناء في الفرض على تقديم النذر على الاستطاعة.»[1]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo