< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/06/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب النكاح \ أحكام النفقات \ قبول النفقة للإسقاط مستقبلا
 ( مسألة 1412 )
 ( نفقة الزوجة تقبل الإسقاط في كل يوم أما الإسقاط في جميع الأزمنة المستقبلة فلا يخلو من إشكال وإن كان الجواز أظهر وأما نفقة الأقارب فلا تقبل الإسقاط لأنها واجبة تكليفا محضا )
 تعرض السيد الماتن في هذه المسالة إلى أمرين:
 الأول: قابلية نفقة الزوجة للإسقاط مطلقا في الزمان الماضي والحالي والمستقبل
 الثاني: عدم قابلية نفقة الأقارب للإسقاط مطلقا
 الأمر الأول: لا إشكال عند الجميع في صحة إسقاط الزوجة لنفقتها الماضية والحالية تبرعا أو مصالحة بناء على أن الحقوق قابلة للإسقاط إذ لكل ذي حق إسقاط حقه وهي كبرى عقلائية ممضاة من الشارع
 وإنما الإشكال والكلام في صحة إسقاط نفقتها المستقبلة لا سيما على القول بأنها تملك النفقة في صبيحة كل يوم كما هو رأي المشهور إذ قد يستشكل في صحة الإسقاط حينئذ لأنه إسقاط ما لم يجب حيث أنه قبل مجيء الزمان لا ثبوت للنفقة فكيف يعقل إسقاطها ؟ لاستحالة إعدام المعدوم وللتفكيك بين الانشاء والمنشأ ولذا نسب إلى أكثر الفقهاء عدم إسقاط نفقة الزوجة المتجددة ولازمه أن لها المطالبة لو جاء وقتها وبعبارة أخرى أن نفقة الزوجة الاستقبالية ليست ثابتة في ذمة الزوج فلا تكون قابلة للإسقاط إنشاء
 والمشهور وإن لم يتعرض لهذه المسألة بالخصوص غير أنهم نصوا على ذلك من باب ذكر الأمثلة التي تكون من موارد إسقاط ما لم يثبت
 ففي المبسوط في باب الوصية عند التعرض لرد الوصية الزائدة عن الثلث من قبل الوارث في حياة الموصي قال: ( أن يردها قبل وفاة الموصي ، فإنه لا حكم لهذا الرد لأنه ما وجب له شئ حتى يرده
 كما لو عفى عن الشفعة قبل البيع ، فلا يكون له حكم ) [1]
 وفي المهذب قال: ( فإذا عفا عن حق الشفعة قبل البيع لم يصح لأنه يكون قد عفا عما لم يجي ولا يملكه فلا يسقط حقه حين وجوبه بذلك)
 ومثله في السرائر
 وفي الشرائع: (ولو نزل عن الشفعة قبل البيع، لم تبطل مع البيع، لأنه إسقاط ما لم يثبت ، وفيه تردد ) [2]
 ومثله في التبصرة لكن من دون تردد
 وفي المهذب البارع: ( نزول الشفيع عن الشفعة قبل البيع ، هل يبطل به ؟ قال المصنف :لا وهو مذهب أبي علي وابن إدريس واختيار العلامة في القواعد والمختلف لأنه نزول عما لم يجب ، فجرى مجرى إسقاط المرأة صداقها قبل العقد ، وإبراء الجاني قبل الجناية ، والمديون قبل الاستدانة ، فلا يتعلق به حكم ) [3]
 وفي جامع المقاصد: ( وإسقاط الحق قبل استحقاقه لا أثر له ")
 وفي الكشف ( أو إسقاط حق الزوجة من النفقة أبدا فإنه إسقاط ما لم يثبت وهو خيرة المبسوط )
 وفي الحدائق: ( إن الإسقاط قبل ثبوت الشفعة غير مؤثر في المنع وإلا لصح ذلك في غير هذا الحق من الحقوق مع أنه لا يقولون به )
 وفي الجواهر: (وهو إن كان المراد من النزول عن الشفعة إنشاء إسقاطها قبل حصول متعلقها فلا ريب في أن الأصح عدم السقوط ، بل لا يتصور تأثير الإنشاء قبل حصول متعلقه مع فرض عدم دليل شرعي . نعم ستعرف في آخر البحث توجيه صحته بناء على ثبوت الحق قبل البيع ) [4]
 وفي موضع آخر يقول: (كما أنك قد عرفت الحال في مسألة الإسقاط ، وأنه إن أريد به إنشاؤه قبل البيع على وجه يؤثر في البيع بعد وقوعه فيمكن دعوى الضرورة - فضلا عن الإجماع - على عدمه ) [5]
 وفي تعليقة الآخوند على المكاسب قال: (ضرورة أنه لا يتفاوت فعدم معقولية إسقاط ما لم يثبت بين أن يكون عدم الثبوت ، لعدم السبب ، أو لعدم الشرط . نعم لو جعل الإسقاط ، إسقاطا لما ثبت فعلا
 بالسبب من التهيؤ ، فهو وإن كان يعقل ، إلى أنه يحتاج إلى دليل ، فلعله لم يكن من قبيل الحقوق قابلة للإسقاط ، بل كان من قبيل الأحكام ) [6]
 وبناء عليه يمكن دعوى أن المشهور قائل بعدم إسقاط نفقة الزوجة الاستقبالية
 ثم إنهم وجدوا أن بعض الأمثلة قد ورد فيها نص مثبت للصحة وحاولوا ان يخرجوا المسألة على غير إسقاط ما لم يجب وذكروا لكل مورد تخريجا يناسبه هروبا من إشكال اسقاط ما لم يثبت بل ترقى بعضهم للقول بأن إسقاط ما لم يجب لم يقم عليه دليل على التأثير فخرجوا ذلك على أساس أن الإنشاء فعلي والمنشأ استقبالي أو أن وجود المقتضي كاف لإسقاط المسبب أو على أساس أن العقلاء يرون أن الشريك صاحب حق قبل البيع إلى غير ذلك مما ذكروه في المقام .
 فقهاء العصر
 ولكن الفقهاء في هذا العصر ذهبوا إلى خلاف ما هو المشهور سابقا فأفتوا بصحة إسقاط نفقة الزوجة أبدا أي في كل الأزمنة كالسيد الماتن والسيد محسن الحكيم والسيد الشهيد الصدر والسيد السيستاني والسيد الهاشمي والسيد سعيد الحكيم والسيد محمد الروحاني والسيد صادق الروحاني والسيد السبزواري والشيخ إسحاق والشيخ وحيد ويفهم ذلك من كلام الإمام قد في رد الإشكال المعروف في مسألة إسقاط الخيار قبل ثبوته بأنه إسقاط ما لم يجب فراجع.


[1] - المبسوط ج 4 ص 33
[2] - شرائع الإسلام ج 4 ص 788
[3] - المهذب البارع ج 4 ص 275
[4] - جواهر الكلام ج 27 ص 430
[5] - جواهر الكلام ج 27 ص 433
[6] - حاشية المكاسب الآخوند ص 207

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo