< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

94/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: اصول عمليه/ التنبيه الثالث: قاعدة التسامح في أدلة السنن

ولا يرد عليها المناقشات السابقة.

والذي يقال: هو ان قوله (عليه السلام): «وإن كان رسول الله لم يقله» في صحيحة هشام بن سالم السابقة عن ابي عبدالله (عليه السلام).

او قوله: «وإن لم يكن الأمر كما بلغه في غيرها».

ظاهر في ان اعطاء الثواب ليس بلحاظ حال العمل بحسب الواقع ونفس الأمر، بل انما يعطي حتي اذا كان الفعل بذاته غير حامل للثواب، بمعني انه ليس فيه اقتضاء للثواب. وهذا انما يشعر بأن اعطاء الثواب ليس لأجل الاستحقاق.ومعه فإن اتصاف الفعل المأتي به بالمحبوبية، يتوقف علي ثبوت تعبد في هذه الاخبار يوجب حدوث المحبوبية فيها، كما افاده المحقق النائيني (قدس سره) من تنظير المورد بموارد العناوين الثانوية.والمشكل فيه انه لا دلالة بل لا اشعار في هذه الاخبار علي مثل هذا التعبد. وترتب الثواب علي الفعل – علي ما مر – كاشف اعم من مطلوبية الفعل حال ترتبه، لأن احتمال التفضل علي ايّ حال جار في مدلول الاخبار ولا دافع اساسي له.وكذا ان ترتب الثواب كما انه يحتمل ان يكون لأجل الترغيب والتشويق يحتمل ان يكون لعدم يأس العامل، وعدم حرمانه عما اتي به بداعيه. ولو لم نقل بأنه لا دلالة في هذه الاخبار علي الترغيب فلا اقل من قوة ظهور الاحتمال الثاني في مدلولها. وكذا نحن لا ندعي سوق هذه الاخبار لبيان حال العمل بعد وقوعه الا من حيث ترتب الثواب، فإن صريح الاخبار ان العمل المذكور اذا تحقق وصدر من العامل فإنما يترتب عليه الثواب من دون ان يكون فيها اي دلالة علي جهته ترتب الثواب من محبوبية الفعل او استحقاق الثواب في اتيانه، بل – ان حسب ما مر تفصيله – ترتب الثواب علي الفعل وإن لم يكن في الواقع جهة‌ لترتب الثواب عليها، انما يدل علي ان ترتبه ليس لأجل كونه حاملاً لأي محبوبية او مطلوبية، او وجه لكونه حاملاً للثواب او يستحق عامله. فإنما يترتب الثواب علي الاتيان سواء كان في الواقع مطلوباً او لا، ومن الواضح ان العمل لا يتغير حاله بالاتيان من هذه الجهة – الا ان نلتزم بمقالة المحقق النائيني بحدوث المطلوبية فيه – فيلزم ان يكون ترتب الثواب لأجل التفضل.

وبالجملة: انه لا دلالة لهذه الاخبار علي حال العمل قبل الاتيان بوجه، بل انها ناظرة الي حال العمل بعد الاتيان من حيث ترتب الثواب عليه فقط لا غير، ومعه فلا وجه لادعاء تبادر ظهورها الي بيان حال العمل قبل الاتيان، بل ان فيها دلالة علي عدم كونها ناظرة لحاله قبل العمل بمقتضي قوله (عليه السلام) وان لم يكن الأمر كما بلغه.

ومعه فليس في نفس العمل اقتضاء من جهة ترتب الثواب حتي يرجع الأمر الي استحقاق الثواب، او كاشفية الثواب عن رجحان في العمل.

والنتيجة: ان هذه الاخبار مفادها الاخبار بتفضل الله تعالي من غير ان يكون فيها دلالة علي الترغيب والتشويق والحث نحو العمل علي ما يترائي من تنظير الشيخ (قدس سره) وبذلك يفترق مفادها عن مثل قوله تعالي: من جاء بالحسنة فله عشر امثالها، او ما ورد من ترتب الثواب علي نية الخير بل ان مفادها: ان من اتي بفعل بمقتضي ما بلغه فيه من الثواب قد اتاه بفضله ولا يخيبه.

ومما حققناه قد ظهر المناقشة فيما افاده السيد الخوئي (قدس سره) في المقام، حيث انه قد افاد ان المحتمل في هذه الاخبار وجوها ثلاثة، وقرر الاحتمال الاول: ان يكون مفادها الارشاد الي حكم العقل بحسن الانقياد و ترتب الثواب علي الاتيان بالعمل الذي بلغ عليه الثواب وإن لم يكن الأمر كما بلغه.وقد اختاره بعد رد الاحتمالين الاخريين – وهما ان يكون مفادها اسقاط شرائط الحجية في الخبر في باب المستحبات، وأن يكون مفاد استحباب العمل بالعنوان الثانوي.وقال في مقام ترجيح الاحتمال الاول: فالمتعين هو الاحتمال الأول، فان مفادها مجرد الاخبار عن فضل ( الله تعالى ) وأنه سبحانه بفضله ورحمته يعطي الثواب الذي بلغ العامل ، وإن كان غير مطابق للواقع. فهي - كما ترى - غير ناظرة إلى العمل ، وأنه يصير مستحبا لأجل طرو عنوان البلوغ ، ولا إلى إسقاط شرائط حجية الخبر في باب المستحبات . فتحصل أن قاعدة التسامح في أدلة السنن مما لا أساس لها.

وبما ذكرناه من عدم دلالة هذه الأخبار على الاستحباب الشرعي سقط كثير من المباحث التي تعرضوا لها في المقام.»[1]

فإن ما افاده (قدس سره) تام في عدم تمامية دلالة هذه الاخبار علي حجية خبر الضعيف في باب المستحبات، وكذا علي استحباب الفعل الذي بلغه ان فيه الثواب، وأما ما افاده من انها دالة علي الاخبار بتفضل الله ينافي ما بينه في تقريب الاحتمال الاول، من ان مفادها الارشاد الي حكم العقل بحسن الانقياد، وذلك لما مر من عدم ترتب الثواب علي الانقياد، وكذا العقاب علي التجري، وأنه (قدس سره) قد اختار في مبحث التجري ان حكم العقل بقبح العصيان والتجري وبحسن الاطاعة والانقياد لا يستلزم حكماً شرعياً مولوياً، بل لا يمكن جعل الحكم في مورده.الا انه افاد بعد ذلك بأن القبح العقلي وان لم يكن مستتبعاً للحكم الشرعي، لكنه يستلزم حكم العقل باستحقاق العقاب علي نفس التجري، بمعني ان العقل يدرك كون المتجري مستحقاً للعقاب؛ للتعدي علي المولي وهتكه، و خروجه عن رسوم عبوديته كما في المعصية، بلا فرق بينهما من هذه الجهة.وكذا افاد في التنبيه الثاني من نفس الباب، ان العقل بما انه لا يستقل بلزوم الاحتياط في كل مورد فلا مانع من ان يأمر المولي به مولوياً، حرصاً علي ادراك الواقع لزوماً كما يراه الاخباري، او استحباباً كما نراه.وعليه فالأمر بالاحتياط مولوي غاية الأمر انه يحمل علي الاستحباب، بقرينة الترخيص في الترك المستفاد من اخبار البرائة.ولازمه الالتزام به في مطلق الانقياد، و الاتيان بالغرض المحتمل من المولي، ومعه فإن في مثل اخبار من بلغ يمكن فرض ترتب الثواب علي الفعل من باب الانقياد، ولا محذور فيه.ولكن تمام المشكل فيما افاده:هو ان ترتب الثواب علي الفعل الذي بلغ العامل ان فيه الثواب، انما كان من جهة تحيثه بحيثية الانقياد، ومن هذه الجهة ان الاتيان بالفعل المتحيث يستحق الثواب، وأن الثواب يترتب عليه بمقتضي الاستحقاق، لما فيه الامر المولوي الدال علي الاستحباب حسب ما اختاره هناك، وهذا ينافي ترتب الثواب من باب التفضل والعناية منه تعالي، لأن اساس ترتب الثواب من باب التفضل هو عدم استحقاق العامل للثواب والا فلا معني للتفضل.وكان الاولي عدم الاختلاط بين المقامين، وإن احتمال التفضل غير احتمال ترتب الثواب من باب الانقياد، كما نري في كلام المحقق العراقي، حيث قرر الاحتمالات في مدلول اخبار من بلغ اربعة، وجعل احتمال التفضل في قبال احتمال ترتب الثواب علي وجه الانقياد.ولا يخفي انه ربما يترائى هذا الاختلاط في كلام الشيخ (قدس سره) في المقام ايضاً.وينبغي التنبيه علي امور:

الاول: ان بناء‌ علي المختار من عدم دلالة اخبار من بلغ علي استحباب الفعل الذي بلغ العامل ان فيه الثواب، لا موضوع لكثير من الامور التي ذكروها بعنوان التنبيه في هذا البحث، مثل ما افاده الشيخ من البحث في ارتقاع الحدث بالوضوء او الغسل الذي ورد عليه خبر غير معتبر.

وكذا انه لا يجوز المسح ببلل المسترسل من اللحية، اذا ورد خبر غير معتبر علي ترتب الثواب علي غسل المسترسل منها في الوضوء، وامثاله.وكذا قد ظهر انه لا يتم اسناد مطلوبية الفعل الذي بلغ الثواب فيه الي الشارع بوجه؛ لأنه بعد ما كان مدلول هذه الاخبار الاخبار عن تفضله بترتب الثواب علي الفعل، لا وجه لاسناد ذلك الي الشرع، لأن الاسناد اليه انما يتوقف علي ثبوت الاستحباب الذي هو حكم من احكامه في مدلول هذه الاخبار، ومع انتفائه فلا حكم فيها من ناحية الشارع حتي امكن استناده اليه.ومن ذلك ظهر انه لا وجه للفتوي بمطلوبية العمل ومحبوبيته علي اي نحو، لعدم كون ترتب الثواب من باب التفضل موضوعاً للفتوي، كما ان ترتب الثواب علي نية الخير لا موضوع فيه لها، فإن الفتوي بيان استظهار الفقيه للحكم من الادلة تكليفاً كان او وصفاً، وليس ترتب الثواب لأجل تفضله من جملتها.نعم لا بأس بارشاد الفقيه بذلك بأن من بلغه ثواب علي عمل فأتي به ليعطيه. وبالجملة:ان مع الالتزام بكون مدلول هذه الاخبار ترتب الثواب علي العمل لاجل التفضل، لا وجه لبيان مطلوبية الفعل ومحبوبيته عند الشارع واسناده اليه.بل ان اسناده اليه كان من اسناد ما علم انه ليس منه، او لم يعلم كونه منه، فإنه موضوع للتشريع؛ لأن اسناد مطلوبيته بأي وجه يدل علي ثبوت الحكم بالاستحباب منه، وهو غير ثابت حسب ما مر تحقيقه.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo