< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/03/29

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة غير العامودين
 وصل بنا الكلام في المسألة إلى الأمر الثاني
 الأمر الثاني: في عدم سقوط الوجوب مع قدرة القريب على أخذ النفقة من الحقوق
 الأمر الثالث: في سقوط الوجوب مع وجود البذل خارجا من غير المنفق
 الأمر الرابع: لا يجب الإنفاق مع غنى القريب بل لا يجب الإنفاق على القريب مع قدرته على التكسب
 والأمر الثاني والثالث متوقفان على توضيح الأمر الرابع وهو شروط المنفق عليه بحيث يتحدد موضوع صفة المنفق عليه لذا سنبحثها مع الأمر الرابع تحت عنوان شروط المنفق عليه
 شروط المنفق عليه:
 الشرط الأول: الفقر فلا يجب الإنفاق على القريب الغني وهذا ما ذهب إليه الأصحاب
 قال في الشرائع: (ويشترط في وجوب الإنفاق الفقر. وهل يشترط العجز عن الاكتساب ؟ الأظهر اشتراطه ، لأن النفقة معونة على سد الخلة ) [1]
 وقال في التحرير: ( يشترط في وجوب الإنفاق على الأقارب ، الفقر ، فلا تجب النفقة على الغني ، صغيرا كان أو كبيرا ، عاقلا كان أو مجنونا ) [2]
 وقال في الرياض: ( ويشترط في الوجوب أي وجوب الإنفاق على القرابة دون الإنفاق على الزوجة الفقر في المنفق عليه وعدم شئ يتقوت به أو عدم وفاء ماله بقوته ، واشتراطه كاشتراط اليسار في المنفق موضع وفاق ، كما يظهر من كلام الجماعة ، وبه صرح بعض الأجلة. وهو الحجة فيه بعد الأصل السالم عما يصلح للمعارضة ) [3]
 وقال في القواعد: (وفي المنفق عليه الحاجة ، وهو الذي لا شئ له ) [4]
 وقال في الدر المنضود: (وفي المنفق عليه : العجز ، فلو قدر فعلا أو قوة انتفى الوجوب ) [5]
 وقال في الكفاية: ( ويشترط في وجوب الإنفاق الفقر ) [6]
 وقال في الحدائق: (يشترط في المنفق عليه الفقر والعجز عن الاكتساب ، فلو لم يكن كذلك لم يجب الإنفاق عليه ) [7]
 وقال في الجواهر: (( و ) كيف كان فلا خلاف في أنه ( يشترط في وجوب الإنفاق الفقر ) في المنفق عليه ، بمعنى عدم وجدانه تمام ما يقوته ، بل ربما ظهر من بعضهم الإجماع عليه ، للأصل السالم عن معارضة الأدلة السابقة بعد انصرافها لغير المفروض ) [8]
 معنى الفقر
 والمراد بالفقر في كلماتهم عدم وجدان ما يحتاج إليه في معيشته فعلا من طعام وآدم وكسوة وفراش وغطاء ومسكن ونحو ذلك من احتياجاته اليومية فلا تجب على الواجد لنفقته فعلا وإن كان فقيرا شرعا أي لا يملك قوت سنته .
 فالفقر هنا يغاير معنى الفقر في كتاب الزكاة والخمس والكفارات فمن كان واجدا لنفقته فعلا شهرا أو شهرين أو ثلاثة فهو فقير شرعا لأنه لا يملك قوت سنته ولو بالقوة فيحق له أخذ الحقوق ولكن لا يجب الإنفاق عليه من باب القرابة.
 والسر في الاختلاف أن نفقة الأقارب مواساة لسد الخلة والحاجة وقد ترفع فعلا الحاجة ولكنه فقير شرعا.
 وعلى هذا الأساس يكون الشرط واقعا هو الحاجة الفعلية لما يقوت به.
 ومن هنا نرى كثير من فقهاء العصر عبر عن الفقر في المقام بمعنى عدم وجدانه لما يحتاج إليه في معيشته فعلا وما يتوهم من بعض العبائر من مقابلة الفقر للغنى و أن ظاهرها الغنى والفقر الشرعيين غير تام لأنهم يريدون الحاجة وعدمها.
 وعلى هذا فلو كان للولد مال من إرث أو غيره يكفيه وجبت نفقته فيه لأن وجوب نفقة الإنسان على غيره مقيد بالحاجة فلا تجب لغير المحتاج فإن كان ذا مال كان مستغنيا بماله غير محتاج لغيره.
 وأما إذا كان غير واجد ولكنه كان متمكنا من التحصيل وهذا التمكن قد يكون من باب غير الاكتساب وأخرى من باب الاكتساب
 أما لو كان من غير الاكتساب: كما لو أمكنه تحصيل النفقة بالاستعطاء أو السؤال فإنه لا يسقط الوجوب بلا إشكال عند الكل وذلك لصدق الحاجة فعلا نعم لو أعطي مقدار النفقة الفعلية سقط الوجوب لارتفاع الحاجة وسد الخلة ومثله في عدم السقوط لو كان متمكنا من تحصيلها من الحقوق الشرعية مطلقا بل قيل بعدم جواز أخذ الحقوق لوجوب الانفاق عليه.
 وأما إذا تمكن من تحصيلها بالاقتراض وكان حرجيا عليه أو يحتمل عدم التمكن من وفائه فكذلك يجب الإنفاق لصدق أنه محتاج فعلا نعم لو كان له مقابله فإنه لا يصدق عليه المحتاج فعلا ولذا استقرب السيد محسن الحكيم عدم الوجوب مع إمكان تحصيلها بأخذ الحقوق.
 واستدلوا على هذا الشرط بالأصل السالم عن معارضة الأدلة السابقة بعد انصرافها لغير المفروض .
 وقد يمنع الانصراف ويتمسك بالإطلاق ولذا فالأولى الاستدلال له بالتسالم بين الأصحاب على هذا الشرط بل يمكن أن يقال أن الأدلة الدالة على وجوبنفقة الأقارب كل منهما على الآخر إذا كان مطلقا لزم فيما إذا كان الأب والولد غنيين وجوب نفقة الأب على الولد ونفقة الولد على الأب وهو كما ترى فالمفهوم عرفا من إيجاب النفقة على كل منهما للآخر اشتراط الفقر في المنفق عليه وهذا يعني أن مناسبات الحكم والموضوع يقتضي اشتراط العوز ولعل هذا هو السر في اشتراط يسار المنفق المتفق عليه بين الأصحاب .
 وللحديث تتمة تأتي والحمد لله رب العالمين
 


[1] - شرائع الإسلام ج2 ص 573
[2] - تحرير الأحكام ج 4 ص 40
[3] - رياض المسائل ج 10 ص 543
[4] - قواعد الأحكام ج 3 ص 114
[5] - الدر المنضود ص 205
[6] - كفاية الأحكام ج 2 ص 305
[7] - الحدائق الناضرة ج 25 ص 136
[8] - جواهر الكلام ج 31 ص 371

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo