< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

95/10/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/الاستطاعة

« ظاهر العبارة أنه كان الرجوع عن البذل بعد الاحرام. وعليه يشكل ما ذكره من اجزائه عن حج الاسلام، لأنه بالرجوع انكشف عدم كونه مستطيعا من أول الأمر. لكن تقدم منه في المسألة التاسعة والعشرين: احتمال إن تلف المال في أثناء الحج لا يمنع من الاجزاء عن حج الاسلام، والرجوع بعد الاحرام من قبيل تلف الاستطاعة بعد الاحرام. هذا إذا كان المال الذي يكفيه للاتمام قد حدث له، أما إذا كان عنده حين البذل فلا إشكال لأن البذل إلى زمان الرجوع يكون متمما للاستطاعة أما إذا كان المراد الرجوع عن البذل قبل الاحرام، وكان عنده من المال ما يكفيه للذهاب والإياب، أو حدث له مال كذلك، فلا ينبغي التأمل في أنه يجب عليه حج الاسلام، وكان بذلك مستطيعا. ولعله مراد الماتن.»[1]

وقد مرّ ان الظاهر كون مراد صاحب العروة في المسألة رجوع الباذل عن بذله بعد الاحرام، بخلاف ما استظهره (قدس سره) اخيراً.ثم ان مراده مما افاده صاحب العروة في مسألة 29 قوله (قدس سره):« إذا تلف بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه بناء على اعتبار الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة، فهل يكفيه عن حجة الإسلام أو لا ؟ وجهان، لا يبعد الإجزاء.

ويقربه ما ورد من أن من مات بعد الإحرام ودخول الحرام أجزأه عن حجة الإسلام، بل يمكن أن يقال بذلك إذا تلف في أثناء الحج أيضا.»[2]

وظاهر هذا الكلام، الاجزاء اذا تلف مؤونة عوده الى وطنه او ما به الكفاية بعد تمام اعماله، او تلفه بعد الاحرام ودخول الحرم.

وانما استفاد السيد الحكيم (قدس سره) من ذلك: التزامه بالاجزاء عند تلف مؤنة الحج بلا فرق فيها بين كونها مؤونة العود، او ما به الكفاية من ماله في وطنه او غيرهما.

ويؤيد هذا الاستظهار تقريبه بما ورد من الاجزاء عن حجة ‌الاسلام اذا مات بعد الاحرام.

وقد افاد السيد البروجردي هناك: «لم يظهر وجه التقريب»[3]

كما افاد (قدس سره) ذيل قول صاحب العروة: «بل يمكن ان يقال بذلك اذا تلف في اثناء الحج.»:

«اي مؤونة العود، او ما به الكفاية بعد العود، واما اذا تلفت هي مع مؤونته في بقية حجه ففيه اشكال.»وهو ظاهر في قبول الاجزاء عند تلف مؤونة العود والرجوع الى الكفاية بعد الاحرام.

وقد افاد السيد الاصفهاني والمحقق النائيني والسيد الخوانساري في حاشيتهم في ذيل هذا الكلام من صاحب العروة: «بل يمكن ان يقال بذلك...»

«لكنه ضعيف.»

نعم هناك كلام من المحقق كاشف الغطاء في حاشيته علي المسألة في ذيل قول صاحب العروة: «.. فهل يكفيه عن حجة الاسلام أو لا وجهان لا يبعد الاجزاء... »

«لان التكليف اولاً بالحج بالاستطاعة من نفقة الذهاب فقط كان حرجياً وشاقاً، اما بعد وقوع العمل والتلبس فلا تكليف.»[4]

وما أفاده قابل للدقة والتأمل، وسيأتي مزيد كلام فيه.

هذا ثم افاد السيد الخوئي في ذيل المسألة ـ مسألة 48 ـ في المقام: في الاحرام، مع انه (قدس سره) تردد في جوازه حينئذ حيث قال في المسألة الواحدة والاربعين المتقدمة:

«وفي جواز رجوعه عنه بعده وجهان...» وظاهره هنا هو الجواز.وكيفما كان فإن كان الرجوع قبل الإحرام الذي هو جائز له بلا كلام عاد من مكانه إلى وطنه إن لم يكن له من المال ما يكفيه للذهاب والإياب أو لم يحدث له مال كذلك وإلا وجب عليه الحجّ وكان مجزياً عن حجّ الإسلام؛ لكونه مستطيعاً حينئذ كما هو ظاهر.وإن كان بعد الإحرام سواء أكان جائزاً أيضاً كما هو الأظهر من غير فرقٍ بين كونه بنحو البذل أو التمليك كما تقدم أم لم يكن جائزاً، فإن كان متمكناً حينئذٍ من الإتيان بنفس الأعمال عن استطاعة شرعية أي مع الزاد والراحلة ذهاباً وإياباً من غير حرج عليه وجب الإتمام وإلا كشف عن عدم صحة إحرامه.لما عرفت من اشتراط الاستطاعة حدوثاً وبقأءً.ولا فرق في التمكن المزبور:بين كونه مالكاً للمال سابقاً أو حدث له مال لاحقاً بقدر كفايته بحيث تشكلت منه الاستطاعة الملفقة من البذلية والملكية؛ إذ لا يعتبر فيها القدرة الدفعية بل تكفي التدريجية، فلو وجد من ينفق عليه شيئاً فشيئاً كفى في تحقق الاستطاعة فيثبت في حقه الوجوب ويكون مجزياً عن حجّة الإسلام.ومما ذكرنا يظهر:

أنَّ مجرد التمكن من إتمام الأعمال على سبيل القدرة العقلية ــ ولو متسكعاً ــ كما هو ظاهر عبارة الماتن (قدس سره) لا يكفي في وجوب الإتمام والإجزاء عن حجّة الإسلام، بل لا بدَّ من فرض القدرة الشرعية بالمعنى الذي عرفت من غير حرج عليه لاعتبارها في وجوب الحجّ حدوثاً وبقاءً حسبما أشرنا إليه فلاحظ.»[5]

وظاهر ما افاده (قدس سره) في ذيل كلامه انه استظهر من كلام صاحب العروة بقوله: «ويتمكن من ان يأتي ببقية الاعمال....» تمكنه من اتمامها على سبيل القدرة العقلية ولو متسكعاً، ولذا يلزم في وجوب الحج القدرة الشرعية حدوثاً وبقاءً.

وافاد السيد الاستاذ (قدس سره):«لا بدّ أن يكون المقصود بالفرض صورة ما إذا كان يجوز له الرجوع و يترتب عليه أثره، و إلا فلا معنى للكلام في هذا الفرض؛ كما لا يخفى.

و تحقيق الكلام فيه: أنه إن كان وجوب الحج بالبذل من باب صدق الاستطاعة و على مقتضى القاعدة صحّ حجه و أجزأ عن حجة الاسلام، لكونه حجّ عن استطاعة لبذل بعض النفقة له و تمكنه من البعض الآخر.

أما إذا كان وجوب الحج بالبذل ليس من باب صدق الاستطاعة حقيقة، بل تعبّدا و تنزيلا. فبالرجوع عن البذل ترتفع الاستطاعة التعبدية، و يكون من مصاديق من استطاع بعد الإحرام. و حينئذ:فإن قلنا بأن الإحرام شرط للحج صح حجه لما تقدم فى المسألة الخامسة.و إن قلنا بأنه جزء للحج لم يصح حجّه لأن إحرامه كان في ظرف عدم وجوبه واقعا لعدم استطاعته و عدم استمرار العرض و هو معتبر.و قد تقدم توضيح ذلك في التعليق على المسألة الخامسة، فراجع.

و قد توجّه صحة الحج: بأنه قد تقدم من المصنف أن بذل بعض النفقة مع تمكنه من البعض الآخر موجب للحج مع أن مبناه على كون الوجوب بالبذل على خلاف القاعدة، و هذا المورد من هذا القبيل.

و يندفع: بوجود الفرق بين الموردين فإن الشخص إذا كان واجدا فعلا لبعض النفقة، فبذل البعض الآخر يكون تهيئة للجزء الأخير للحج، فيصدق عرض الحج عليه، بخلاف ما إذا لم يكن واجدا فعلا، فإن بذل البعض لا يعدّ عرضا للحج و إن تجدد ملكية البعض الآخر. نعم، يمكن أن يدّعى ذلك في صورة‌ العلم بتجدد ملكية البعض في اثناء العمل. فالتفت.»[6]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo