< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

97/01/27

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: كتاب الحج/ في شرائط وجوب حجة الإسلام/ الاستطاعة

ثم: (قال السيد الخوئي (قدس سره)):ويندفع:و من الواضح أنّ الممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً و إن نافاه خطاباً، فالتكليف و إن كان ساقطاً بمناط امتناع خطاب العاجز إلّا أنّ الملاك الفعلي الملزم موجود، و تفويته مستوجب للعقاب بحكومة العقل، و لأجله لا مانع من تعلّق الزكاة كالقضاء بالكافر كالمسلم بمناطٍ واحد.و يندفع: بأنّ هذا و إن كان ممكناً ثبوتاً إلّا أنّه عارٍ عن الدليل في مرحلة الإثبات، إذ لا طريق لنا إلى استعلام ملاكات الأحكام من غير ناحية الأوامر أنفسها، و المفروض امتناع تعلّق الأمر في المقام، لعدم قبوله للامتثال في حالٍ من الحالات كما عرفت، و معه كيف يستكشف تحقّق المناط و الملاك ليكون تفويته المستند إلى سوء الاختيار مستوجباً للعقاب؟! و هل يمكن دلالة قوله تعالى وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لٰا يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ و لو مع الغضّ عن ذيلها على ثبوت الأمر بالزكاة الذي هو أمرٌ مستحيل كما عرفت؟!و أُخرى:بأنّ دليل التكليف بالزكاة و إن كان قاصر الشمول بالإضافة إلى الكافر كما ذكر، إلّا أنّ أدلّة الوضع التي مرجعها إلى شركة الفقراء معه في المال غير قاصر الشمول له، لعرائه عن أيّ محذور، و نتيجته جواز انتزاع المال منه قهراً أو اختياراً.

و يندفع أيضاً: بما مرّ مراراً من عدم الإطلاق في هذه الأدلّة، لعدم كونها في مقام البيان إلّا من ناحية المقدار بعد الفراغ عن أصل تعلّق الزكاة و أنّها في أيّ مورد ثبتت فمقدارها هكذا، و أمّا أنّها في أيّ مورد تثبت و تجب و في أيّ مورد لا تجب فليست في مقام البيان من هذه الناحية أبداً ليُتمسّك بإطلاقها و يُدّعى شمولها للكافر.

و المتحصّل من جميع ما قدّمناه:أنّه لا دليل على تكليف الكفّار بالزكاة و لا بغيرها من سائر الأحكام المختصّة بالإسلام و أنّها إنّما تتعلّق بالمسلمين خاصّة.و أمّا الكفّار حتى الذمّي منهم فلم يكلّفوا إلّا بالأُصول، إلّا إذا اشتُرِطت عليهم الزكاة كما احتملناه في الرواية المتقدّمة الواردة في قبالة خيبر.نعم:

لا يجوز للذمّي الإجهار بالمنكرات و نحو ذلك ممّا يخالف شرائط الذمّة، و هو أجنبي عمّا نحن بصدده كما هو ظاهر.»[1]

هذا ما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في كتاب الزكاة، وسياتي منه بعض ما يرتبط بالمقام في خلال البحث.

هذا ثم افاد صاحب العروة (قدس سره )بعد قوله: (الكافر يجب عليه الحج اذا استطاع، لانه مكلف بالفروع لشمول الخطابات له ايضاً...)

«ولكن لا يصح منه ما دام كافراً كسائر العبادات وان كان معتقداً لوجوبه وآتياً به على وجهه مع قصد القربة لان الاسلام شرط في الصحة.»قال السيد الحكيم (قدس سره):كما في القواعد و كشف اللثام و الجواهر و غيرها. و قال في المدارك:« لو أسلم وجب عليه الإتيان بالحج مع بقاء الاستطاعة قطعاً، و بدونها في أظهر الوجهين. و اعتبر العلامة في التذكرة- في وجوب الحج- استمرار الاستطاعة إلى زمان الإسلام. و هو غير واضح ..». و في الذخيرة و المستند: الوجوب أظهر. و استدل في الثاني بالاستصحاب. و لم يتعرض‌ فيهما لحديث الجب، و كذلك في المدارك هنا.و كأنه لما في المدارك- في كتاب الزكاة- من ضعفه سنداً. لكن الجبر بالعمل كاف في دخوله في موضوع الحجية. و أما دلالته فواضحة: لأن وجوب الحج عليه بعد الإسلام لما كان مستنداً إلى الاستطاعة السابقة، كان مقتضى قطع ما قبل الإسلام عما بعده عدم سببية الاستطاعة السابقة للوجوب بعد الإسلام.و كذلك الحكم في جميع الأحكام اللاحقة التي لو ثبتت استندت إلى السبب السابق، مثل: وجوب صلاة الآيات بعد الكفر إذا كان حدوث الآية قبله، و وجوب قضاء الصلاة إذا كان مستنداً الى الفوت حال الكفر، و وجوب الغسل إذا كان مستنداً إلى حدوث سببه حال الكفر.نعم: إذا كان القضاء بالأمر الأول- بناء على تعدد المطلوب- فهو مستند إلى وجود المصلحة في الفعل، فلا يقتضي الإسلام سقوطه. و كذلك وجوب الغسل إذا كان مستنداً الى وجود الأثر العيني الخارجي، فلا يقتضي الإسلام سقوطه. و كذلك وجوب التطهير من النجاسة.نعم: قد تشكل دلالة الحديث بملاحظة قرينة السياق في بعض الموارد التي ورد فيها، المقتضية لحمله على رفع العقاب لا غير.

و قد تقدم الكلام في ذلك في كتاب قضاء الصلاة، و كتاب الزكاة.[2]

هذا وافاد تفصيل الاشكال في كتاب الزكاة في ذيل قول صاحب العروة:(لو اسلم الكافر بعد ما وجبت عليه الزكاة سقطت عنه وان كانت العين موجودة، فان الاسلام يجب ما قبله)«كما هو المشهور، بل في مفتاح الكرامة: ما وجدنا من خالف او توقف قبل صاحب المدارك وصاحب الذخيرة، وعن مجمع البرهان انه قال: لعله للاجماع والنص، ويريد بالنص النبوي المشهور: «الاسلام يجب ما قبله.»لكن يمكن ان يستشكل فيه:

اولاً: بوروده مورد الامتثال المنافي لشموله للمقام، لانه خلاف للامتنان بالاضافة الى الفقراء.

وثانياً: بان ظاهر الحديث جب حال الكفر عن حال الاسلام فيختص بما لو كان ثابتاً حال الاسلام لاستند الى ما ثبت حال الكفر، مثل التكليف بقضاء العبادات حال الاسلام، فانه لو ثبت كان مستنداً الى الفوت حال الكفر. فقطع حال الكفر عن حال الاسلام يقتضي ان لا يترتب على الفوت الثابت حال الكفر التكليف بالقضاء حال الاسلام.

وهذا لا يجري في مثل الزكاة، لان حول الحول مثلاً على العين الزكوية يوجب حدوث حق للفقراء، فاذا حدث كان بقاؤه مستنداً الى استعداد ذاته، فاذا اسلم وبقي الحق المذكور للفقراء بعد اسلامه لم يكن بقاؤه مستنداً الى حول الحول حال الكفر ليشمله الحديث، وانما يستند بقاؤه الى استعداد ذاته، فلا يشمله الحديث.ودعوى:ان تعلق حق الفقراء ناشئ من الامر باداء الزكاة، والامر المذكور انما يستند الى حولان الحول حال الكفر، فاذا كان الحديث نافياً لوجود ما لو وجد كان مستنداً الى ما قبل الاسلام كان نافياً للأمر المذكور، واذا انتفى إنتفى الحق المذكور لانتفاء منشئه.فيها منع ذلك جداً:بل الامر بالعكس، فان السبب في الامر بالايتاء ثبوت الحق، كما يقتضيه تعلق الايتاء بالزكاة، تعلق الحكم بموضوعه المقتضي لثبوته في رتبة سابقة عليه نظير قولك: ادفع مال زيد اليه. لا من قبيل: ادفع مالك الى زيد.وبالجملة:ملاحظة مجموع ما ورد في الزكاة من ادلة التشريع يقتضي الجزم بان جعل الحق ثابت في المرتبة السابقة على الامر بالايتاء، والا فالامر بايتاء الانسان ماله الى غيره لا يقتضي بوجه ثبوت حق للغير في ماله، كي يدعي ان الامر بايتاء الزكاة منشأ لثبوت الحق. وقوله تعالى: خذ من اموالهم صدقة... يراد منها ما ذكرنا. ونسبتها الى اموالهم يرادان اصلها من اموالهم، او لانها قبل الدفع لم تتعين زكاة، انما تتعين به.ودعوى:ان الملكية من الاحكام الوضعية، وهي منتزعة من التكليف مندفعة:بما تقرر في محله، من ان الانتزاع لو سلم، فانما هو في غير ما كان مثل المكلية والحقية ونحوهما، مما اخذ موضوعاً للاحكام الشرعية، لامتناع انتزاع الموضوع من حكمه، فراجع المسألة في الاصول.

وثالثاً: بان البناء على عموم حديث الجب يوجب تخصيص الاكثر، اذ لا ريب في بقاء ايقاعاته وعقوده وما عليه من الديون ونحوها على ما هي عليه قبل الاسلام، وذلك يوجب البناء على اجماله، والقدر المتيقن عدم مؤاخذته على الكفر السابق، وليس منه ما نحن فيه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo