< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

93/12/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: اصول عمليه/ اصالة عدم التذكية

هذا وقد ظهر ان الخصوصية في كلام صاحب الكفاية (قدس سره) بقوله:

« وذلك بأن التذكية إنما هي عبارة عن فري الأوداج الأربعة مع سائر شرائطها، عن خصوصية في الحيوان التي بها يؤثر فيه الطهارة وحدها أو مع الحلية.»[1]

يراد بها القابلية، وهي الحيثية التي توجب تأثير الذبح بشرائطه في حلية الحيوان وطهارته.

وقد قرر (قدس سره) ان «مع الشك في تلك الخصوصية فالأصل عدم تحقق التذكية بمجرد الفري بسائر شرائطها.»

فيما فرضه من «... حيوان شك في حليته مع الشك في قبوله التذكية.»

بفرض رجوع الشك فيه الي القابلية، بأن يعلم وقوع الذبح عليه بشرائطه، لكنه يشك بأن في الحيوان قابلية لقبول التذكية ام لا، فتجري اصالة عدم التذكية.وقد مر في ضمن بيان كلمات الاعلام، ان هذه الخصوصِية او القابلية أو اي تعبير قيل، هل تكون مجري الاصل بعنوانها او لا. وقد عرفت ان الخصوصِية المذكورة من العوارض الذاتية للحيوان، لا تكون له الحالة السابقة العدمية، حتي بناء علي جريان استصحاب العدم الازلي لما مر من ان مجريها العوارض الوجودية التي يمكن فرض عدم ثبوتها حال تكون الحيوان علي فرض القول بجريان استصحاب العدم الازلي، كما عرفت في كلام الشيخ الاصفهاني وسيدنا الاستاذ (قدس سره).كما انه قد عرفت ان مع فرض كونها من العوارض الذاتية اي ما كان عارضاً علي حقيقة الحيوان وماهيته دون وجوده، لا تكون مجري استصحاب عدم التذكية.ومع فرض كونها من عوارض الوجود، فإنها تكون مجري الاصل اذا امكن تصويرها معروضا للحكم الشرعي او ذا اثر شرعي. وتصوير كونه معروضا للحكم انما يمكن بما قرره المحقق العراقي (قدس سره) من المحتملات الثلاثة، وإن كان تصوير المحتملين منهما كان مذكوراً في كلام المحقق النائيني (قدس سره) في بيان معني التذكية:

وهي الاول: ان التذكية هي امر بسيط محصلة من الذبح بشرائطه والقابلية.

الثاني: ان التذكية هي نفس الذبح بشرائطه وأن قابلية غير داخلة في مفهوم التذكية، الا انها شرط لتأثير التذكية في الحكم الشرعي من الحلية والطهارة.

هذا المحتملان قررهما المحقق النائيني واختار نفسه الاحتمال الثاني.

وزاد المحقق العراقي (قدس سره) علي ما مر في كلامه صورة اخري.

وهي ان التذكية هي المجموع المركب من الافعال الخاصة ـ اي الذبح بشرائطه مع القابلية ـ.

والفرق بينهما وبين الصورة الاولي هو ان علي الاول ان التذكية امر بسيط محصل عن هذا المركب، وفي هذه الصورة ان التذكية هي نفس المركب منهما، وإن اختار نفسه ما اختاره المحقق النائيني من الاحتمال الثاني.

اما الاحتمال الاول:فظاهره ان التذكية موضوع للحكم بالطهارة والحلية، غير ان الموضوع امر بسيط محصل من الافعال الخاصة والقابلية.والتزم العلمان بأن التذكية بهذا المعني قابلة لجريان الاصل، لأن المحصل غير نفس القابلية، والشك في القابلية راجع الي الشك في تحقق الامر المحصل ومقتضي الأصل عدمه.ويمكن ان يلاحظ فيه:بأن التذكية وإن كانت بناءً علي هذا الاحتمال امراً بسيطاً، الا انه محصل من امرين احدهما ليس له حالة سابقة، والمشكل هنا في ان المحصل من مثلهما لا يتم احراز الحالة السابقة فيه، اذ اليقين السابق لا يتعلق الا باحدهما. وكون المحصل امراً بسيطاً يتحصل منهما لا يتكفل لرفع الاشكال.وقد تعرض لهذا الاشكال المحقق النائيني في الفوائد، ولم يتعرض له في اجود التقريرات ولا المحقق العراقي، فيما نقل عنه الشيخ البروجردي في نهاية الافكار، وقد مر نقل الاشكال في الفوائد.« أن التذكية لو كانت مركبة من قابلية المحل وفعل المذكى، والمفروض أنه قد تحقق أحد جزئيها - وهو فعل المذكى - فلم يبق إلا الجزء الآخر وهو ليس له حالة سابقة فلا معنى لاستصحاب عدم التذكية المركبة من جزئين قد تحقق أحد جزئيها وجدانا والجزء الآخر ليس مما تعلق به اليقين سابقا لعدم العلم به. »وقد اجاب المحقق النائيني (قدس سره) عن الاشكال:

« فان المفروض أن التذكية ليست مركبة من جزئين، بل هي عبارة عن الأمر البسيط المتحصل من مجموع الأمرين، وهذا المعنى البسيط كان مقطوع العدم في حال حياة الحيوان قبل ورود فعل المذكى عليه، وبعد ورود فعل المذكى يشك في وجوده فيستصحب عدمه، غايته أن جهة اليقين والشك تختلف، فإنه في حال الحياة كانت جهة اليقين بعدم التذكية عدم ورود فعل المذكى عليه وهذه الجهة قد انتفت بورود فعل المذكى عليه، وجهة الشك في كونه مذكى هي قابليته للتذكية. واختلاف جهة الشك واليقين لا يضر بالاستصحاب. نعم: لو كانت التذكية عبارة عن نفس المجموع المركب لم يكن للاستصحاب مجال، فتدبر جيدا.»[2]

ويمكن ان يلاحظ في هذا الجواب:انه (قدس سره) قد اكد في مقام دفع التوهم علي جهات:

1 – كون المتحصل من الافعال الخاصة والقابلية امر بسيط.

2 – ان هذا الأمر البسيط كان مقطوع العدم حال حياة الحيوان، وكان مشكوكاً بعد ورود فعل المذكي عليه.

3 – ان جهة اليقين والشك مختلفتان، كانت جهة اليقين في حال الحياة عدم ورود فعل المذكي، وكانت جهة الشك بعد ذهاق الروح بفري الاوداج مع شرائطه تأثير التذكية المذكورة في حصول الطهارة والحلية، وبعبارة اخري القابلية، فإنه يشك بعد ورود فعل المذكي في قابلية الحيوان للتذكية.

وأفاد بأن اختلاف جهة اليقين والشك لا يضر بالاستصحاب.

اما جهة الاولي، ففي الحقيقة ان الامر البسيط المذكور المعبر عنه بالتذكية لا واقع له في مقام التأثير في الحكم، بل المؤثر حقيقة المحصل المركب من الافعال الخاصة والقابلية، واليقين بالحالة السابقة العدمية في مقام جريان الاصل يلزم تحققه في كلا الجزئين لا في جزء دون جزء، كما اعترف به في آخر كلامه.

ووساطة الامر البسيط المنتزع عن هذا المركب لا يغير شيئاً بحسب الواقع ونفس الأمر.

كما انه (قدس سره) قد مثل له بالطهارة الحاصلة من الغسلات والمسحات، فإنه لا شبهة في ان مع اليقين بالحالة السابقة العدمية في كل من اجزاء الغسل او الوضوء ينتج عدم حصول الطهارة، وبطلان كل ما يترتب عليها.

هذا مع المناقشة في المثال من حيث ان الطهارة المحصلة انما هي بنفسها حكم شرعي وصفي، ولا يتم كون التذكية بمعني الامر البسيط المنتزع من المركب المذكور حكماً شرعياً.

نعم، يمكن القول بأن التذكية بنفسها حكم وضعي، الا انه يتم كون الحكم الوضعي هو المحصل من مجموع فعل المذكي والقابلية.

وأما جهة الثانية:

فإن ما افاده (قدس سره) من الامر البسيط المذكور المعبر عنه بالتذكية كان مقطوع العدم حال حياة الحيوان، ومشكوكاً بعد ورود فعل المذكي عليه.

فيلاحظ فيه:ان الحيوان حال حياته ليس موضوعاً للتذكية وعدم التذكية، فلا يقال للبقر الحي انه غير مذكي.نعم ان الحيوان حال حياته يصدق عليه بأنه لم يرد عليه الذبح او الذبح الخاص بشرائطه، ولا يتصف بعدم التذكية اي عدم الاتصاف بالأمر البسيط المحصل من المركب المذكور.وما يتصف به حال حياته وهو عدم ورود الذبح بشرائطه عليه، قد ينقض بورود الذبح المذكور عليه، فلا يبقي مجال للشك في هذه الجهة.نعم ان هنا شك في تأثير هذا الذبح الخاص في حصول الطهارة والحلية بعد وقوعه، وهذا ما عبر عنه بالقابلية او يعبر عنه بخصوصية في الحيوان بها تؤثر الذبح فيه من جهة حصول الطهارة والحلية.ولكن هذه الجهة اي القابلية ليس لها حالة سابقة عدمية، لا في حال حياة الحيوان ولا في حال ذهاق روحه، فكيف يمكن اجراء الاصل. وأما الجهة الثالثة:فأفاد (قدس سره) ان جهة اليقين والشك مختلفان. ففيه: ان في الاستصحاب يلزم تعلق الشك بنفس ما تعلق به اليقين سابقاً. ولا معني لأن يكون متعلق اليقين غير متعلق الشك. وفي هذا المقام انه قد صرح بأن جهة اليقين في حال الحياة عدم ورود فعل المذكي، فإن عدم ورود الذبح ليس جهة اليقين، بل هو متعلق اليقين، وبورود الذبح قد انتقض العدم بالوجود فلا موجب للشك. وبعد ورود الذبح الخاص، وإن كان يشك في تأثيره في الحكم من جهة قابلية الحيوان للتذكية، الا ان القابلية هي متعلق الشك دون جهة الشك، فإنه لا شبهة في تعلق الشك به في الحال، الا انه لا وجه لجريان الاصل، لأن الحالة السابقة العدمية للقابلية ليست متعلقة لليقين السابق، واليقين السابق لم يتعلق بها.

نعم انه (قدس سره) كان في صدد بيان ان اليقين والشك انما يتعلق بالتذكية وعدمه، وهي امر بسيط غير موجود سابقاً حال حياة الحيوان مشكوكة لاحقاً، فمتعلق اليقين والشك نفس التذكية التي هي امر بسيط. ولكنه يمكن ان يقال: ان المؤثر في حصول الحكم في المقام ليس هذا الأمر البسيط بعنوانه، بل المؤثر الذبح الخاص في حيوان قابل، وانتزاع العنوان البسيط عن هذه المجموعة المركبة لا يغير الواقع من حيث تعلق اليقين والشك، فإن موضوع الأثر ليس عنوان البسيط بنفسه، بل الموضوع هو حقيقة التذكية التي كان في المقام المجموع المركب، ومنشأ الانتزاع والمحصل لهذا المحصل، وعليه فإن هذا المحتمل من معاني التذكية لا يتم المساعدة عليه.

وقد اجاد المحقق النائيني (قدس سره) في عدم اختياره هذا المحتمل بعنوان معني التذكية.

ومما ذكرناه يظهر الوجه في المناقشة في المحتمل الثالث، الذي صوره المحقق العراقي (قدس سره) مضافاً الي هذا المحتمل، والمحتمل الثاني الذي قررهما المحقق النائيني من ان التذكية عبارة عن المركب من الذبح بشرائطه مع القابلية.اما المحتمل الثاني من معاني التذكية.

فأفاد المحقق النائيني (قدس سره) بأن التذكية عبارة عن نفس فري الاوداج بشرائطه، وإن القابلية غير دخيلة في مفهوم التذكية بهذا المعني.

وعليه لا مانع من جريان استصحاب عدم التذكية فيما اذا شك في ورود فعل المذكي بشرائطه. وهذا تام لا اشكال فيه.الا ان المهم في المقام ان التذكية بهذا المعني لا تؤثر في حصول الحكم اي طهارة المذكي وحليته، بل لا اثر له بوجه.وإن هنا شرط هو المؤثر في حصول الحكم بالذبح وهو القابلية، فإن القابلية غير دخيلة في معني التذكية، لكنه شرط لتأثير التذكية في تحقق الحكم.

وقد افاد (قدس سره) بأن الشرط المذكور اي القابلية ليست مجري الاصل، ولذا لو شك في تأثير التذكية من جهة لا وجه لاستصحاب عدم القابلية.لأنه ليس لها الحالة السابقة، فيكون المورد مجري الحلية والطهارة، وهذا تام ايضاً. غير ان بناءً علي هذا القول يشكل ايضاً من جهة ان التذكية بهذا المعني ليس موضوعاً للأثر بعنوانه مع غمض العين عن القابلية، حيث انه لا يترتب علي التذكية ـ بهذا المعني ـ لا الحلية ولا الطهارة، بل ان موضوع الأثر ورود التذكية بحيثية خاصة، وهي ضميمة القابلية لها، فموضوع الأثر في الحقيقة التذكية بهذا المعني، اي المجموع من التذكية بمعني الذبح والقابلية، فظهر:

انه لا تنحل المشكلة في جريان استصحاب عدم التذكية من جهة الابهام في عنوان القابلية او الخصوصية، وتمام المشكل فيه عدم امكان تصوير الحالة السابقة العدمية فيها.وكل من المحتملات المذكورة في مفهوم التذكية انما هو في الحقيقة نحو فرار او توجيه في مقام دفع المشكلة، وقد عرفت انه لا محصل لها. وبما ذكرنا ظهر الوجه في المناقشة فيما افاده المحقق العراقي (قدس سره)، طابق النعل بالنعل.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo