< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/04/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ النفقات \ أقسام النفقات \ نفقة غير العامودين
 كان الكلام في شرطية العجز عن الاكتساب في وجوب النفقة على القريب فلو كان قادرا معرضا طلبا للراحة فقد ذكرنا أن الفقهاء استدلوا على هذا الشرط بأن الإنفاق على الفقير مواساة بل قيل انه لا يعطى من الزكاة
 أقول: في باب الزكاة دل الدليل على أن المستحق هو الفقير وفرعوا عليه أن القادر على الاكتساب المعرض لراحة ليس بفقير فلا يشمله الدليل بينما في المقام لا يوجد في دليل النفقة ما يدل على التقييد بالفقر أو بعدم الغنى أو العجز عن الاكتساب ودعوى انصراف الأدلة عن القادر على الاكتساب مشكل طالما يصدق في حقه أنه محتاج فعلا اللهم إلا أن يدعى عدم الإطلاق في دليل وجوب الإنفاق.
 ويمكن توجيه عدم الإطلاق بأن يقال: لما كان الإطلاق في الدليل بعرضه العريض ممنوعا عرفا في لسان الدليل لمناسبة الحكم والموضوع فهو دليل لبي وهو مجمل وبما أن الدليل اللبي بحكم القرينة المتصلة فسوف يجري الإجمال إلى المطلق فلا إطلاق للأدلة يشمل القادر على التكسب المعرض والأصل يقتضي عدم الوجوب.
 وعليه فالأظهر اعتبار هذا الشرط أي العجز عن الاكتساب في وجوب الإنفاق على العمودين كل منهما.
 إن قلت: إن هذا القادر على الاكتساب المعرض للراحة قبل أن يصير كذلك كان يجب الإنفاق عليه فالآن كذلك.
 قلت: إن هذا متوقف على أن يكون وصف العجز عن الاكتساب حيثية تعليلية وإلا فلو كان حيثية تقييدية فلا يجري الاستصحاب لتعدد الموضوع وبما أن التقييد كان نتيجة الإجمال في الخطاب فلا يحرز أن الصفة حيثية تقييدية أو تعليلية وبالتالي سوف يشك في إحراز الموضوع للقضية المستصحبة، ومن شرائط جريان الاستصحاب إحراز وحدة الموضوع في القضية المتيقنة والمشكوكة، وهذا مفقود في المقام لتردد الوصف بين التقييدية والتعليلية، فتدبر.
 مسألة (1402)( يشترط في وجوب الإنفاق قدرة المنفق على الإنفاق، فإن عجز بقيت في ذمته نفقة الزوجة وسقطت نفقة الأقارب ).
 تعرض السيد الماتن إلى أمرين:
 الأول: شرطية القدرة في وجوب الإنفاق.
 الثاني: الفرق بين نفقة الزوجة ونفقة الأقارب، فإن الأولى لا تسقط بالعجز عن الإنفاق فتبقى في ذمته بينما نفقة الأقارب تسقط عند العجز.
 الأمر الأول: لا إشكال في هذا الشرط فإن العاجز عن الإنفاق لا يكلف به لأن القدرة من الشرائط العامة لكل تكليف فضلا عن الإنفاق "ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها".
 قال في كشف اللثام: ( ويشترط في المنفق اليسار اتفاقا لأنه مواساة. وقد فسر اليسار بما يفضل عن قوت يومه وقوت زوجته، وأما إذا كان عاجزا عن الإنفاق ولو بعدم قدرته على الاكتساب اللائق بحاله بحيث لو كان له قريب موسر لوجبت نفقته عليه فلا يكلف بالإنفاق للآية ولأنه لا يعقل إيجاب نفقة غيره عليه وهو يأخذ نفقته من غيره لأن فاقد الشيء لا يعطيه ) [1] .
 قال الإمام الخميني (قده): (لو لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسل إلى تحصيله بأي وسيلة مشروعة حتى الاستعطاء والسؤال فضلا عن الاكتساب اللائق بحاله ، ولو لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته أو قريبه فلا ينبغي الإشكال في أنه يجب عليه تحصيله بالاكتساب اللائق بحاله وشأنه ، ولا يجب عليه التوسل إلى تحصيله بمثل الاستيهاب والسؤال ، نعم لا يبعد وجوب الاقتراض إذا أمكن من دون مشقة وكان له محل الإيفاء فيما بعد ، وكذا الشراء نسيئة بالشرطي المذكورين ) [2] .
 أقول: أما بالنسبة إلى نفسه فإذا انحصر تحصيله بالسؤال فإنه يجب وإن كان مستلزما للهتك وذلك لتقدم وجوب حفظ النفس على حرمة الهتك فضلا عما إذا لم يكن مستلزما للهتك. وعليه فلا وجه لما نقل عن بعضهم من حرمة السؤال إذا استلزم الهتك كما نقل عن كشف اللثام.
 وأما بالنسبة إلى زوجته أو أقاربه فلا إشكال في وجوب تحصيله بالاكتساب اللائق بحاله إذا كان قادرا عليه ومع عدمها لا يجب تحصيله بالسؤال وإن لم يستلزم الهتك لعدم كونه طريقا عرفا لتحصيل النفقة، نعم وجوب الاقتراض من دون مشقة مع إمكان إيفائه فيما بعد يعد عرفا من الطرق المتداولة لتحصيل النفقة وهذا يعني أن هناك فرقا بين نفقة النفس ونفقة غيره.
  وسيأتي تفصيل ذلك في بعض المسائل الآتية.
 والحمد لله رب العالمين


[1] - كشف اللثام ج 7 ص 596
[2] - تحرير الوسيلة ج 2 ص 321

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo