< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/11/21

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: اصول عمليه/ اصالة عدم التذكية

وقد ذكر هذا الامر الشيخ (قدس سره) بعنوان الامر الخامس من الامور التي ينبغي التنبيه عليها.قال (قدس سره):

الخامس: أن أصالة الإباحة في مشتبه الحكم إنما هو مع عدم أصل موضوعي حاكم عليها، فلو شك في حل أكل حيوان مع العلم بقبوله التذكية جرى أصالة الحل، وإن شك فيه من جهة الشك في قبوله للتذكية فالحكم الحرمة، لأصالة عدم التذكية، لأن من شرائطها قابلية المحل، وهي مشكوكة، فيحكم بعدمها وكون الحيوان ميتة.

ويظهر من المحقق والشهيد الثانيين (قدس سرهما) فيما إذا شك في حيوان متولد من طاهر ونجس لا يتبعهما في الاسم وليس له مماثل: أن الأصل فيه الطهارة والحرمة.

فإن كان الوجه فيه أصالة عدم التذكية، فإنما يحسن مع الشك في قبول التذكية وعدم عموم يدل على جواز تذكية كل حيوان إلا ما خرج، كما ادعاه بعض. وإن كان الوجه فيه أصالة حرمة أكل لحمه قبل التذكية. ففيه:

أن الحرمة قبل التذكية لأجل كونه من الميتة، فإذا فرض إثبات جواز تذكيته خرج عن الميتة، فيحتاج حرمته إلى موضوع آخر. ولو شك في قبول التذكية رجع إلى الوجه السابق، وكيف كان: فلا يعرف وجه لرفع اليد عن أصالة الحل والإباحة.

نعم، ذكر شارح الروضة - هنا - وجها آخر، ونقله بعض محشيها عن الشهيد في تمهيد القواعد.

قال شارح الروضة: إن كلا من النجاسات والمحللات محصورة، فإذا لم يدخل في المحصور منها كان الأصل طهارته وحرمة لحمه، وهو ظاهر، انتهى. ويمكن منع حصر المحللات، بل المحرمات محصورة، والعقل والنقل دل على إباحة ما لم يعلم حرمته، ولذا يتمسكون كثيرا بأصالة الحل في باب الأطعمة والأشربة.

ولو قيل: إن الحل إنما علق بالطيبات في قوله تعالى: (قل أحل لكم الطيبات) المفيد للحصر في مقام الجواب عن الاستفهام، فكل ما شك في كونه طيبا فالأصل عدم إحلال الشارع له.

قلنا:

إن التحريم محمول في القرآن على " الخبائث " و " الفواحش "، فإذا شك فيه فالأصل عدم التحريم، ومع تعارض الأصلين يرجع إلى أصالة الإباحة، وعموم قوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إلي)، وقوله (عليه السلام): " ليس الحرام إلا ما حرم الله ".

مع أنه يمكن فرض كون الحيوان مما ثبت كونه طيبا. بل الطيب ما لا يستقذر، فهو أمر عدمي يمكن إحرازه بالأصل عند الشك، فتدبر.»[1]

وحاصل الكلام في هذا التنبيه:ان اصالة ‌البرائة انما تجري في ما اذا لم يكن اصل موضوعي في مورده، ضرورة ان البرائة اصل حكمي، واذا فرض جريان اصل في موضوعها فيما ان الاصل الجاري في الموضوع متقدم علي الاصل الجاري في الحكم، وأن الموضوع انما له رتبة العلية بالنسبة الي الحكم، فلا محالة ان الاصل الجاري في الموضوع بما انه اصل سببي يقدم علي الاصل الجاري في الحكم بما انه اصل سببي. ولا كلام في تقدم الاصل السببي بالنسبة الي الاصل المسببي عند الكل.انما الكلام وقع في ان تقدمه انما يكون بالحكومة او الورود.

فظاهر الشيخ (قدس سره) ان تقدمه يكون بالحكومة حيث عبر «ان اصل البرائة في مشتبه الحكم انما هو مع عدم اصل موضوعي حاكم عليه».

وصريح صاحب الكفاية (قدس سره) ان تقدمه يكون بالورود حسب ما افاد (قدس سره): «انه انما تجري اصالة‌ البرائة شرعاً وعقلاً فيما لم يكن هناك اصل موضوعي مطلقا، ولو كان موافقاً لها – فانه معه لا مجال لها اصلاً، لوروده عليها كما يأتي تحقيقه».

هذا كله مما لا كلام فيه في الجملة. انما الكلام في المقام فيما مثل به الشيخ (قدس سره) في المقام، و هو اصالة عدم التذكية فيما اذا شك في اكل حيوان مع جهة الشك في قبوله التذكية، فإنه يحكم بالحرمة بمقتضي اصالة عدم التذكية، ولا سبيل لجريان البرائة فيه.والبحث هنا في ان مع الشك في حلية حيوان لأجل الشك في التذكية، فهل تجري اصالة عدم التذكية، ومعه لا مجال لاصالة البرائة، او لا تجري الاصل المذكور.والشبهة في المقام تارة ‌حكمية وتارة موضوعية.فالشبهة الحكمية: تارة تنشأ من الشك في قابلية الحيوان للتذكية فيشك في حليته لاجل الشك في قابليته لها. كالحيوان المتولد من الغنم والكلب ولم يلحق احدهما في الاسم.وتارة‌ يكون الشك راجعاً الي الشك في حلية اكل لحمه ذاتاً كالأرنب مثلاً مع العلم بقابليته للتذكية.

والشبهة الموضوعية: تارة تنشأ من الشك في حلية لحم الحيوان و يكون الشك راجعاً الي الشك في تحقق التذكية.

وتارة ‌يكون الشك راجعاً الي الشك في كون اللحم من محلل الاكل كالغنم او محرمه كالثعلب مثلاً مع العلم بتحقق التذكية.وليعلم ان البحث في جريان اصالة عدم التذكية في ما كان الشك راجعاً في الشبهة الي الشك من جهة‌ الشبهة في الحكم – الشبهة ‌الحكمية – يتوقف علي امرين:

1 - عدم وجود ما دل بعمومه او اطلاقه علي قبول كل حيوان للتذكية الا ما خرج بالدليل.

وأما مع وجود ما دل عليه بعمومه او اطلاقه. كان متكفلاً لاثبات القابلية في مورد الشك، فلا مجال لجريان اصالة عدم التذكية.

2 - ان يكون الموضوع لحرمة ‌اللحم امراً عدمياً هو غير المذكي اي ما لم يذك، لا امراً وجودياً مثل عنوان الميتة – بناء علي القول بأن الميتة عنوان – وجودي.

توضيح ذلك:ان في هذا المقام اقوال ثلاثة:

القول الاول: ان موضوع الحرمة والنجاسة هو الميتة. والميتة عنوان وجودي لازم لعدم التذكية، وليس عنوان الميتة عبارة ‌عن عين ما لم يذك.

القول الثاني:ا ن موضوع الحرمة والنجاسة عنوان عدمي وهو عنوان ما لم يذك او غير المذكي.

القول الثالث: ان موضوع حرمة الاكل امر عدمي هو غير المذكي، وموضوع النجاسة امر وجودي هو عنوان الميتة – مثلا وعلي القول بكونه امراً وجودياً – وهو المنسوب الي المحقق والشهيد الثانيين.

وقد مر في كلمات الشيخ (قدس سره):« ويظهر من المحقق والشهيد الثانيين (قدس سرهما) فيما إذا شك في حيوان متولد من طاهر ونجس لا يتبعهما في الاسم وليس له مماثل: أن الأصل فيه الطهارة والحرمة. فإن كان الوجه فيه أصالة عدم التذكية، فإنما يحسن مع الشك في قبول التذكية وعدم عموم يدل على جواز تذكية كل حيوان إلا ما خرج، كما ادعاه بعض. وإن كان الوجه فيه أصالة حرمة أكل لحمه قبل التذكية.

ففيه: أن الحرمة قبل التذكية لأجل كونه من الميتة، فإذا فرض إثبات جواز تذكيته خرج عن الميتة، فيحتاج حرمته إلى موضوع آخر.

ولو شك في قبول التذكية رجع إلى الوجه السابق.

وكيف كان: فلا يعرف وجه لرفع اليد عن أصالة الحل والإباحة.» [2]

فإنهما حكما بحرمة اكل الحيوان المتولد من حيوانين، احدهما محلل الأكل والآخر محرمه، ولم يلحق احدهما بالاسم.و – حكما – بطهارته.فإذا كان موضوع الحرمة هو الأمر الوجودي مثل عنوان الميتة، فإنه لا تنفع اصالة عدم التذكية – علي تقدير جريانها – لاثبات الحرمة‌ الا بناءً علي الاصل المثبت، لأن جريان اصالة عدم التذكية في الحيوان لا يثبت كونه ميتة – الا بالاصل المثبت – لأن عنوان الميتة لازم لعدم التذكية عقلاً. فلا بد من فرض الموضوع غير المذكي – اي موضوع الحرمة – لترتب الحرمة علي اصالة عدم التذكية ترتب الحكم علي موضوعه. هذا.ثم ان صاحب الكفاية (قدس سره) ذهب الي جريان اصالة عدم التذكية مع الشك في قابلية الحيوان للتذكية، وحكم بحرمة ‌اللحم. لأن الحرمة تترتب علي عنوان غير المذكي كما تترتب علي عنوان الميتة. قال (قدس سره):« فلا تجري - مثلا - أصالة الإباحة في حيوان شك في حليته مع الشك في قبوله التذكية، فإنه إذا ذبح مع سائر الشرائط المعتبرة في التذكية، فأصالة عدم التذكية تدرجه فيما لم يذك وهو حرام إجماعا، كما إذا مات حتف أنفه، فلا حاجة إلى إثبات أن الميتة تعم غير المذكى شرعا، ضرورة كفاية كونه مثله حكما. وذلك بأن التذكية إنما هي عبارة عن فري الأوداج الأربعة مع سائر شرائطها، عن خصوصية في الحيوان التي بها يؤثر فيه الطهارة وحدها أو مع الحلية.

ومع الشك في تلك الخصوصية فالأصل عدم تحقق التذكية بمجرد الفري بسائر شرائطها، كما لا يخفى.»[3]

وتحقيق الحال فيما ذهب اليه (قدس سره):ان المحتملات المذكورة لمعني التذكية ثلاثة:

الاول: انها عبارة عن المجموع المركب من الافعال الخاصة ـ كفري الاوداج بالحديد والبسملة ـ ومن قابلية المحل، فتكون قابلية المحل مأخوذة في معني التذكية علي نحو الجزئية.

الثاني: ان التذكية عبارة عن مجرد الافعال الخاصة، ولكن بقيد ورودها علي المحل القابل، فالقابلية مأخوذة بنحو الشرطية، وخارجة عن مفهوم التذكية.

الثالث: انها عبارة عن امر بسيط وجداني يترتب علي الافعال الخاصة، نظير الطهارة بالنسبة الي افعال الوضوء.

فبناءً علي المعني الثالث:يصح اجراء اصالة عدم التذكية عند الشك في تحققها، لأنها امر حادث مسبوق بالعدم، فيستصحب مع الشك في ارتفاعه بالوجود سواء في ذلك موارد الشبهة الحكمية والموضوعية.

وأما بناءً علي الاول. فمع الشك في ثبوت القابلية للحيوان يشكل استصحاب عدمها، لأنه ليس لها حالة سابقة، بل الحيوان عند وجوده اما ان يكون له قابلية او لا يكون، وليس وصف المجموع هو الموضوع له كي يستصحب عدمه مع الشك، بل الموضوع له هو ذوات الاجزاء، والتعبير بالمجموع طريقي.

وهكذا الحال بناء علي الثاني.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo