< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/07/15

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع:البرائة في الشبهات التحريمية

اما بالنسبة الى المولى الحقيقي:فإن نسبة ‌استقلال العقل بقبح العصيان على المولى – حسب ما مر في تقرير حكم العقل – الى المولى الحقيقي، لا يفترق مع نسبته الى الموالي العرفية.فإن موضوع حكمه بالقبح بالنسبة اليه في المقام العصيان، فإنه قبيح كقبح عصيان الموالي العرفية.وايضا ان الموضوع لحكم العقل لما كان العصيان، فعند احرازه العصيان لحكم المولى يحكم بالقبح. والاحراز عنده على ما مر هو الاحراز العلمي الذي لا يحتمل معه الخلاف.كما انه لو كان للمولى الحقيقي معايير خاصة وحدود منظورة له في مقام اطاعته و عصيانه لكان للعقل ادراكه ايضاً كما مر في الموالي العرفية، فإن الشارع كان بنائه في ايصال تكاليفه على العباد مضافاً الى كفاية الاحراز العلمي، فإنما يكتفى بالظنون الخاصة التي قررها طريقاً الى اغراضه، وكذا بالادلة التي لا تفيد الظن الا انه قررها لتعيين وظيفة العبد عند الشك كالأصول العملية، وإن للعباد العمل بمقتضاها، فإذا خالف غرض المولى الذي يدل عليه دليل مما اعتبره من الامارات وامثالها يعد العبد عاصياً عنده و ليس للعقل ادراك غير هذا، ولكن لا بملاك ما كان الاصل عنده من تحقق موضوع الاطاعة والعصيان عند احراز الغرض علماً، بل بما مر من ان العقل انما يدرك الموضوع اي الاطاعة والعصيان عند احراز المكلف الطرق المنظورة للمولى في التحفظ على اغراضه، فإذا احرز العبد ان ما قامت عليه الامارة ‌لوقع عليه التكليف من المولى وله التحفظ عليه، لحكم العقل بقبح ترك التحفظ عليه عين ما مر في نسبة حكم العقل الى الاطاعة والعصيان بين الموالي والعبيد العرفية.فلا بد في هذا المقام في تحقيق ما هو الموصل لاغراضه حسب ما يراه من الطرق والاصول.فقد مر ان العصيان عند المولى عدم التحفظ على اغراضه مع قيام الحجة عليها، والمراد من الحجة هنا الحجة الشرعية، فما ثبتت حجيته عنده في هذا المقام يلزم العباد التحفظ على التكليف الذي قامت هي عليه، بلا فرق في ذلك بين ما يفيد العلم، وما يفيد الظن، وما لا يحصل منه حتى الظن، كالأصول العملية التي قررها لتعيين وظيفة العبد عند شكه في اغراضه.وفي هذا المقام، ان الاحتمال الذي لا يعتبره المولى حجة لا يلزم رعايته على العبد، بل لو خالفه لا يعد عاصياً عنده، ولو كان الاحتمال المذكور راجحاً اذ المعيار عنده الحجة التي اعتبرها في مقام ايصال اغراضه.نعم، ربما يقال باعتبار الوثوق والاطمينان الذي هو احتمال راجح، ولكن يجري معه احتمال الخلاف بما انه حجة عقلائية، وإن الشرع انما امضى بناء العقلاء على اعتباره في هذا المقام. وأما غير ذلك من الاحتمالات المرجوحة، فإذا ترك العبد التحفظ عليها لا يعد عاصياً عند الشرع، وبتبعه لا يعد عاصيا عند العقل على ما مر تقريبه، ومعه لا حكم للعقل بقبحه، لعدم تحقق الموضوع لحكمه. نعم، ربما يكون للشارع اغراض له مزيد اهتمام فيه بحيث يطلبه عن العبيد حتى في حال جهلهم بها، مثل موارد الاعراض والدماء واموال الناس وامثالها، فإن بناء الشارع في هذه الموارد جعل الاحتياط وتكليف العبد بالتحفظ عليها مطلقا.ولكنها موارد يحتاج جعل الاحتياط الى الاثبات، وبعد ثبوته يكون من الحجة لايصال اغراضه. وإن مخالفته في ذلك مخالفة للتكليف الذي قامت عليه الحجة وهو التحفظ على الاحتمال، فإن التكليف هنا نفس التحفظ و تركه ترك ما قامت عليه الحجة، فيكون عصياناً من هذه الجهة، لا انه عصيان من جهة ترك الغرض الواقعي لكي يشكل عند عدم المصادفة.ومعيار حكم العقل بقبح العصيان فيه، المخالفة للمولى فيما قرره من الطرق الخاصة لاطاعته والتحفظ على اغراضه.وأما بالنسبة الى عموم التكاليف غير هذه الموارد الخاصة التي كان للشارع مزيد اهتمام فيها. فإن ترك التحفظ على احتمال التكليف لا يعد عصياناً عند الشرع و بتبعه عند العقل، لعدم احراز موضوع العصيان له بعد كون العصيان هو المخالفة بعد قيام الحجة.نعم، ان الاخبار يدعى امر الشارع بالتحفظ على الاحتمال في الشبهات التحريمية، وهذا لو ثبت بأن للشارع حكم تكليفي بالتحفظ على احتمال التكليف في جميع نواهيه لا اشكال فيه، و يصير حجة ويلزم على المتعبد التحفظ لقيام الحجة على نفس التحفظ على احتمال الغرض، لا على نفس الغرض فيكون من قبيل الضوابط الخاصة التي قررها المولى في مقام اطاعته، والعقل مستقل بقبح تركه من هذه الحجة.فيكون ترك التحفظ على احتمال النهي قبيحاً عند العقل لاحراز موضوع العصيان عنده بالنسبة الى ذلك، لأن نفس التحفظ على احتماله غرض للمولى وكانت مخالفته عصياناً لغرضه فيكون قبيحاً.ولكن الكلام في اثبات ذلك. ومع عدم اثباته لا وجه لكون الاحتمال بصرف كونه احتمالاً للغرض منجزاً للتكليف وعد مخالفته عصياناً.وهذا معنى ما افاده الشيخ في آخر بحثه بأن قاعدة القبح انما يفيد لرفع التكليف اذا لم يتم ما ذكره الاخباريون من وجوب الاحتياط في الشبهات التحريمية.وعليه فإن قاعدة القبح التي هي من المستقلات العقلية، ويكون نتيجتها البرائة العقلية. لا تعارض ادلة الاخباريين بل كانت محكومة لها في فرض اثباته.ولكن لو تمت الأدلة الشرعية كالآيات والاخبار على البرائة في الشبهات، اي عدم وجوب التحفظ على احتمال التكليف، ولا تكون راجعة الى حكم العقل بقبح العقاب او قبح العصيان، وكانت تعبداً من الشرع في مقام تعيين وظيفة المكلف عند الشك، لتعارضت مع ما استدل به الاخباريون من ادلة وجوب الاحتياط في الشبهات على فرض تماميتها. وهنا نكتة:انه قد مر عند بيان النسبة بين حكم العقل والموازين الجارية بين الموالي والعبيد العرفية، انه لو بادر العبد على التحفظ على احتمال اغراض مولاه ولا يثبت امر من المولى له بذلك، فإن نفس التحفظ على الغرض المحتمل من المولى والاهتمام بمرضاته تعد اطاعة فتكون حسنة عقلاً، وهذا المعنى في الشرع وعند المولى الشرعي ايضاً كذلك، فإنه محبوب للمولى واطاعة له، ويتبعه حكم العقل بالحسن، ولكن ليس معناه ان تاركه يكون عاصياً، ويتصف ما يفعله بالقبح عند العقل.وهذا معنى حسن الاحتياط في جميع الامور، اذا عرفت هذا:فقد ظهر ان الصغرى لحكم العقل اي استقلال العقل بالقبح في مقام العصيان، والعصيان هو مخالفة المولى بعد احراز تكليفه، فإنه ظلم على المولى فيكون قبيحاً، وأما اذا لم يحرز التكليف له بأي وجه من وجوه الاحراز، وليس عنده الا احتماله، فترك الاحتمال المذكور ليس عصياناً على المولى فلا يكون ظلماً ولا يكون قبيحاً. وإذا خالف العبد احتمال التكليف ولم يحتفظ عليه، فلا وجه لعده عصياناً على ما مر، فليس على المولى عقابه او مؤاخذته، بل لوعاقبه كان ظلماً، ‌وجهة كونه ظلماً انه خلاف للموازين الجارية بين الاماء والعبيد، ووضع للشيء في غير محله، لأن المؤاخذة من الامور المترتبة على العصيان، فالمؤاخذة على العصيان وضع للشيء في محله، وأما على ما لا يتحقق في مورده العصيان خروج عن الموازين الجارية عند العقل، لعدم كون ترك احتمال التكليف تركاً للتكليف عن احراز وعن حجة.وهذا هو الضابطة في تحقق الموضوع للظلم الذي استقل العقل بقبحه.وبما حققناه قد ظهر:انه لا حاجة في مقام تحقيق الموضوع لحكم العقل القول بعدم استناد ترك الغرض الى العبد، او القول بعدم الداعوية في التكليف مع عدم تحقق الوصول، كما عرفت في كلام المحقق النائيني (قدس سره).كما لا وجه للقول بأن نفس احتمال الغرض للمولى ولو المولى الحقيقي منجزة للغرض والتكليف على وجه مطلق، كما عرفت فيما افاده السيد الاستاذ (قدس سره)، وايضاً انه لا وجه للقول بأن العبودية في الشرع وبين العبيد والمولى الحقيقي تفترق مع ما بين الموالي والعبيد العرفية، وإن بالنسبة الى المولى الحقيقي كان العبد ملكاً له، ويتصرف فيه ما شاء، لما مر من ان هذا وإن كان حقاً وواقعاً ان المولى الحقيقي في تعاملاته مع عبيده لا يخرج عن الموازين الجارية بين الموالي والعبيد العرفية، وأنه لا يؤاخذ العبد لا عن حجة، لئلا يكون للناس عليه حجة، كما اعترف (قدس سره) به عند البحث في دلالة قوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً}،كما انه يتم ما افاده السيد الاستاذ في المقام، من ان التكليف هو جعل ما يقتضي الداعوية خلافاً للشيخ الاصفهاني (قدس سره)، القائل بأنه جعل ما يمكن ان يكون داعياً كما حقق في محله.وأما بالنسبة الى ما اورد عليه بقوله (قدس سره):«ان حكم العقل بقبح العقاب لأنه ظلم لا يتأتى على مسلكه في حكم العقل من كونه بملاك حفظ النظام، لان الظلم مخل بالنظام نوعا، وهو قبيح، كما صرح به ههنا. إذ أي نظام يحافظ عليه بقبح الظلم في العالم الأخروي، هل هو نظام ذلك العالم وهو مما لا نعرف كيفيته وشؤونه.. »فإنما يرد ذلك على المحقق الاصفهاني نقضاً لأنه افاد عند البحث عن قاعدة ‌لزوم دفع الضرر المحتمل بناء على كون المراد من الضرر العقاب:

«ان الاقدام على العقاب يكون اقداماً على ما يترتب في نشأة اخرى اجنبية عن انحفاظ النظام وعدمه...».[1]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo