< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد سید محمدجواد علوی‌بروجردی

96/10/19

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المقصد السابع: اصول عمليه/ اصول عمليه/ الاستصحاب

وقد مر في كلمات صاحب الكفاية قدس سره في بحث الخبر الواحد التأمل في رادعية الآيات الناهية عن العمل بغير العلم عن السيرة ‌العقلائية القائمة علي اعتبار الخبر، قال قدس سره:«... لا يكاد يكفي تلك الآيات في ذلك، فإنه - مضافا إلى أنها وردت إرشادا إلى عدم كفاية الظن في أصول الدين، ولو سلم فإنما المتيقن لولا أنه المنصرف إليه إطلاقها هو خصوص الظن الذي لم يقم على اعتباره حجة - لا يكاد يكون الردع بها إلا على وجه دائر، وذلك لان الردع بها يتوقف على عدم تخصيص عمومها، أو تقييد إطلاقها بالسيرة على اعتبار خبر الثقة، وهو يتوقف على الردع عنها بها، وإلا لكانت مخصصة أو مقيدة لها).وأساس تأمله في رادعية الآيات للسيرة جهات ثلاثة:

الاولي: ان هذه الآيات ليس مدلول النهي عن العمل بالظن مدلوياً فلا توجب حرمة العمل بالظن.

بل ان مدلولها الارشاد الي امر، والمرشد اليه فيها هو عدم قابلية الظن للركون اليه في الامور الجزمية التي يكون المطلوب فيها الجزم والاتقان، وهذا المرشد اليه ينحصر بمثل الامور الاعتقادية وجهة الارشاد فيها ان الانسان لا يمكن تصوير اعتقاده بشيء الا تيقن به، ولا يجتمع الاعتقاد مع احتمال الخلاف، والظن بما انه يقترن دائماً باحتمال الخلاف ضعيفاً او قوياً، فلا يحصل به عقد القلب والايمان والاعتقاد.كما يؤيد ذلك ورود قوله تعالي: ان الظن لا يغني من الحق شيئاً، مورد الاعتقاديات التي يلزم فيها الاعتقاد و عقد القلب.

فإن قبل هذه الآية: قل: هل من شركائكم من يبدء الخلق ثم يعيده..... والمراد من الشركاء ما يعبدونه من الاصنام، وكذا قوله تعالي: هل من شركائكم من يهد الي الحق، قل الله يهدي للحق، افمن يهدي الي الحق احق ان يتّبع امن لا يهدي الا ان يهدي، فما لكم كيف تحكمون.

وقال تعالي بعد هذه الآيات: وما يتبع اكثرهم الا ظناً.

فإنه تعالي ينبئهم بأن ما عندهم ليس هو الايمان او عقد القلب بل ظن بآلهتهم، والظن ليس طريقاً قابلاً للركون اليه.

لا يقال: ان في هذه الآية وهي قوله تعالي: ان الظن لا يغني عن الحق شيئاً، وإن يتم ورودها مورد الأمور الاعتقادية التي يلزم فيها الجزم والركون، الا انه غير جار في مثل قوله تعالي: ولا تقف ما ليس لك به علم ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عند مسئولا.

حيث انه ليس موردها الأمور الاعتقادية بل ان موردها ما يرتبط بالمكلف في مقام العمل وما تلزم رعايته مع غيره بقرينة ذيل الآية ان السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا. فالآية في مقام النهي عن انتساب امر بالغير والافتراء عليه بغير العلم، فلا يتم فيها تصوير الارشادية وخصوصاً كونها ارشاداً الي اصول الدين.فإنه يقال:ان مراد صاحب الكفاية قدس سره كون الآيات ارشاداً الي عدم كفاية الظن وعدم تمامية الركون اليه، فيما يلزم فيه الاتقان والجزم، والمراد من الجزم واليقين ما لا يقترن باحتمال الخلاف، فما يحتمل فيه الخلاف كالظن ليس قابلاً للركون والاعتماد لاثبات ما يلزم فيه الاتقان.

ومورد قوله تعالي: ولا تقف ما ليس لك به علم، حسن الظن بالغير، وعدم اتهامهم بصرف الظن في مقام التعامل مع الغير.

ولا شبهة ان الظن لا يمكن الركون اليه في مقام انتساب امر سببيٌ الي الغير مما يوجب هتك حرمته وذهاب عرضه وايذائه بل ربما يوجب الحد، فالآية الشريفة انما وردت في مقام الارشاد الي ان السمع والبصر والفؤاد لها المسؤلية في قبال ما صدر عن الانسان في هذا المقام، وأن الظن بما يقترن مع احتمال الخلاف لا يتم اتهام الغير باستناده.وبعبارة‌ اخري:ان الآية في مقام الارشاد الي ان مع احتمال الخلاف لا يتم رفع المسؤولية عن الانسان في مقام اتهام الغير، بل يلزم فيه الاستناد الي ما لا يقترن باحتمال الخلاف وهو العلم بقوله تعالي: ولا تقف ما ليس لك به علم.وكذا ان في قوله تعالي: آ الله اذن لكم ام علي الله تفترون، انما وردت الآية في مقام نفي التشريع وأنه لا يتم اسناد امر من الحلال والحرام اليه تعالي الا مع العلم.

فالآيه: قل أرأيتم ما انزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل آ الله اذن لكم ام علي الله تفترون.

ومفادها ان اسناد حكم الي الله انما يلزم ان يكون بطريق لا يحتمل فيه الخلاف. او اذن الشارع طريقيه الي مقصوده.فيمكن حملها علي الارشاد الي ان ما يحتمل معه الخلاف لا يصح الركون اليه، وأنه لا يدفع المسؤلية في التشريع واسناد امر الي الله بعين الكلام في اسناد امر الي الغير في الآية السابقة.وبالجملة:ان ما افاده صاحب الكفاية في المقام من كون الآيات ارشاد الي عدم صلاحية غير العلم لاثبات ما يلزم فيه الذعان والاتقان والجزم تام ليس قابلاً للمناقشة، وتعرضه قدس سره للأمور الاعتقادية انما كان لأجل ان هذه الأمور من اظهر مصاديق هذا المعني اي ما يلزم فيه الاذعان.ونتيجة ما افاده قدس سره:انه لا تعرض لهذه الآيات ولا نظر فيها الي ما لا يلزم فيه الجزم والاتقان، وأنه يكفي فيه الظن ولو بمقتضي اعتباره عند الشرع، فإن اعتباره لا يوجب نفي احتمال الخلاف فيه واقعاً، ولذلك ليس الظن المعتبر عنده جزماً واقعاً ويجب الاتقان، بل انما اعتبر كفايته في مقام الاثبات.وهذا المعني هو ما تعرض له صاحب الكفاية في الوجه الثاني من وجوه تأمله في رادعية الآيات.

الثانية: ان القدر المتيقن من دلالة ‌هذه الآيات، المنع عن الظن الذي لم يقم علي اعتباره حجة.

وأفاد ايضاً بأن الايات منصرفة عن الظن الذي قام علي اعتباره دليل، بقوله: لو لا انه المنصرف.اما الوجه الاول ـ وهو الأخذ بالمتيقن من دلالة الآيات ـ فهو مبني علي عدم تمامية الأخذ بعموم الآية‌ او اطلاقها، لأن ما يفيد الظن انما نعلم بعدم منع الشارع عن بعضها كالامارات، وعليه فإنما يشك في عموم الآية او اطلاقها، لعلمنا بخروج بعض موارد الظن، وهذا الشك يوجب الشك في مفهوم ما تعلق به المنع في هذه الآيات، والشك في المفهوم موضوع للأخذ بالمتيقن، والمتيقن من الآيات الظن الذي لم يقم علي اعتباره دليل وحجة، وحيث ان السيرة العقلائية حجة بمعني ان لها الاقتضاء للحجية، فلا يدخل في هذا المتيقن من منع الآيات.واما الوجه الثاني:فنظره قدس سره فيه الي ان غير العلم له ظهوران:

1 ـ مطلق غير العلم الشامل للظن الذي لم يقم علي اعتباره دليل، والظن الذي قام علي اعتباره دليل.

2 ـ خصوص الظنون الذي لم يقم علي اعتباره دليل.

وبما ان ظهور غير العلم او عنوان الظن المنهي في الظنون التي لم يقم علي اعتبارها دليل اقوي ولو في عرف المتشرعة، فلا محالة ينصرف ظهور الآيات اليه.وتكون النتيجة في كلا الوجهين ان هذه الآيات لا يشمل بعمومها او اطلاقها الظنون التي قامت علي اعتبارها حجة ولو عقلائياً.وبما ان السيرة‌ حجة عند العقلاء فإنما يشك في شمول الاطلاق لها وكذا يشك في صدق عنوان غير العلم عليها، ومعه فلا تشملها عموم المنع او اطلاقها.وهذا الوجه تعرض له صاحب الكفاية مع التسلم عن جمل الايات علي الارشاد الي عدم كفاية الظن فيما يلزم فيه الاتقان والجزم.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo