< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

37/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد.

الكلام يقع في امرين:

الاول: ما هو موضوع الكفارة؟؟ فهل هو مطلق الافطار أو عبارة عن تناول المفطرات؟؟

الثاني: مسألة صدق الافطار في محل الكلام(الاخلال بالنية) وعدم صدقه.

أما الأمر الاول فأن بعض النصوص يرتب الكفارة على عنوان الافطار وبعضها يرتبه على تناول المفطر ففي الباب الثامن من ابواب وجوب الصوم ونيته توجد روايات امثال الحديث (1,2,4,6,10,11) يرتب الكفارة على عنوان الافطار أو من افطر وامثال ذلك بينما كل من الحديث (3, 8,9,12,13) يرتب الكفارة على نفس الفعل الخارجي كالأكل أو لزق بأهله وامثال ذلك, وقد تقدم الحديث عن ذلك سابقاً.

قد يقال بأن المراد بالإفطار في الروايات الاولى (التي ترتب الكفارة على الافطار) هو نفس ما يراد بالروايات في القسم الثاني والمراد بالإفطار تناول المفطر فيكون المقصود بالإفطار هو الافطار الحاصل بأستعمال المفطر (كما يقول السيد الحكيم (قد) ).

بل تقدم الكلام في هذا سابقاً وهل أن (افطر) تشمل كل المفطرات أو تختص بقسم منها وكان هناك احتمال اختصاصه بالأكل والشرب وقد يلحق بها الاجماع, ولذا اقتصر بعض الفقهاء على أن الكفارة لا تجب الا على استعمال بعض المفطرات.

وفي مقابل هذا قد يقال بأن ترتب الكفارة في قسم من هذه الروايات على نفس المفطرات أي على تناول المفطر لا ينافي أن يكون موضوع وجوب الكفارة هو مطلق ما يكون مفطراً اذا دل عليه الدليل لعدم الاشكال في أن تناول المفطر يكون مفطراً فتترب عليه الكفارة, والادلة ليس فيها ظهور في انحصار موضوع الكفارة بذلك, وهذا يعني امكان القول بأن الروايات الاولى الدالة على ترتب الكفارة على الافطار أن تبقى على اطلاقها ولا داعي لحملها على الافطار الحاصل بأستعمال المفطر وحينئذ اذا تحقق الافطار لا بتناول المفطر نقول بوجوب الكفارة ايضاً.

ومن هنا يكون الصحيح في المقام هو أن موضوع وجوب الكفارة هو مطلق الافطار وليس ما ذكره السيد الحكيم بأنه الافطار الحاصل من تناول المفطر.

الأمر الثاني: مسألة صدق الافطار في محل الكلام(عند الاخلال بالنية ) وعدم صدقه.

بعض الروايات يفهم منها صدق الافطار بمجرد الاخلال بالنية ومنها موثقة عمار الساباطي ، عن أبي عبد الله عليه السلام (عن الرجل يكون عليه أيام من شهر رمضان ويريد أن يقضيها متى يريد أن ينوي الصيام ؟ قال : هو بالخيار إلى أن تزول الشمس ، فإذا زالت الشمس فإن كان نوى الصوم فليصم ، وإن كان نوى الافطار فليفطر..... الحديث .)[1]

ويمكن أن يفهم من هذه الرواية تحقق الافطار بالنية كما يتحقق الصوم بنية الصوم, فإذا نوى المكلف الافطار إلى أن دخل الزوال يكون مفطراً ولا يحق له الصوم, وقد صار مفطراً بنية الافطار.

وظاهر بعضها الروايات عدم صدق الافطار الا بتناول المفطر ومنها صحيحة محمد بن قيس ( عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال علي عليه السلام : إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما ثم ذكر الصيام قبل أن يطعم طعاما أو يشرب شرابا ولم يفطر فهو بالخيار إن شاء صام ، وإن شاء أفطر)[2]

ونستفيد من عبارة (إذا لم يفرض الرجل على نفسه صياما) الاخلال بالنية ومع ذلك جوز له الامام عليه السلام أن يصوم بشرط أن لا يطعم طعاماً ولا يشرب شراباً ويفهم من هذا أنه اذا طعم طعاماً أو شرب شراباً يكون مفطراً ولا يجوز له أن يصوم, وحينئذ يمكن أن يستفاد من هذه الرواية أن الافطار لا يصدق الا بتناول الطعام أو الشراب وامثاله.

وقد يعثر بالفحص على روايات اخرى لكن النتيجة هي أن الروايات فيها ما يدل على أن الاخلال بالنية يحقق الافطار وفيها ما يدل على أنه لابد من تناول المفطر, وما يؤيد الثاني (عدم تحقق الافطار بمجرد الاخلال بالنية) امور:-

الاول: يلزم على القول بصدق الافطار بمجرد الاخلال بالنية عدم صدق الافطار على تناول المفطر بعد الاخلال بالنية, لأنه عندما اخل بالنية صار مفطراً, فلا يكون الاكل بعد ذلك مفطراً لأنه يكون افطاراً بعد الافطار وهو غير معقول.

الثاني: استبعاد أن يصدق المفطر على من اخل بالنية كما لو جاء بالصوم الكامل بتمام ما يعتبر فيه لكنه بلا قصد القربة كما لو كان رياءً فمن المستبعد جداً أن يصدق عليه أنه افطر فالوجدان العرفي لا يسمح بذلك_ نعم يقال بأنه صومه باطل_ لأن الذي افطر هو من استعمل المفطر.

الثالث: أن تناول المفطر دائماً مسبوق بالقصد لأنه من الافعال القصدية والمفروض اننا فرغنا في البحث الاول من أن الكفارة تترتب على مطلق الافطار وحينئذ نقول اذا كان الافطار يتحقق بمجرد الاخلال بالنية فهذا معناه أن الافطار يتحقق في مرحلة سابقة على استعمال المفطر وبناءً على أن موضوع الكفارة مطلق المفطر فلابد أن تكون الكفارة ثابتة بالإخلال بالنية وهذا خلاف ظاهر الروايات المتقدمة التي ترتب الكفارة على تناول المفطر.

وهذه الامور اذا اوجبت ترجيح عدم صدق الافطار بالإخلال بالنية والتزمنا به كما التزم به السيد الخوئي تكون مسألتنا واضحة لعدم وجوب الكفارة في محل الكلام لعدم صدق موضوع الكفارة _الذي هو الافطار_ في محل الكلام, واذا لم نرجح ذلك فلا اقل من الشك فيه أو التردد في أن الافطار يصدق أو لا يصدق ومع التردد نصل إلى نفس النتيجة لأننا لا نحرز موضوع وجوب الكفارة لأن موضوع وجوب الكفارة هو الافطار والمفروض اننا نتردد في صدقه أو عدم صدقه فتكون النتيجة على كل حال في محل الكلام هي عدم وجوب الكفارة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo