< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

35/01/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الصوم : ضروريات الدين
وبناءا على الاعتراض الرابع فأن الروايات لا تدل على مسلك السببية لأنه يفرض اختصاص الحكم بمن تنجزت في حقه الحرمة , وهذا يتحقق عندما يكون المنكر عالما, كما لو حكم بكفر منكر حرمة الزنا مع علمه بحرمته , وهذا لا يعني السببية , لأن المفروض انه عالم بثبوت الحكم في الشريعة , والعالم بثبوت ما انكره في الشريعة يحكم بكفره بلا اشكال لأن انكاره يؤدي الى تكذيب الرسالة .
اذن لا يمكن الاستدلال بهذه الروايات على من انكر ضروريا من ضروريات الدين لشبهة الذي هو محل الكلام , فالروايات مختصة بمن تنجزت عليه الحرمة وصاحب الشبهة لم تتنجز عليه الحرمة, فهي لا تدل الا على كفر من انكر الضروري وهو يعلم بثبوته في الشريعة , وعليه فلا تكون دليلا على السببية وانما تكون دليلا على القول الثالث (الامارية) .
وقد ذكرنا سابقا مؤيدا من نفس الرواية على هذا الاعتراض وكذلك يمكن القول بأن كلمة (زعم) في الرواية فيها اشارة الى انه انكر الحكم مع علمه بثبوته .
لكن لو سلمنا ان هذه الطائفة تختص بمن يعلم بثبوت الحكم , فأن التسليم بأنها تدل على القول بالامارية غير واضح , وليس معنى التسليم بأن هذه الطائفة تختص بمن يعلم هو نفي القول بالسببية , وقد ذكرنا ملاحظة سابقا حاصلها ان الانكار مع العلم بالثبوت لا يستلزم تكذيب الرسول دائما, بحيث نقول بضرس قاطع ان انكاره يرجع الى تكذيب الرسالة, بل هناك حالة يتحقق فيها الانكار مع العلم بالثبوت من دون ان يرجع ذلك الى تكذيب الرسالة , وقد ذكرنا ان الذي ينكر ما يعلم بثبوته في الدين يمكن تصوره على حالتين الاولى ان يرجع انكاره الى تكذيب الرسول كما لو قال ان الرسول قاله ومع ذلك انا انكره, والحالة الثانية وهي التي لا يرجع فيها الانكار الى تكذيب الرسول وان كان يعلم انه ثابت في الشريعة كما لو قال ان هذا لم يقله الرسول وان كان هو يعلم بأن الرسول قاله فأنه في هذا الحال كذب على الرسول ولم يكذب الرسول , فأن مناط الكفر ان كان هو من انكر ضروريا من ضروريات الدين سواء رجع الى تكذيب الرسول ام لا , فأن المنكر في الحالة الاولى والثانية يُحكم بكفره لأنه انكر ضروريا من ضروريات الدين , وان كان المناط هو تكذيب الرسول فأن المنكر في الحالة الاولى يُحكم بكفره لأنه كذب الرسول واما الحالة الثانية فأنه لا يحكم بكفره لأنه وان انكر ضروريا الا انه لم يكذّب الرسول بل كذّب على الرسول .
ومنه يظهر ان التام من هذه الاعتراضات هو الاعتراض الاول بالبيان الثاني له الذي نقلناه من تقريرات السيد الخوئي لكن من غير تقريرات بحثه المعروفة وكان حاصله ان هذه الروايات غير ناظرة الى عالم الدنيا, وانما هي ناظرة الى عالم الاخرة , فتقول هذا الذي ينكر الكبيرة ويزعم انها حلال يُحكم بكفره ويخرج عن الاسلام ولكن ليس بلحاظ عالم الدنيا الذي هو محل كلامنا.
الطائفة الرابعة : وهي واردة في احكام خاصة متفرقة وليست واردة في احكام عنوان عام كما في الطائفة الثانية مثلا (عنوان الفرائض او الثالثة عنوان الكبائر )وانما وردت في احكام خاصة وتدل على منكر تلك الاحكام وهذه الروايات ما امكن العثور عليها هي عبارة عن ثلاث روايات .
الاولى: رواية خضر الصيرفي( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : من شرب النبيذ على أنه حلال خلد في النار، ومن شربه على أنه حرام عذب في النار)[1]
بناءا على ان من يخلد في النار هو الكافر , فكأن الرواية حكمت على من شرب النبيذ وهو مستحل لها بالكفر , ومن المعلوم بأن حرمة النبيذ ليس اصلا من اصول الدين ومع ذلك اوجب الانكار الخروج من الدين والخلود في النار.
الثانية : صحيحة بريد العجلي( قال : سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل شهد عليه شهود أنه أفطر من شهر رمضان ثلاثة أيام، قال : يسأل هل عليك في إفطارك إثم ؟ فان قال : لا، فان على الامام أن يقتله، وإن قال : نعم فان على الامام أن ينهكه ضربا)[2]
وهذه الرواية موردها الافطار في شهر رمضان وهو ليس اصلا من اصول الدين ومع ذلك انكاره يكون موجبا للكفر .
الثالثة :صحيح علي بن جعفر ، (عن أخيه موسى عليه السلام قال : إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل عام، وذلك قوله عز وجل : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين ) قال : قلت : فمن لم يحج منا فقد كفر ؟ قال : لا ولكن من قال : ليس هذا هكذا فقد كفر)[3]
والمراد ب(ليس هذا هكذا) اي ان الحج ليس واجبا وهي تدل على الحكم بكفر من ينكر وجوب الحج وهو عنوان مستقل ولا يرجع الى التوحيد او الرسالة وهذه الروايات تدل على ان انكار نفس هذه الامور موجب للكفر ولا داعي لإفتراض ان الحكم بالكفر(لأنكار احد هذه الامور الثلاثة ) لرجوعه لأنكار الرسالة .
ويلاحظ على الاستدلال بهذه الطائفة :
اولا: ان الامور التي حكمت هذه الروايات بكفر منكرها ( حرمة الافطار, حرمة النبيذ, وجوب الحج ) من الامور الواضحة والمعلومة الثبوت في الدين عند كل من يعيش في بلاد الاسلام, بل عند كل من له ادنى اطلاع على الاسلام , وهذا معناه ان الحكم بالكفر على منكرها لا يمكن تعميمه الى دائرة ازيد من دائرة من يعلم ثبوت الحكم الذي انكره انه من الشريعة , وكأن الرواية التي حكمت بكفره تفترض انه يعلم بثبوت الحكم في الشريعة , وحينئذ يأتي الكلام السابق وهو ان هذه الروايات لا تدل على السببية, وانما تدل على الامارية لأن الحكم بالكفر لهذا الانكار انما هو بأعتبار رجوع هذا الانكار الى انكار الرسالة , لأنهم يرون الملازمة بين انكار ما يعلم ثبوته في الشريعة وبين انكار الرسالة وتكذيب الرسول صلى الله عليه واليه .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo