< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/01/26

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة الزوجة
 كان الكلام في الشرط الثاني للنفقة على الزوجة وسردنا قول المشهور
 وفي الحدائق: (الخلاف بينهم في أنه هل تجب النفقة بمجرد العقد إذا كان دائما وإن سقطت بالنشوز ، أو أنه يشترط مع العقد التمكين الكامل ؟ وعرفه المحقق في الشرائع بأنه التخلية بينها وبينه بحيث لا يختص موضعا ولا وقتا . فلو بذلت نفسها في زمان دون زمان أو مكان دون آخر مما يسوغ فيه الاستمتاع لم يحصل التمكين قولان ، الأكثر على الثاني ، بل لم أقف على مصرح بالأول وإن ذكر بلفظ " قيل " ) إلى أن قال: (وأن وجوب النفقة متوقف على ذلك مما لم يقيموا عليه دليلا واضحا ولا برهانا لايحا ، غير مجرد الدعوى مع ظهور الأدلة على خلافه ، وهو ما قدمناه من الأخبار الدالة على ترتب وجوب النفقة على مجرد الزوجية التي لا خلاف في حصولها بمجرد العقد ) إلى أن قال: (وممن وافقنا على هذه المقالة - وإن غلب عليه رعاية الشهرة فتوقف فيما قاله - شيخنا الشهيد الثاني في المسالك ) إلى أن قال: (وبالجملة فالأظهر هو القول المخالف للمشهور ، فإنه هو المؤيد بالأدلة والمنصور ) [1]
 وفي الرياض: (واشتراط هذا الشرط مشهور بين الأصحاب ، بل كاد أن يكون إجماعا . مع أنا لم نقف على مخالف فيه صريحا ، بل ولا ظاهرا ، إلا ما ربما يستفاد من تردد المصنف في الشرائع ، واستشكال الفاضل في القواعد ، وهو بمجرده لا يوجب المخالفة ، مع تصريح الأول بأن اعتباره هو الأظهر بين الأصحاب بكلمة الجمع المعرف المفيد للعموم الظاهر في الإجماع ، ونحوه شيخنا الشهيد في المسالك ، وأظهر من كلامه ثمة كلامه في الروضة ، فاختار المصير إلى اعتباره بعد المناقشة في دليله ، معتذرا بعدم ظهور مخالف فيه وجعله وسيلة لاختياره ، وهو ينادي باجماعيته ) إلى أن قال: ( وبالجملة فالقول بعدم اعتباره لو كان ولزوم النفقة بمجرد العقد لا ريب في ضعفه ) [2]
 وفي الجواهر بعد نقل كلام القوم بالتفصيل قال: (لكن قد يقال : إن ظاهر النصوص المشتملة على بيان حق الزوج على الامرأة - كون النشوز مسقطا باعتبار تفويته الشرط الذي هو وجوب طاعتها وعرضها نفسها عليه ، وعدم خروجها من بيته بغير إذنه ، لا أنه مانع لوجوب النفقة الذي كان سبب وجوبها العقد مجردا ، كما هو واضح بأدنى التفات ) إلى أن قال: (نعم الإنصاف أن المعنى المستفاد من النصوص المزبورة ليس هو اعتبار مطلق التمكين الذي فرعوا عليه الفروع المتجه بناء عليه سقوط النفقة لمن لم تمكن من ذلك ولو لعذر شرعي ، ضرورة عدم مدخلية العذر شرعا في صدق انتفائه المقتضي لانتفاء مشروطة وإن كان لا إثم عليها به ، لأن الفرض معذوريتها شرعا ، فالمتجه حينئذ اعتبار الطاعة التي يكون عدمها نشوزا في وجوب الإنفاق ، وهو لا يكاد ينفك عن عدم النشوز ، فلا يتجه الفرق بين القول بكون التمكين شرطا وبين القول بكون النشوز مانعا بعد فرض إرادة ما ذكرناه من التمكين على الوجه المزبور الذي مرجعه إلى اتحاد مصداق المراد من مفهوم التمكين وعدم النشوز بالنسبة إلى وجوب الإنفاق ، فاتفاق صدق عدم النشوز في بعض الأفراد التي لا يتحقق فيها مصداق التمكين غير قادح بعد فرض عدم الاكتفاء بمثله في الإنفاق كما في الصغيرة ، كما أنه لا يقدح عدم صدق التمكين في بعض الأفراد التي لا نشوز فيها باعتبار العذر شرعا أو عقلا المانع عن الاستمتاع في وجوب الإنفاق الذي فرضنا كفاية صدق عدم التقصير من الامرأة فيما وجب عليها من حقوق الزوج فيه والفرض تحققه ) [3] .
 والمتحصل من هذه السرد أن في المسألة قولان : قول للمشهور وهو شرطية التمكين التام لوجوب النفقة على الزوجة وقول لصاحب الحدائق وصاحب الجواهر من أن التمكين التام ليس شرطا وإنما الشرط هو التمكين الذي يكون عدمه محققا للنشوز مع اتفاق الجميع على أن النشوز بكل أحواله مسقط للنفقة .
 وأما العامة فذهبت الحنفية إلى أن الزوجة متى حبست نفسها في منزل الزوج ولم تخرج إلا بإذنه تكون مطيعة وإن امتنعت عنه في الفراش من غير مبرر شرعي فإن امتناعها هذا وإن كان حراما عليها ولكن لا تسقط به النفقة فسبب الإنفاق عندهم هو حبس المرأة نفسها في منزل الزوج ولا دخل أبدا للفراش والاستمتاع .
 وذهب الآخرون إلى أنه إذا لم تمكن الزوجة من نفسها وتخلي بينها وبينه مع عدم المانع شرعا وعقلا تعد ناشزة لا تستحق شيئا من النفقة وزاد الشافعية لاستحقاق النفقة عرض نفسها عليه بالقول صراحة أني مسلمة نفسي إليك .


[1] - الحدائق ج 25 ص 102
[2] - رياض المسائل ج 10 ص 531
[3] - جوار الكلام ج 31 ص 307

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo