< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/03/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

ويمكن أن يقال:انه قد مر ان المراد من الاستطاعة في الآية الشريفة، الاستطاعة العرفية وان الاخبار الواردة في تفسيرها كانت في مقام تبيين هذه الجهة التي كانت الآية الشريفة ظاهرة فيها.والاستطاعة‌ العرفية بناءً على ما حققناه هو التمكن العرفي من الحج المحقق بامكان التصرف الفعلي فيما يلزم للخروج الى الحج من الزاد والراحلة وغيرهما مما مر إعتباره في التمكن المزبور.والتصرف الفعلي عند العرف مما لا يمكن الا بالاستيلاء الفعلي على الزاد والراحلة، وانه لو لا الاستيلاء عليهما لما يتمكن عرفاً من فعلية التصرف او امكان التصرف الفعلي الذي هو المحقق للتمكن عرفاً من الاتيان بالحج والخروج اليه.

وعليه، فلا وجه لتفريق العنوانين التمكن العرفي، والاستيلاء الفعلي وقوله (ع): ان يكون عنده زاد و راحلة ظاهر في ان يكون عنده ما يتمكن معه من الإتيان بالحج بامكان التصرف الفعلي له، وهذا واضح. وعليه فان هنا مسلكان في باب الاستطاعة.

احدهما: التمكن العرفي المحقق بامكان التصرف الفعلي في الزاد و الراحلة.

ثانيهما: ملكية الزاد و الراحلة.

وفي المقام:اذا كان البذل محققاً للتمكن الفعلي من الزاد و الراحلة وامكان التصرف متحقق معه الاستطاعة، وهذا المعني متحقق بمجرد الاباحة ومعه فان بذل الزاد و الراحلة بنحو الاباحة قابل لان يتحقق به الاستطاعة‌ ويستقر عليه وجوب الحج.

واما اذا فرضنا كونه على نحو التمليك، فان مجرد تمليك الزاد و الراحلة لا يوجب الاستطاعة، لان امكان التصرف بالاستيلاء الفعلي لا يتحقق بمجرد التمليك، بل انما يتحقق مع قبوله، فلابد في تحقق الاستطاعة هنا من قبول التمليك من ناحية ‌المبذول له.

والاخبار الواردة في المقام يكون ظاهرها تحقق الاستطاعة بمجرد البذل وتطبيق المستطيع ومن استقر عليه الحج على من عرض عليه الحج، وهو يسعه البذل بنحو الاباحة دون التمليك.هذا مع ان في التأكيد على الاستحياء بقوله عرض عليه فاستحيى قرينة واضحة على تحقق امكان التصرف الفعلي بمجرد البذل الا انه استحيى ولم يتصرف اولا يقدم عليه، وظاهر الاخبار الاستحياء في هذه الجهة اي في التصرف فيه دون الاستحياء في القبول حتى يكون ظاهر في التمليك.

وحينئذ بان الاخبار بهذا اللسان اي تحقق الاستطاعة – بمعنى التمكن العرفي المحقق بامكان التصرف بالفعلي والاستيلاء الفعلي – بمجرد البذل انما تقتضي حكماً على وفق القاعدة، ببيان انها وردت في تفسير الاستطاعة وتبيينها، والمفروض ان الآية الشريفة متكفلة باشتراط وجوب الحج بالتمكن العرفي المذكور، ومعه لا تقتضي هذه الأخبار أكثر من تحقق هذا الامكان بالبذل، لانها ظاهرة في ان من مصاديق هذه الإستطاعة البذل.

فمع الالتزام بالاستطاعة العرفية بالمعنى الذي عرفت وظهور الأخبار في تحقق الإستطاعة بالبذل بمعنى الاباحة. ليست هذه الاخبار في بيان تأسيس حكم جديد او أمر على خلاف ما تقتضيه الآية والأخبار الواردة في تبيين الإستطاعة فيها.

واما البذل بمعنى التمليك فهو بما انه لا يوجب الاستطاعة الا بالقبول، والقبول فعل اختياري صادر عن المكلف، فانه لا تتحقق الاستطاعة الا باختيار المبذول له القبول وصدور الفعل عنه فالحكم بتحقق الاستطاعة واستقرار الحج لا يتم الا بإيجاب القبول وتكليف المبذول له به، وهذا معنى جديد تأسيسي لا يقتضيه بيان الاستطاعة في الاية والاخبار الواردة في تبيينه فهو حكم على خلاف القاعدة على ما عرفت في كلام سيدنا الاستاذ.

مع انه خلاف ظاهر الاخبار اذ ليس في ظاهرها ما دل على وجوب القبول والتعبد بالالزام به،

فان في صحيحة معاوية بن عمار عن ابي عبدالله (عليه السلام) فان كان دعاه قوم ان يحجوه فاستحيى فلم يفعل، فانه لا يسعه الا ان يخرج ولو على حمار اجدع ابتر. التصريح بـ«لم يفعل» اي لا يحج معهم عند دعوتهم دون «لم يفعل».

وهذا، الرواية أحسن ما يمكن الاستدلال به لوجوب القبول واما في غيرها فليس اللسان اكثر من تحقق الاستطاعة بمجرد البذل من دون حالة انتظارية بقبوله لقوله(ع): «من عرض عليه الحج فاستحيى ولو على حمار اجدع مقطوع الذنب فهو ممن يستطيع الحج»،[1] في صحيحة الحلبي حيث ان ظاهرها تحقق الاستطاعة وانطباق عنوان المستطيع عليه بمجرد البذل حتى مع استحيائه وقد مر تبيين الاستحياء ‌بعدم الاقدام في الخروج الى الحج بقوله: (فلم يفعل) في صحيحة معاوية بن عمار.

وبالجملة:يشكل الالتزام بشمول اخبار البذل لصورة التمليك جداً للاشكال في تكفلها لوجوب القبول بحسب ظاهرها.ومعه يشكل الالتزام بتعميم الحكم بتحقق الاستطاعة واستقرار الحج بالبذل لصورتي الاباحة والتمليك.

ولعل لهذه الجهة اشار السيد البروجردي (قدس سره) في حاشيته على قول صاحب العروة «من غير فرق بين ان يبيحها له او يملكها اياه.»[2]

«بمعنى جعله مالكاً لها بايجاب منه وقبول من المبذول له على وجه لا يسعها صرفها في غيره، او بمعنى انشاء‌ التمليك منه فقط بناءً على وجوب قبوله كما سياتي منه ولكنه محل إشكال.»هذا بناءً على القول بان الاستطاعة بمعنى التمكن العرفي.واما بناء على الالتزام بانه هو ملكية الزاد و الراحلة، فمن المشكل جداً شمول اخبار البذل له لما مرَّ من تحقق الاستطاعة بمجرد البذل الذي هو ظاهر هذه الاخبار لو لا صريحها لا يساعد مع انشاء التمليك وتعقبه بالقبول. ولا يتم استفادة ذلك الا بالتكليف في دلالتها على وجوب القبول. وقد مرَّ التعرض له في كلام جماعة من الاعلام كالعلامة والشهيد في الدروس وغيرهم.وعليه فلو كان في المقام اجماع واتفاق او شهرة مقبولة على التعميم فنلتزم به والا يشكل الامر فيه بما عرفت ولا سبيل لنا الا الالتزام بالاحتياط.الا وان مع الالتزام بالتعميم او الالتزام بحصر الاستطاعة في ملكية الزاد و الراحلة فانه لا موضوعية للبذل، بل ان تحقق الاستطاعة‌ عليهما انما يكون من جهة الملكية بالنسبة الى الزاد و الراحلة ووجوب الحج واستقراره بتحقق الاستطاعة انما يتوقف على تحقق القبول من المبذول له دون نفس البذل، وانه لا شأن لاخبار البذل الا ايجاب القبول. وقد عرفت الاشكال والتكلف في هذا الاستظهار.قال السيد الخوئي(قدس سره):

«ويمكن الإستدلال بالآية المباركة ايضاً: {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً}.[3] فانها في حد نفسها ظاهرة في ان الشرط هو مطلق القدرة العقلية، باي وجه كانت ولو بنحو الاستقراض، الا ان الروايات المعتبرة دلت على ان المراد ليس هي تلك القدرة على سعتها، بل خصوص من كان له زاد وراحلة الصادق في مورد البذل ايضاً.»

وتعرض (قدس سره) لما يمكن ان يرد عليه بقوله:

«نعم، قد يقال بل قيل بان الظاهر من التفسير ملكية الزاد والراحلة رعايه لظهور اللام في المكلية في وقوله: «من كان له زاد و راحلة» المنتفية في موارد البذل بل حتى في مورد الإباحة المطلقة، فلا يجب الحج في موردهما.»[4]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo