< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الأصول

39/08/19

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الموضوع: التنبيه الخامس : الاستصحاب التعليقي / تنبيهات الاستصحاب

ذكرنا ان مورد الاستصحاب التعليقي هو فرض توفر كافة الخصوصيات الدخيلة بالحكم سابقا باستثناء خصوصية يقطع بدخالتها فيه، وقد اختلفت انظار العلماء في جريان الاستصحاب في هذا المورد، والسر في خلافهم هو عدم وجود قضية سابقا حتى يمكن استصحابها انما هي قضية تقديرية كما في المثال (العنب لو غلا لحرم) فهل يمكن اجراء استصحاب هذه القضية لغرض اثبات الحرمة للعنب الجاف إذا غلا؟

ذهب بعض الأصوليين الى جريانه كالشيخ الأعظم[1] والمحقق الخراساني[2] ( قدهما ) ، وادعى أصحاب هذا القول بانه لا شيء يمنع من جريانه لتوفر اركان الاستصحاب من اليقين بالحدوث والشك في البقاء ، وحين يشكل عليهم بان الحكم التعليقي لا وجود له سابقا؟ يجيبون[3] : بانه لا يمكن القول بانه لا وجود له أصلا ، نعم لا وجود فعلي له لكن يكفي الوجود التقديري في جريان الاستصحاب فالوجود التعليقي نحو من انحاء الوجود فيجري فيه الاستصحاب .

وفي المقابل ذهب جماعة الى عدم جريانه في محل الكلام منهم المحقق النائيني[4] والسيد الخوئي[5] ( قدهما) وما يفهم من كلامهم المناقشة في توفر اركان الاستصحاب والمقصود التركيز على مسالة اليقين بالحدوث فالحكم التعليقي لا وجود سابق له اذ المفروض في محل الكلام عدم تحقق موضوعه لان موضوعه مركب من جزأين والمفروض عدم تحقق احدهما ، نعم الذي يكون له ثبوت سابقا هو الجعل لكن هذا الجعل لا شك في بقاءه بل هو مقطوع البقاء

فكانه يريد ان يقول : ان الامر يدور بين ما لا شك في بقاءه وبين ما لا يقين بحدوثه

ومن هنا يظهر ان الاختلاف في محل الكلام ناشئ من اختلاف نظرهم في توفر اركان الاستصحاب في محل الكلام وعدم توفرها وبالخصوص توفر اليقين بالحدوث فلا بد من التركيز على ذلك .

والاعتراض الرئيسي هو ما ذكره المحقق النائيني[6] ( قد ) وقد فسر كلامه بعدة تفسيرات :

التفسير الأول : وهو ما ذكره بعض المحققين[7] من ان مقصوده ( قد ) هو ما سبقت الإشارة اليه من انه ان كان المراد اجراء الاستصحاب في الجعل فلا شك في بقاءه لان المفروض عدم الشك في النسخ وان كان المراد اجراء استصحاب المجعول فلا يجري لعدم اليقين بحدوثه سابقا

لا يقال : يجري فيه الاستصحاب التعليقي بمعنى استصحاب الحكم الثابت على نهج القضية الشرطية

لانهم[8] ذكروا ان الاستصحاب لا يجري في هذه القضية الشرطية وليس ذلك من جهة عدم توفر اركان الاستصحاب فيها بل من اجل ان هذه قضية عقلية انتزاعية ينتزعها العقل في مقام الجعل ولا اثر للتعبد بها انما الأثر للتعبد بمنشا انتزاعها سواء كان منشا انتزاعها هو الجعل ام المجعول ، وقد عرفت ان الاستصحاب لا يجري فيهما لعدم توفر اركانه

وبعبارة أخرى: ان هذه القضية الشرطية ليست هي الجعل كما انها ليست المجعول ، اما انها ليست المجعول فواضح لان الحكم المجعول فعلي بينما الحكم في هذه القضية تعليقي ، واما كونها ليست هي الجعل فلان الجعل وان كان فيه نوع من التعليق والتقدير لكن التعليق فيه على تحقق تمام ما هو المعتبر في الحكم الشرعي بينما كان التعليق في هذه القضية الشرطية على امر جزئي كالغليان في المثال

فهي قضية عقلية يحكم بها العقل متفرعا على عالم الجعل، وبيان ذلك: ان العقل اذا التفت الى عالم الجعل ورأى بان الشارع جعل الحكم على تقدير الموضوع المركب من أجزاء، والتفت الى ان المفروض في محل الكلام هو تحقق كل ما هو معتبر في موضوع ذلك الحكم سابقا ما عدا خصوصية واحد، والتفت الى ان هذه الخصوصية دخيلة في الحكم قطعا، فبعد اخذ هذه الأمور بعين الاعتبار يحكم بان هذا العنب لو غلى سابقا لحرم،

 


[1] فرائد الأصول المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري الجزء : 3 صفحة : 223.
[2] كفاية الأصول المؤلف : الآخوند الخراساني الجزء : 1 صفحة : 411.
[3] كفاية الأصول المؤلف : الآخوند الخراساني الجزء : 1 صفحة : 411.
[4] فوائد الأصول المؤلف : الكاظمي الخراساني، الشيخ محمد علي الجزء : 4 صفحة : 458.
[5] موسوعة الامام الخوئي المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 48 صفحة : 167.
[6] فوائد الأصول المؤلف : الكاظمي الخراساني، الشيخ محمد علي الجزء : 4 صفحة : 466.
[7] موسوعة الامام الخوئي المؤلف : الخوئي، السيد أبوالقاسم الجزء : 48 صفحة : 166.
[8] فوائد الأصول المؤلف : الكاظمي الخراساني، الشيخ محمد علي الجزء : 4 صفحة : 469.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo