< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/09/25

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/ الاستطاعة

ثم ان في المقام حاشية مفصلة للمحق العراقي تعرض لها في ذيل قول صاحب العروة: بل لان الامر مشروط بعدم المانع.

قال (قدس سره):« وذلك البيان في غاية الجودة بناء على اشتراط وجوب الحج بالقدرة المطلقة كما هو ظاهر دليله وإلا كفى فيه مطلق القدرة، فالمسألة مبنية على مسألة الترتب المعروف.

فعلى القول بإصلاح الترتب القدرة على المهم في ظرف عصيان الأهم فلا بأس بالاجتزاء بمثل هذا الحج كما هو ظاهر.

نعم لو كان مقدمة لمحرم كان أمر إجزائه أشكل وإن قيل بكفاية مطلق القدرة إذ الترتب المعروف إنما يصلح أمر التكليف بما لا يطاق لا شبهة اجتماع الضدين.

وإن صرنا في مقالتنا أيضا إلى تصحيح الترتب في باب الضد حتى على القول بالمقدمية أيضا.

لا من جهة كفاية اختلاف المرتبة في تصحيح الجمع بين الضدين بل من جهة الالتزام بالتفكيك بين جهات الوجود الواحد بحسب حدوده الموجب بعضها لطرد وجود غيره وبعضها لطرد أضداد غيره وإن ما هو مبغوض هي الجهة الأولى دون سائر الجهات.

فلا بأس حينئذ بتأثير المصلحة وجوب حفظه من سائر الجهات في ظرف انحفاظه بنفسه أو بسوء اختياره من تلك الجهة ولكن هذا الكلام في صورة كون الوجود مقدمة العدم يحتاج إلى مزيد تأمل.

وقد يتوهم عدم إباء العقل في المقام أيضا بأن يلتزم بصحة الأمر بهذا الوجود في رتبة متأخرة عن عدم إرادة ذيها فإن من الواضح سقوط وجوب ترك ذيها في هذه الرتبة فلا يمنع حينئذ وجوب مقدمته اللهم إلا أن يدعى بأن هذه المرتبة مسقطة لوجوبه العقلي لا لأصل محبوبيته وهذا كاف في المنع عن اتصاف مقدمته بالوجوب.

نعم:

لو تصور الترتب على نفس العصيان في ذيها لا يلزم دعوى سقوط محبوبيتها في هذه الرتبة أيضا.

ولكن لازمه الالتزام بوجود المقدمة في هذه المرتبة أيضا وهو محال إذ المقدمة بذاتها مقدمة رتبة عن ذيها فلا يتصور لها رتبة متأخرة عن ذيها كي يصلح هذه المرتبة لتحمل حكم آخر كما أنه في طرف مقدمية الوجود للحرام أيضا لا يتصور التفكيك بين جهات المقدمة إذ هي بجميع جهاتها مقدمة لوجوده لأن بانفتاح باب عدم من أنحاء عدمه يترتب عدم مبغوضيته وطرد مثل هذا المعنى يقتضي سد جميعها وحينئذ لا يتصور فيه جهة قابلة لطرو الوجوب عليه فتدبر فإنه دقيق رقيق.»[1]

وحاصل ما افاده (قدس سره):

تحسين ما سلكه صاحب العروة (قدس سره) بناءً على اشتراط وجوب الحج بالقدرة المطلقة ـ حسب تعبيره (قدس سره) ـ وافاد بان هذا الوجه هو ظاهر دليله.

ومراده (قدس سره) ما مرّ من صاحب العروة: «بل لان الامر مشروط بعدم المانع، ووجوب ذلك الواجب مانع».

وعليه فمراد المحقق العراقي من القدرة المطلقة، القدرة على الاتيان بالحج عقلاً وشرعاً، وان وجوب الواجب الذي استلزم الاتيان بالحج تركه مانع شرعي.

وعليه فان فيما حققه في المقام ليس ايراداً على ما سلكه صاحب العروة (قدس سره)، بل افاد بان مقالة صاحب العروة في المقام في غاية الجودة بناءً على ما ختاره من المبنى وهو اشتراط وجوب الحج بالقدرة المطلقة.

ولكنه افاد بان بناءً عل كفاية مطلق القدرة وهو التمكن من الاتيان بالحج مع عصيان الامر بالواجب الاخر على نحو الترتب والالتزام بانه يقتضي حصول القدرة على المهم في ظرف عصيان الاهم فلا محذور في الالتزام بالاجزاء في المقام خلافاً لصاحب العروة (قدس سره)، والظاهر ميله الى ذلك واختياره.

وافاد في هذا المقام بانه لو كان وجوب الحج ابتلي بمزاحمة الواجب الاخر الاهم فالقول بالاجزاء قابل للتصوير.

واما اذا كان الاتيان بالحج استلزم ارتكاب حرام فان الالتزام بالاجزاء اشكل. وافاد بان هذا المحذور فيه انما يجري حتى بناءً على كفاية مطلق القدرة.

ووجهه لزوم اجتماع الضدين اذا كان الاتيان بالحج مقدمة لارتكاب محرم. وان الترتب لا يتكفل رفع المشكل في المقام وان تكفل رفعها في مسألة التزاحم وتصحيح الامر بالمهم بعصيان الاهم ورفع محذور التكليف بما لا يطاق.

الا انه افاد (قدس سره) بانه صحح الترتب في باب الضد حتى بناء على المقدمية، وافاد بان تصحيح الترتب في باب الضدين ليس من جهة كفاية اختلاف المرتبة في تصحيح الجمع بين الضدين، بان يكون الامر بالواجب مقدمة ذو مقدمة لارتكاب الحرام فيقع كل ضد في مرتبة غير مرتبة الاخر.

بل من جهة الالتزام بالتفكيك بين جهات الوجود الواحد بحسب حدوده الموجب بعضها لطرد وجود غيره وبعضها لطرد اضداد غيره وان ما هو مبغوض هي الجهة الاولى دون سائر الجهات ومعه لا محذور في تأثير المصلحة وجوب حفظه من سائر الجهات.

وتمام البحث فيما حققه في مقالاته في محله ان شاء‌الله.

وافاد السيد الفيروز آبادي في حاشيته:

«مقصود المصنّف (رحمه الله) أنّ وجوب الحجّ مشروط بعدم وجوب شي‌ء آخر و عدم حرمة شي‌ء آخر مزاحمين له أي لا يتمكّن رعايتهما مع إتيان الحجّ بخلاف وجوب ذلك الواجب أو حرمة ذلك الحرام فإنّه مطلق فلا يجب الحجّ فإنّهما يمنعان عن وجوبه و لا يخفى أنّ الاشتراط و الإطلاق نسبيّان و الحجّ بالنسبة إلى ما ثبت اشتراطه به مشروط و بالنسبة إلى غيره مطلق فمثل الصحّة و تخلية السرب و الزاد و الراحلة شرط و أمّا عدم حرمته ليس في لسان الدليل شرطاً بل هو كعدم وجوب الحجّ بالنسبة إلى وجوب هذا الشي‌ء فالباب باب المزاحمة و لا بدّ من رعاية الأهمّ فربّ مورد يلزم ترك هذا الواجب كالوفاء بالقسم على شرب شي‌ء لذيذ في كلّ يوم في قصر داره بحذاء بستانه و تقديم السبب لا يوجب التقديم كما حقّق في محلّه نعم إن كان ذلك الحكم رافعاً لموضوع الاستطاعة عرفاً فهو مطلب آخر»[2]

وظاهر ما افاده (قدس سره) ان المسألة من مصاديق التزاحم. وهذا في قبال مختار صاحب العروة حيث انه استدل باشتراط الامر بالحج بعدم المانع، وافاد بان وجوب ذلك الواجب مانع مطلقاً سواء كان اهماً او غير اهم. ولذلك التزم بعدم الاجزاء من جهة عدم تحقق الشرط المستلزم لعدم تحقق المشروط اي الامر بالحج.

وكون المسألة من مصاديق التزاحم هو مختار جماعة اخرى من اعلام المحشين.

فافاد الشيخ الاجل كاشف الغطاء:

«ليس المانع هنا مانعاً شرعياً كالحدث في الصلاة بل هو مانع عقلي يدور الترجيح فيه مدار الأهمّ و مع التساوي فالتخيير»[3]

وافاد السيد الخوئي في حاشيته كما مر منه ايضا:

« بل الأمر به موجود إن كان الحجّ أهم منه، و إن كان غيره أهم فالحج أيضاً مأمور به على نحو الترتب على ما ذكرناه في محله.»[4]

وهذا المعنى هو مختار جماعة اخرين حيث افادوا في ذيل قول صاحب العروة (اذا حج مع استلزامه لترك واجب..) بتقييد الواجب في كلامه بالاهم كالسيد البروجردي والسيد الخوانساري.

هذا ويمكن ان يقال:

ان صاحب العروة لا يرى المسألة من صغريات باب التزاحم.

كما مرّ منه سابقاً في مسألة 64:

«إذا استلزم الذهاب إلى الحجّ تلف مال له في بلده معتدّ به لم يجب، و كذا إذا كان هناك مانع شرعيّ من استلزامه ترك واجب فوريّ سابق على حصول الاستطاعة.. .»[5]

فافتى (قدس سره) بعدم وجوب الحج اذا قام مانع شرعي عن وجوبه وذكر من مصاديق المانع الشرعي الذي يوجب سلب القدرة الشرعية للاتيان بالحج. ما لو استلزم الاتيان به ترك واجب فوري سابق على حصول الاستطاعة من دون تقييده بالاهم.

وانه (قدس سره) وان افاد في ذيله:

«... اولا حق مع كونه اهم ...» حيث التزم بعدم وجوب الحج اذا عرض عليه واجب آخر بعد تحقق الاستطاعة اذا كان اهم، ولذا اورد عليه جمع من اعلام المحشين بانه ما الفرق بين السابق واللاحق وان عدم الوجوب انما يكون وجيهاً اذا كان الواجب الاخر اهم سواء كان سابقاً او لاحقاً.

وقد مر ان الوجه فيما اختاره بالنسبة الى الواجب السابق مانعية قيام الواجب عن تحقق الاستطاعة ووجوب الحج ولو كان غير اهم، لاشتراط الاستطاعة بعدم المانع الشرعي كاشتراطه بعدم المانع العقلي بعين ما افاده من الوجه في المقام.

ووجه اختياره عدم وجوب الحج عند قيام الواجب اللاحق مقيداً بكونه اهم هو ان بعدم تحقق الاستطاعة وثبوت الامر فان قيام الواجب الاهم من باب قيام المزاحم، وفي مقام التزاحم لابد من ترجيح الاهم.

نعم، يمكن الايراد على صاحب العروة (قدس سره) في المقام بانه ما الفرق بين المقام ومقام استلزام الاتيان بالحج الحرج او الضرر كما مرّ من السيد الحكيم (قدس سره)، لان قيام المانع عن تحقق الامر لا يوجب رفع الملاك.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo