< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/02/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة الزوجة
 كلمة أخيرة في البحث السابق حول وجوب النفقة على الزوجة قلنا أنه لا يوجد دليل واضح على شرطية التمكين الكامل أو شرطية التمكين الواجب وقلنا بان أدلة وجوب النفقة عامة وأدلة حرمة النشوز ووجوب الإطاعة لا يوجد بينها وبين النفقة ربط إلا خبر السكوني الذي ربط النفقة بالخروج وخبر تحف العقول الذي ورد فيه فإن أطعنكم فعليكم نفقتهم قلنا بأن الخبرين غير تامي الحجية فهل يمكن اخذ العموم بعرضه العريض وكلما صدق على المرأة بأنها زوجة فيجب على الزوج الإنفاق بلا قيد ولا شرط ، بعرضه العريض صعب لأنه بالتتبع يوجد إجماع غير محتمل المدركية ولو بخصوص مسقطية النشوز للنفقة سواء كان مفوتا للشرط وهو الطاعة أو كان مانعا من الوجوب .
 فبهذا المقدار يوجد تسالم على أن النشوز مسقط لوجوب النفقة في الجملة وغير محتمل المدركية وبالتالي معقده غير واضح ولذلك بعض الفقهاء لا يقول بان مطلق النشوز مسقط فحينئذ نقتصر على القدر المتيقن وهو أعلى مراتب النشوز وهو إعلان التمرد وبهذا المقدار نحن نلتزم به وأكثر من ذلك لا نلتزم ونكون موافقين للشهيد الصدر والسيد محمود الهاشمي .
 قال المصنف: ( أما نفقة الزوجة الدائمة فتجب على الزوج وهي الإطعام والكسوة والسكنى والفراض والغطاء وآلة التنظيف وسائر ما تحتاج إليه بحسب حالها .
 ( مسألة 1398 ) : الظاهر أن من النفقة الواجبة على الزوج أجرة الحمام عند حاجة الزوجة إلى التنظيف إذا لم تتهيأ لها مقدمات التنظيف في البيت أو كان ذلك عسرا عليها لبرد أو غيره كما أن منها أجرة مصاريف الولادة والفصد والحجامة عند الاحتياج إليهما وكذلك أجرة الطبيب والأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها عادة بل لا يبعد أن يكون منها ما يصرف في سبيل علاج الأمراض الصعبة التي يكون الابتلاء بها اتفاقيا ولو احتاج إلى بذل مال خطير ما لم يكن ذلك حرجيا ) .
 وخلاصة كلام المصنف في هذه المسألة أنه تجري النفقة على الزوجة في كل ما تحتاج إليه في الحياة الزوجية كل بحسب عادتها ولذلك وسع دائرة النفقة الى التداوي من الأمراض الخطيرة
 وهذا البحث في كلام الأصحاب مشوش ولذا اقتصرنا على بعض العبارات لا سيما كلام صاحب الجواهر لأنها جامعة وخلاصة الكلام أن النفقة تدور عندهم حول ثمانية أمور الطعام الادم الكسوة الخدام الفراش آلة الطبخ آلة التنظيف البيت
 هذه الأمور الثمانية دار كلام العلماء حولها من حيث المقدار ومن حيث الجنس ومن حيث الكمية ثم اختلفوا بحال الزوج أم بحال الزوجة أم بحال غالب البلد
 والذي لفت نظري انه يوجد كلام لابن إدريس علق عليه العلامة الحلي
 ابن إدريس تحدث عن الطعام فقال هل نفقة الزوجات غير مقدرة من الشرع ثم نقل عن الشيخ الطوسي أنها مقدار مد للموسر والمعسر فرد عليه فقال: ( فإنه ذهب إلى أنها مقدرة ، ومبلغها مد ، وقدره رطلان وربع ، ثم استدل رحمه الله بإجماع الفرقة وأخبارهم ، وهذا عجيب منه رضي الله عنه ، والسبر بيننا وبينه ، فإن أخبارنا لم يرد منها خبر بتقدير نفقة ، وأما أصحابنا المصنفون فما يوجد لأحد منهم في تصنيف له تقدير النفقة ، إلا من قلده وتابعه أخيرا ) [1]
 وعلق العلامة في المختلف على كلام ابن إدريس فقال: (وقول ابن إدريس وإن كان جيدا لكن نسبة الشيخ إلى قول ما ليس بحق في غاية الجهل ) [2]
 وفي الإيضاح قال: (البحث هنا في موضعين ( ألف ) تقدير قوت الزوجة واختلف فيه على أقوال ثلاثة ( ألف ) لا تقدير لكميته بل يسد خلتها أن تشبع جوعها وهو اختيار والدي و ابن إدريس ( ب ) إنه مد وهو رطلان وربع وهو اختيار الشيخ في الخلاف ( ج ) مدان على الموسر ومد ونصف على المتوسط ومد على المعسر وهو قول الشيخ في المبسوط وابن البراج ) [3]
 وفي الجواهر: (( وفي تقدير الإطعام خلاف فمنهم من قدره بمد للرفيعة والوضيعة من الموسر والمعسر ، ) وهو الشيخ في المحكي من خلافه محتجا بإجماع الفرقة وأخبارهم التي لم نعثر منها إلا على صحيح شهاب المتقدم الذي قد عرفت حمله على الفضل ، وما ورد من تقديره في الكفارة التي لا يقاس ما نحن فيه عليها ، ومنهم هو أيضا في المحكي من مبسوطه ، فقدره بذلك للمعسر وبمدين للموسر ومد ونصف للمتوسط ، كما عن الشافعي ، ولم نعثر لله على دليل معتد به ومنهم من لم يقدره بشئ من ذلك واقتصر على سد الخلة ، وهو مع أنه أشهر بيننا ، بل المشهور شهرة عظيمة ( أشبه ) بأصول المذهب وقواعده .
 وأما جنسه فقد قيل : إن المعتبر فيه غالب قوة البلد ، كالبر في العراق وخراسان ، والأرز في طبرستان ، والتمر في الحجاز ، والذرة في اليمن ، لأن شأن كل مطلق حمله على المعتاد ، ولأنه من المعاشرة بالمعروف ، وإن اختلف الغالب باختلاف الناس اعتبر حالها ، وفي محكي المبسوط " ويعتبر بغالب قوت أهل البلد ، وينظر إلى غالب قوته " فأوجب عليه كالإطعام في الكفارات ، ويحتمل أن يكون أراد به ما ذكره بعضهم من أنه إن لم يكن القوت الغالب أي لم يقدر عليه الزوج إما لعدمه أو عدم الوصول إليه فما يليق بالزوج ، لأنه لا تكلف نفسا إلا وسعها ، ولقوله تعالى: " ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله " وفي المسالك " أنها ترجع فيما تحتاج إليه من طعام وجنسه من البر والشعير والتمر والزبيب والذرة وغيرها والإدام والسمن والزيت والشيرج واللحم واللبن ، والكسوة من القميص والسراويل والمقنعة والجبة وغيرها ، وجنسها من الحرير والقطن والكتان ، والاسكان في دار أو بيت لائقين ، والاخدام إذا كانت من أهله من ذوي الحشمة والمناصب المرتفعة ، وآلة الادهان التي تدهن به شعرها أو ترجله من زيت أو شيرج مطلق أو مطيب بالورد أو البنفسج أو غيرهما مما يعتاد لأمثالها والمشط ، وما يغسل به الرأس من السدر والطين والصابون على حسب عادة البلد ونحو ذلك مما يحتاج إليه في عادة أمثالها من أهل بلدها ، وإن اختلفت العادة ترجع إلى الأغلب ، ومع التساوي فما يليق منه بحاله " . قلت : لعل ما في المسالك من الرجوع إلى عادة الأمثال من أهل البلد أولى من جعل المدار على القوت الغالب في الفطر أو البلد ، ضرورة انسياق الأول من إضافة " رزقهن وكسوتهن " و " ستر عورتها وسد جوعتها " وكذا ما ذكره من الرجوع إلى الأغلب مع الاختلاف ، فإنه الأقرب إلى الإضافة المزبورة وإلى حمل الإطلاق ، نعم ما ذكره من الرجوع إلى ما يليق بحال الزوج مع التساوي لا يخلو من نظر ، فإن المتجه في الفرض التخيير بين أفراد ما يليق بها ، إذ هو الفرد القريب إلى الإضافة المزبورة وإلى المعاشرة بالمعروف ، كما أن ما ذكره غيره من أنه إن لم يقدر الزوج على القوت الغالب إما لعدمه أو عدم الوصول إليه فما يليق بالزوج كذلك أيضا ، لاحتمال احتساب ذلك عليه دينا) [4]
 وللكلام تتمة


[1] - السرائر ج 2 ص655
[2] - مختلف الشيعة ج 7 ص 321
[3] - إيضاح الفوائد ج 3 ص270
[4] - جواهر الكلام ج 31 ص 333

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo