< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

33/12/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط المطلق \ فرع طلاق الولي عن المجنون
 فرعان
 الفرع الأول: صحة طلاق الولي عن المجنون دون الصبي
 والكلام من جهتين: الأولى في طلاق الولي عن الصغير والثانية في طلاق الولي عن المجنون
 أما الجهة الأولى
 أجمع العلماء قاطبة قديما وحديثا وكذلك ذهبت الحنفية والشافعية على عدم صحة طلاق الولي عن الصبي سواء كان الأب أو الجد أو الحاكم ولم يخالف في ذلك أحد بما هو طلاق لا شئ اخر.
 واستدلوا على ذلك: إضافة للإجماع وأصالة بقاء الزوجية عند الشك في وقوع الطلاق وعدمه
 تارة: بأن للصبي أمدا يترقب زواله بالبلوغ مثله مثل السكران
 وأخرى: بالأخبار الواردة في المقام خبر عام ينفي طلاق أي شخص آخر غير الزوج سواء كان ولي أو غير ولي وأربعة أخبار تنفي خصوص طلاق الولي بعنوان الولي
 الخبر الأول: النبوي الحاصر الطلاق بيد من أخذ بالساق وهو الصغير واما الولي فلم يأخذ بالساق فليس له أن يطلق بمفهوم الحصر كما قيل بأن تعريف المسند إليه إذا كان مبتدأ يفيد حصر المسند إليه بالخبر فينافي الطلاق بالولاية دون الوكالة التي هي في الحقيقة طلاق مالك البضع عرفا
 وفيه: مشكلة من جهة السند ومن جهة الحصر ومناقشته تأتي
 الخبر الثاني: صحيح محمد بن مسلم
 محمد بن الحسن بإسناده ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن محمد بن أبي عمير ، عن صفوان ، عن علا ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ( في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان ؟ فقال : إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم ، قلت : فهل يجوز طلاق الأب ؟ قال : لا ) [1]
 الخبر الثالث: صحيح آخر لمحمد بن مسلم
 وعنه ، عن الحسن بن محبوب ، عن العلا ، عن محمد بن مسلم قال : ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن الصبي يزوج الصبية ، قال : إن كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم جايز ، ولكن لهما الخيار إذا أدركا فان رضيا بعد ذلك فان المهر على الأب قلت له : فهل يجوز طلاق الأب على ابنه في صغره ؟ قال : لا ) [2]
 الخبر الرابع: رواية الفضل عن عبد الملك
 محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن عبد الله بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن أبان بن عثمان ، عن الفضل بن عبد الملك قال : ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير ، قال : لا بأس ، قلت : يجوز طلاق الأب ؟ قال : لا ) [3]
 وهي ضعيفة ببنان بن محمد بن عيس فانه مجهول
 أما الجهة الثانية
 الظاهر أن كلام السيد الماتن مطلق من حيث الجنون الاطباقي والإدواري ومقيد بالبالغ دون غير البالغ وهو من بلغ فاسد العقل أو كان بالغا عاقلا ثم طرأ عليه الجنون والقرينة على ذلك هو نفي طلاق ولي الصبي مطلقا ولو كان مجنونا .
 المشهور بين الأعلام: صحة طلاق الولي عن المجنون في الجملة مع مراعاة الغبطة ومنعه الشيخ في الخلاف وابن إدريس في السرائر
 قال الشيخ في النهاية: ( ولا يجوز لوليه أن يطلق عنه . اللهم إلا أن يكون قد بلغ ، وكان فاسدا العقل ، فإنه ، والحال على ما ذكرناه ، جاز طلاق الولي عنه ) [4]
 وتبعه ابن البراج وهو اختيار ابن الجنيد فانه قال: ( ومن كان عقله يثيب إليه أحيانا ويذهب أحيانا فطلق في حال إثابة عقله على السنة صح طلاقه ، ومن كان لا يثيب عقله إليه لم يكن طلاقه طلاقا ، وإن طالبته الزوجة بفراقه وكان عند عقد النكاح قد رضيت بحاله لم يكن لها ذلك ، وإن كانت الحال حادثة أو متزايدة طلق عنه الإمام أو خليفته أو ولي المعتوه )
 وعن ابن بابويه: ( وأما المعتوه فإذا أراد الطلاق طلق عنه ولي )
 وقال الحلي في سرائره: ( لأولى أن يكون غير السكران مثل السكران ، وإن لا يلي غير الزوج الطلاق ، لقوله تعالى : " فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره " فأضاف الطلاق إلى الزوج ، فمن جعل لغيره الطلاق فيحتاج إلى دليل ) [5]
 وقال في الشرائع: ( فلو بلغ فاسد العقل طلق وليه مع مراعاة الغبطة ) [6]
 وفي المختلف: (وقد نص الشيخ في النهاية على أن للولي أن يطلق عنه حيث قال : ولا يجوز لوليه أن يطلق عنه ، اللهم إلا أن يكون قد بلغ ( وكان ) فاسد العقل ، فإنه والحال ما ذكرناه جاز طلاق الولي عنه الى ان قال - وقال ابن إدريس - وبئس ما قال - : لا يجوز للولي أن يطلق عنه. والحق ما قاله الشيخ ) [7]
 وفي الروضة : ( ويطلق الولي وهو الأب والجد له مع اتصال جنونه بصغره ، والحاكم عند عدمهما ، عن المجنون المطبق مع المصلحة الى ان قال - وأطلق جماعة من الأصحاب جواز طلاق الولي عن المجنون من غير فرق بين المطبق ، وغيره ) [8]
 وادعى فخر المحققين الإجماع على صحة طلاق الولي عن المجنون المطبق
 وعن المسالك ( المشهور بين الأصحاب المتقدمين منهم والمتأخرين - ومنهم الشيخ في النهاية وابن الجنيد وابن بابويه وأتباع الشيخ والمتأخرون جواز طلاق الولي عن المجنون المطبق مع الغبطة ) [9]
 وفي نهاية المرام : ( وأما أن لوليه أن يطلق عنه إذا بلغ فاسد العقل مع مراعاة الغبطة ، فهو يقول الأكثر ومنهم الشيخ في النهاية وأتباعه ، وابن بابويه ، وابن الجنيد ، وادعى على فخر المحققين ، الإجماع . وقال في الخلاف : لا يجوز للولي أن يطلق عنه ، محتجا بإجماع الفرقة ، وإلى هذا القول ذهب ابن إدريس ) [10]
 وعن الكفاية: ( ولو طلّق الوليّ عن المجنون المطبق لم يصحّ ، إلاّ أن يبلغ فاسد العقل مع مراعاة الغبطة على القول الأشهر الأقوى ، لصحيحة أبي خالد القمّاط ورواية أخرى له ورواية شهاب بن عبد ربّه. وذهب الشيخ في الخلاف إلى المنع محتجّاً بإجماع الفرقة. واختاره ابن إدريس استناداً إلى وجوه ضعيفة . ونقل الشيخ فخر الدين الإجماع على الأوّل. والتقييد بأن يبلغ فاسد العقل بناءً على القول باختصاص ولاية الأب والجدّ على المجنون بذلك ، وعلى القول الآخر يصحّ الحكم مطلقاً ) [11]
 وفي الحدائق: ( نعم لو بلغ فاسد العقل جاز للولي أن يطلق عنه مع مراعاة الغبطة على المشهور بين المتقدمين والمتأخرين ، بل ادعى عليه فخر المحققين الإجماع ، ولم ينقل الخلاف هنا إلا عن الشيخ في الخلاف ، فإنه ذهب إلى عدم الجواز محتجا بإجماع الفرقة ، وتبعه ابن إدريس ، واحتج كل من القائلين المذكورين بجملة من الأدلة العقلية التي ليس في التطويل بذكرها مزيد فائدة ، والظاهر هو القول المشهور للأخبار التي هي المعتمد في الورود والصدور ) [12]
 وقال الطباطبائي في الشرح الصغير: ( إلا أن يكون بلغ فاسد العقل فسادا لا يمكن معه القصد إلى الطلاق أصلا . فيجوز طلاق الولي عنه حينئذ مطلقا مطبقا كان أو أدواريا لا يفيق حال الطلاق على الأشهر الأقوى ، وفي الإيضاح الإجماع . وظاهر العبارة انحصار جواز طلاق الولي في صورة اتصال الجنون بالصغر وهو مخالف للإجماع ، وإطلاق النصوص ) [13]
 وفي الجواهر : ( المشهور بين الأصحاب نقلا وتحصيلا شهرة عظيمة من أنه لو بلغ فاسد العقل طلق وليه مع مراعاة الغبطة بل عن فخر المحققين الإجماع على ذلك وإن منع منه قوم: منهم الشيخ في المحكي عن خلافه ، وابن إدريس بل ادعى أولهما الإجماع عليه إلى ان قال والمراد بالمجنون الذي يطلق عنه الولي المطبق وأما الإدواري فالظاهر كونه كالسكران لأن له أمدا يرتقب )
 وذهب عامة مراجع العصر إلى صحة طلاق الولي عن المجنون في الجملة مع مراعاة المصلحة أما الدليل فيأتي


[1] - وسائل الشيعة كتاب النكاح باب 12 من أبواب أولياء العقد حديث 1
[2] - وسائل الشيعة كتاب النكاح باب 6 من أبواب أولياء العقد حديث 8
[3] - وسائل الشيعة باب 33 من أبواب الطلاق ومقدماته حديث 1
[4] - النهاية الشيخ الطوسي ص 518
[5] - السرائر ج 2 ص 673
[6] - شرائع الاسلام ج 3 ص 579
[7] - مختلف الشيعة ج 7 ص 367
[8] - الروضة البهية ج 6 ص 18
[9] - مسالك الأفهام ج 9 ص 12
[10] - نهاية المرام ج 2 ص 9
[11] - كفاية الأحكام ج 2 ص 317
[12] - الحدائق الناضرة ج 25 ص 153
[13] - الشرح الصغير ج 2 ص 433

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo