< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

32/12/20

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام الأولاد \ حضانة الأم \ مسألة 1394
  ( مسألة 1394 ) : حق الحضانة الذي يكون للأم يسقط بإسقاطها بخلاف حق الحضانة الذي يكون للأب أو الجد فإنه لا يسقط بإسقاطه
  تعرض السيد الماتن في هذه المسألة إلى أن حق حضانة الأم قابل للإسقاط وأن بسقوطه بالإسقاط لا يعود لأن معنى الإسقاط إخراج نفس الام عن طرفية الإضافة للحق وهذا الإخراج دائمي وليس ما دام لم تقدم عليه على أن الحضانة مثلها مثل إسقاط حق الخيار وبالتالي سوف تنتقل الحضانة إلى غيرها ممن يستحق الحضانة بعد الأم مرتبا.
 وأما حق حضانة الأب فإنه غير قابل للإسقاط ومعناه أن الأب لو أسقط حقه إنشاء وأعطاه للأم فله أن يسترده ويطالب به وبالتالي يكون إسقاطه لغوا ولا يترتب عليه أثر.
 وهذه المسألة لم تحرر في كلما ت الأصحاب مفصلا لا من حيث الإسقاط ولا من حيث وجوب الحضانة وعدمه، ولذا لا بد من أن نذكر تلك الحيثيتين:
 أما من حيث الوجوب:
  قال الشهيد الثاني: )واعلم أنه لا شبهة في كون الحضانة حقا لمن ذكر، ولكن هل يجب عليه ذلك أم لا، أم له إسقاط حقه منها؟) [1]
 ونقل بعض المعاصرين أن الفقهاء قد تسالموا على وجوب الحضانة في الجملة وأن عدم تعرضهم لهذه الحيثية لبداهتها، فلا يكشف عدم تعرضهم لها عدم وجود تسالم في البين.
 وفي كلام بعضهم: أن هذه الأحقية الثابتة للزوجة إنما تكون على سببيل غير اللزوم أي لها إسقاطها للتعليق في بعض الروايات على مشيئتها.
 وأما فقهاء أهل السنة
  فقالت الحنابلة:

كما في المغني: (كفالة الطفل وحضانته واجبة، لأنه يهلك بتركه فيجب حفظه من الهلاك كما يجب الإنفاق عليه وإنجائه من المهالك ويتعلق بها حق لقرابته لأن فيها ولاية على الطفل). [2]
 وقالت الشافعية:

كما في مغني المحتاج (وعدم إجبار الأم عند الامتناع هو مقيد بإذا لم تجب النفقة عليها للولد المحضون، فإن وجبت كأن لم يكن له أب ولا مال أجبرت لأن الحضانة من جملة النفقة). [3]
 وقالت المالكية:

كما في الشرح الكبير: (إذا أسقطت الحاضنة حقها منها بغير عذر بعد وجوبها لها ثم أرادت العود لها فلا تعود بناء على أنها حق الحاضن على المشهور، وقيل تعود بناء على أنها حق للمحضون). [4]
 وقالت الحنفية:

كما في روى المختار ( اختلف في الحضانة هل هي حق الحاضنة أم حق الولد، فقيل بالأول فلا تجبر إذا امتنعت وقيل بالثاني فتجبر، فقول من قال إنها حق الحاضنة فلا تجبر محمول على ما إذا لم يتعين لها واقتصر على أنها حقها، لأن المحضون لا يضيع حقه لوجود من يحصنه غيرها ومن قال أنها حق للمحضون فمحمول على ما إذا تعينت بعدم من يحضنه غيرها). [5]
 وأما فقهاء العصر فلم أرى من صرح بالوجوب العيني صراحة.

 أقول: المسألة ليست من البديهيات من حيث الحكم، وإن كانت الحضانة كما الإرضاع من الأمر الجبلي في الإنسان، فإن الآباء والأمهات يحبون حفظ أولادهم من البلايا والآفات ويسعون في تدبير شؤونهم من تنظيفهم وغسل ثيابهم وغيرها، بل هذا لا يختص بالإنسان بل الحيوان أيضا يسعى في حفظ صغاره ويهيئ لها كل ما تحتاجه من ماء وغذاء وغيره.
 نعم في الإنسان حيث لا يجوز ترك الطفل في مهب الريح بحيث يؤدي إلى هلاكه وضرر عظيم فإنه يجب على الإنسان الحضانة وجوبا كفائيا والشارع تدخل لإثبات الأحقية لبعض الأفراد بحيث لا يزاحمه أحد غيره في ذلك وهذا هو المستفاد من الأدلة الشرعية، وأما الوجوب العيني على من له الحق فغير ثابت لا إجماعا ولا نصا ويؤيد ذلك باب الرضاع فإنه ليس بواجب على الأم قطعا، ووجوب إرضاعه على الأب من باب النفقة إن لم يكن للولد مال وإلا فمن ماله.
 والحاصل أن مسألة الحضانة كمسألة الرضاع بلا فرق من هذه الحيثية.


[1] شرح اللمعة الشهيد الثاني ج 5 ص 464
[2] المغني عبد الله بن قدامة ج 9 ص 297
[3] مغني المحتاج ج 3 ص 456
[4] الشرح الكبير للدردير ج 2 ص 532
[5] رد المختار ج 13 ص 33

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo