< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/01/29

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

الثاني: انه قد مر في ما افاده المحقق النائيني(قدس سره) انه يلزم في النذر ان لا يكون موجباً لتحليل الحرام او تحريم الحلال كما في باب الشروط والصلح، وان النذر في المقام يوجب تفويت الواجب، لأنه لولا النذر هذا لما فات واجب الحج في مفروض المسألة. وقد ورد مثل ذلك في كلام السيد الخوئي (قدس سره) فيما عرفت.

وفيه جهات:

1 - ان الالتزام النذري او الالتزام الشرطي بما انه يقتضي وجوب الوفاء به فقد ورد في الادلة بان لا يكون مخالفاً للكتاب والسنة، ومعناه انه لو كان متعلق الشرط امراً حراماً او تركاً لواجب، فان الالتزام الشرطي لا يتمكن من اقتضاء وجوب الوفاء فيه، واساس الكلام فيه كون متعلق النذر امراً راجحاً او كون متعلق الشرط امراً مباحاً ليتم اقتضاء ‌وجوب الوفاء به لزوم الالتزام به، والا فلو كان محرماً او مكروهاً او مبغوضاً باي وجه، فانه لا تشمله ادلة وجوب الوفاء لعدم اقتضائه للزوم الوفاء بالمحرم او المكروه او المبغوض.

واما شمول هذه الادلة لمورد النذر الذي تعلق بأمر راجح الا ان الاتيان به اوجب ترك واجب لمزاحمة الاتيان بالنذر مع الاتيان بالواجب المذكور وانه لا يمكن للمكلف الجمع بينهما فغير ثابت ولا اقل من الكشف فيه، والتمسك بأطلاق ادلة وجوب الوفاء في مورده تمسك بالإطلاق في الشبهات المصداقية.

2 -ان المدعي في المقام، عدم تحقق الاستطاعة المتأخرة، لعدم امكان تحققه في ظرف وجود المانع الشرعي، كما مر في كلام صاحب العروة والسيد حكيم (قدس سرهما).

ومعه فلا وجوب للحج، فكيف يمكن ان يكون الاتيان بالنذر موجباً لترك الواجب.

نعم، افاد السيد الخوئي كالمحقق النائيني بانه يثبت الوجوب للحج لو لا النذر، فان هذا الكلام لا يقتضي أكثر من الوجوب التعليقي للحج دون التنجيزي، ولا محذور في النذر إذا كان مستلزماً لترك واجب تعليقي.

الا ان هذا التعليق جار في جميع موارد التزاحم، وانه تنجيز التكليف على المكلف في كل من المتزاحمين لو لا المزاحم الاخر، ولا أثر له من حيث رفع الوجوب او انتفاء الحكم.

3 -قد صرح السيد الخوئي(قدس سره) ايراداً بما في بعض الكلمات من انه يعتبر في النذر ان يكون محللاً للحرام او محرماً للحلال:

«... لا دليل عليه، لان هذا انما ورد في ادلة الشروط بقوله الا شرطاً خالف كتاب الله وسنة نبيه، ولم يرد في ادلة الوفاء بالنذر كما لا يخفى».وعليه، فانه لا اقتضاء للوفاء بالنذر لترك واجب الحج ـ لو فرض وجوبه ـ حسب ما افاده.ومعه فانه لا يتصور في مورد النذر الا استلزام الوفاء به ترك الحج على فرض وجوبه ومن الواضح انه كما ان الوفاء بالنذر يمكن ان يستلزم ترك الحج، كذلك يمكن ترك الحج من ناحية المكلف مع ترك الوفاء بالنذر ايضاً، فيكون النذر ضداً خاصاً للحج، وقد حقق في محله ان الامر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده الخاص، كما افاده السيد الأستاذ (قدس سره) في كلامه المتقدم.

4 -ان استلزام الوفاء بالنذر لترك واجب الحج في فرض وجوبه الذي عبر عنه تحليل الحرام وتحريم الحلال لا يختص بجانب النذر، بل ان الاتيان بالحج ايضاً يقتضي ترك واجب النذر بعين الكلام.

الثالث:التزم المحقق النائيني(قدس سره) بان الحج مشروط بالقدرة الشرعية لاشتراط وجوب بالاستطاعة، والنذر ايضاً يشترط وجوبه بالقدرة الشرعية وأفاد في تقريبه:

«... إن خطاب الوفاء بالنذر مشروط بالقدرة الشرعية ، لان دليل الوفاء بالنذر تابع لما التزم به المكلف على نفسه ، وما التزم به المكلف على نفسه هو الفعل المقدور ، فقد اخذ المكلف في الالتزام القدرة ، وخطاب الوفاء متأخر عن الالتزام فالخطاب يرد على الفعل الذي اخذت القدرة فيه في المرتبة السابقة على ورود الخطاب ، فيكون كما إذا قيد المتعلق في لسان الدليل بالقدرة صريحا ، فتأمل جيدا .»[1]

ثم انه (قدس سره) قرر الحج والنذر في مفروض المسألة من موارد التزاحم وحيث ان كليهما مشروط بالقدرة الشرعية، فيخرج عن موضوع ترجيح المشروط بالقدرة العقلية على المشروط بالقدرة الشرعية وعليه التزم بان الوجه للترجيح أحدهماعلى الآخر الاسبقية، ولكن تأمل في مثل المورد الذي كان النذر سابقاً على الحج في تقديم النذر وقدم الحج لكون الالتزام بالنذر يوجب تفويت الواجب.ويمكن ان يقال:

اولاً: انه (قدس سره) صرح نفسه في صفحات قبل هذا في تقريرات المحقق الكاظمي.

«والمراد من القدرة الشرعية هي ما اخذت في لسان الدليل كما في الحج وامثاله مما قيد المتعلق بالقدرة في نفس الخطاب.»

وافاد بعد ذلك ايضاً: «وينحصر القدرة‌الشرعية بما إذا قيد المتعلق بالقدرة كما في مثال الحج.»

وقرر عند الشك في اعتبار القدرة ‌الشرعية في التكليف مرجعية الاطلاق بدفع التقييد بالقدرة الشرعية».[2]

وهنا نقول:انه لم يقيد المتعلق في دليل النذر بالقدرة الخاصة الشرطية نظير الاستطاعة المقيد بها الحج الا انه (قدس سره) قد اكتفي في اثبات تقييده بها بما عرفت:«من ان دليل الوفاء بالنذر تابع لما التزم به المكلف على نفسه، وما التزم به المكلف على نفسه هو الفعل المقدور، فقد اخذ المكلف في الالتزام القدرة وخطاب الوفاء متأخر عن الالتزام.»وهذا لا يتكفل في اثبات تقيد متعلق النذر بالقدرة الشرعية وذلك لأنه كان في هذا البيان في صدد تبيين ما استفاده السيد الخوئي في تحقيقه في المقام من ان دليل وجوب الوفاء ليس تأسيسيا، بل امضائي لما التزم به المكلف على نفسه، وصار ذلك منشأ فكره فيما مر من كلامه قد سبق ما فيه.والمهم هنا ان القدرة التي اخذها المكلف في التزامه هي القدرة العقلية، لا القدرة الشرعية، لأنها ليست قدرة خاصة غير ما تعتبر في جميع الواجبات. مضافاً الى الكلام في اخذ المكلف ذلك فانا لا نرى اكثر من التزام المكلف في النذر على الامر الذي هو مقدور له بحسب ارتكازه وهذا ليس بأكثر من القدرة العقلية وليس المكلف اخذها في التزامه بل كانت مرتكزة عنده من حيث استهجان التزامه بما كان خارجاً عن قدرته وعاجزاً عنه عقلاً.ولعل المحقق النائيني(قدس سره) قد توجه الى هذا في قوله:

فالخطاب يرد على الفعل الذي اخذت القدرة فيه في المرتبة السابقة على ورود الخطاب ، فيكون كما إذا قيد المتعلق في لسان الدليل بالقدرة صريحا.»[3]

حيث انه (قدس سره) قبل ذلك بان القدرة هنا ليست مأخوذة في لسان الدليل صريحاً بل يكون كما إذا فيه من باب التنظير والتشبيه.وهو داخل في مورد الشك الذي افاد بان المرجع فيه إطلاق الدليل ولا شبهة ان الاطلاق دليل النذر ينفيه.ولذا ورد في كلام جماعة منهم السيد الاستاذ (قدس سره) بان القول بتقيد النذر بالقدرة الشرعية لا دليل عليه وهو في محله.وعليه فيلزم دخول المقام في التزاحم بين المقيد بالقدرة الشرعية وغير المقيد بها وان الوجه فيه تقديم غير المقيدة بالقدرة الشرعية، لان غير الشروط بالقدرة الشرعية يصلح لان يكون تنجيزاً مولوياً عن المشروط بها حيث ان وجوبه ليس مشروطاً بشرط سوي القدرة العقلية والمفروض انها حاصلة فلامانع من وجوبه ومع وجوبه يخرج ما كان مشروطاً بالقدرة الشرعية عن تحت سلطانه وقدرته شرعاً للزوم صرف قدرته في ذلك فاذا لم يكن قادراً شرعاً لم يجب الانتقاء شرط وجوبه وهو القدرة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo