< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

اما الفرع الثاني من المسألة:

وهو قوله: «ولو بذل لمن حج حجة الاسلام لم يجب عليه ثانياً.»

والامر فيه واضح، لما مر من ان ادلة البذل توجب التوسعة في مفهوم الاستطاعة وكونها اعم من الاستطاعة المالية والبذلية. وكما انه لو استطاع المكلف للحج ثانياً بالاستطاعة المالية وقد اتى بالحج بحصول الاستطاعة له قبل ذلك، فانه لا أثر لتحقق هذه الاستطاعة، ولا شرطية ‌لها لوجوب الحج، لان بعد اتيانه بالحج مرة واحدة، فانه لا يصير موضوعاً لوجوبه ثانياً لان مقتضى الادلة وجوب الحج مرة واحدة في العمر.

وكذلك الحال في البذل، فانه يوجب الاستطاعة، وانما يجب الحج على المبذول له بها اذا تمت الشرطية للوجوب فيها. والمفروض انتفاء شرطيته، لفقدان الموضوع لوجوب الحج، فلا اقتضاء لأدلة البذل لوجوب الحج في مثله.

اما الفرع الثالث من المسألة:

قوله (قدس سره): «ولو بذل لمن استقر عليه حجة الاسلام وصار معسراً وجب عليه.»

قال السيد الخوئي (قدس سره):«ولكن هذا الوجوب لم يكن بمناط الاستطاعة البذلية ليتعلق به وجوب جديد بمقتضى نصوص العرض.وانما هو بمناط الاستقرار المقتضي للسعي الى الحج كيفما اتفق وبأي وجه تحقق ولو متسكعاً.

غايته أنّه يعذر مع العسر أما مع ارتفاع المانع المتحقق ببذل الباذل فيجب التصدي عندئذٍ، ومن ثمّ لو وجد من يشتري متاعه الذي لا يسوى إلا دينارين بخمسين مثلاً ويكفيه للحجّ وجب البيع عليه أو لو وهبه أحد مالاً ــ هبة مطلقة لا لخصوص الحجّ ــ وجب عليه القبول مع عدم وجوبه في سائر الموارد؛ لعدم وجوب تحصيل الاستطاعة فإنَّ المقام يمتاز عن سائر الموارد بفرض استقرار الحجّ عليه الموجب للخروج عن عهدته كيفما كان ما لم يبلغ حد العسر والحرج.

وبالجملة:

نصوص العرض خاصة بمن لم يكن الحجّ واجباً عليه فيحدث له الوجوب بالعرض والبذل فهي أجنبية عن مثل المقام مما كان الوجوب ثابتاً ومستقراً في الذمة ومع ذلك يجب عليه القبول بذاك المناط حسبما عرفت.»[1]

واساس ما افاده (قدس سره):ان نصوص البذل لا تشمل مثل المقام مما كان وجوب الحج ثابتاً في الذمة ومستقراً عليها. لان موردها من لا يكون الحج واجباً عليه، ويحدث بالبذل الاستطاعة له ووجوب الحج.

وعليه فان ما يحصل لمن استقر عليه الحج وصار معسراً بالبذل ليست الاستطاعة البذلية.

الا ان هنا نكتة، وهي ان البذل يوجب له التمكن من اتيان الحج بالفعل، وهو المراد من الاستطاعة، وبما انه لم يأت بالحج في وقت استطاعته وصار معسراً وان له السعي في تحصيل التمكن من الحج باي وجه ولو ببيع ماله او قبول الهبة او الاستقراض في صورة امكانه عليه ومن جملة وجوه تحصيل هذا التمكن قبول البذل، فيجب عليه كما يجب قبول الهبة او بيع متاعه.

وبعبارة أخرى:

ان وجوب اخذ المبذول من الباذل في المقام ليس بمناط الاستطاعة البذلية، حتى يحصل له وجوب جديد بمقتضى ادلة البذل.

بل الوجوب في قول صاحب العروة «ولو بذل لمن استقر عليه الحجة‌ الاسلام وصار معسراً وجب عليه» انما جاء من ناحية اشتغال ذمته بالحج المقتضي لتحصيل التمكن لإتيانه تفريغاً لذمته باي وجه.

ولذلك افاد السيد البروجردي (قدس سره) في حاشيته على كلام صاحب العروة في المقام:

«ولكن لا مدخل للبذل في وجوبه»

فان نظره الشريف الي ان وجوب الحج عليه لم يكن جائياً من ناحية البذل بل نشأ من ناحية‌ اشتغال ذمته واستقرار الحج عليها المقتضي للإتيان بالحج باي وسيلة ولو متسكعاً.

وبالجملة:

ان الوجوب ـ اي وجوب الحج ـ منجزاً له قبل البذل الا انه فقد عنه القدرة على امتثال الامر به، والبذل انما يوجب القدرة على الامتثال.

والوجوب الجائي من ناحية اشتغال الذمة لإتيانه بالحج وجوب عقلي.

وبالجملة: ان وجوب قبول البذل له، هو الوجوب المتعلق اليه لتحصيل كل وسيلة تساعده للإتيان بالحج تحصيلاً لفراغ ذمته والبذل انما يوجب هذا التمكن له اي القدرة على الامتثال.

وعليه فان هذا الفرع غير مرتبط بالأخبار الواردة ‌في باب العرض. متناً وتعليلاً. كما لا يرتبط بالفروع السابقة التي كان البحث فيها صدق الاستطاعة وتحققها بالبذل.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo