< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ تعيين المطلقة
 كان الكلام في شرطية تعيين المطلقة وقلنا أن هناك قولين قول بالاشتراط وقول بعدمه
 أدلة القول الأول
 استدل على شرطية التعيين بأمور يرجع بعضها إلى عدم تعقل الطلاق بالمبهم والفرد المردد وبعضها إلى عدم وجود دليل على صحة طلاق الزوجة المبهمة وبعضها إلى وجود دليل يمنع عن صحة الطلاق بدون تعيين المطلقة إما دليل اجتهادي وإما بالأصل العملي القاضي باستصحاب بقاء الزوجية عند الشك في صحة الطلاق بدون تعيين ولو بالنية
 الدليل الأول: دعوى أن الطلاق إزالة قيد النكاح والنكاح لا يقع في الخارج إلا على شخص بعينه والطلاق في الحقيقة من توابع النكاح فكما أن النكاح لا يقع إلا على معين فكذلك توابعه ومنها الطلاق
 وفيه: أن هذا يتوقف على وجود دليل يدل على اعتبار وقوع الطلاق على ما وقع عليه النكاح وهو غير موجود
 الدليل الثاني: أن عنوان إحدى الزوجتين أو إحداكن طالق عنوان انتزاعي لا وجود له في الخارج إذ الموجود في الخارج هو الفرد بخصوصياته الجزئية فلا معنى لتعلق الطلاق به كما في سائر العقود والايقاعات وترتب الآثار عليه وبعبارة أخرى أن الكلي الانتزاعي لا عن الخارج لا يصلح لقيام معنى الطلاق فيه وترتيب الآثار عليه
 وفيه: أنه وقع في الشريعة تعلق مثل الطلاق بأحد الأمور بنحو مبهم كالوصية بأحد أمور يملكها بل زوال الزوجية عن أكثر من أربع زوجات فيما لو أسلم على أكثر من أربع فإن الأكثر يزول عن الزوجية بمجرد الاسلام ويبقى أربع تحت الزوجية بدون تعيين
 وأورد عليه صاحب الجواهر: أن هذا قياس لا نقول به وإنما هو مذهب مخالفينا
 وأجيب: بأن النقض ليس من أجل بيان الصحة بل من أجل بيان معقولية تعلق الطلاق وسائر العقود والايقاعات بما هو مبهم وبالفرد المردد إذ الوقوع خير دليل على الإمكان وعدم الاستحالة في الشرعيات
 الدليل الثالث: أن الأحكام من قبيل الأعراض والأعراض لا بد لها من محل تقوم فيه فكما لا يمكن وجود الحموضة في محل مردد ولا البياض والسواد في محل مبهم فكذلك الزوجية والطلاق
 وفيه: أن الأحكام الشرعية من الأمور الاعتبارية وهي خفيفة المؤونة ترجع إلى كيفية اعتبارها وقد تقوم بالكلي في الذمة أو الكلي في المعين كالملكية الحاصلة من بيع الكلي في الذمة أو بيع الكلي في المعين وكذلك اعتبار زوجية إحدى الإمرأتين وخروج الأخرى عن قيد النكاح
 الدليل الرابع: أن بالطلاق تترتب الآثار من العدة وغيرها ووقوعه صحيحا ومع كون متعلقه مبهما سوف لا تترتب تلك الآثار عليه بل بعد القرعة أو اختيار المطلق وهما ليسا من الطلاق بشيء
 وفيه: انه يمكن ان يقال أن الترتيب يكون بعد صدق كون المرأة مطلقة وبعد القرعة أو الاختيار تصبح المرأة مطلقة فيترتب عليها الاثار بلا فعل
 الدليل الخامس: أن تعيين واحدة منهن إن كان بالقرعة فيرد عليه أنها لكشف الأمر المشتبه ظاهرا وهو معين في الواقع والمبهم لا تعين له واقعا وإن كان بتعيين المطلق فيرد عليه أنه لا دليل بعد فرض الصحة على مدخلية اختياره في ذلك ومع عدم إمكان التعيين لا يمكن القول بالصحة كذلك وإلا تحرم عليه كلتا المرأتين وهذا ليس مفاد الطلاق
 وفيه: أن القائل بالتعيين بالقرعة يمكن له أن يلتزم بعموم قاعدة القرعة حتى لو لم يكن له تعيين واقعا طالما يصدق عليه أنه مشتبه ومشكل والقرعة لكل أمر مشكل أو مشتبه وتقييده بالظاهر دون الواقع بلا دليل وقد ورد الأمر بالقرعة فيما لا تعيين له واقعا كما في عتق أحد العبيد
 مع أن المطلق كما له ابتداءا أن يعين المطلقة فكذلك استدامة وبعبارة أخرى ان الزوج يملك ايقاع الطلاق ابتداءا وتعيينه فإذا أوقعه ولم يعيين ملك تعيينه لأنه استيفاء ما ملك
 الدليل السادس: أن توابع الطلاق من العدة وغيرها لا بد لها من محل معين لكي تتحقق ومع عدم المحل المعين لا معنى لترتبها
 وفيه: أن من التزم بالصحة التزم بترتيب الآثار بعد التعيين فإن العدة على من طلقت وما لم تتعين المطلقة لا يصدق هذا العنوان على أي واحدة منهن
 الدليل السابع: دعوى انصراف العمومات إلى الفرد الشائع وهو طلاق الزوجة المعينة إذ هو الشائع والمعروف من الشريعة على من لاحظ الأخبار وعادة الناس في الطلاق
 وفيه: أن الانصراف الناشيء من شيوع فرد وندرة آخر لا يصلح لتقييد الاطلاق على فرض وجوده وذلك لعدم تحقق الانس الذهني بين اللفظ والمعنى إذ الموجب له بحيث ينسبق المقيد إلى الذهن هو كثرة الاستعمال وليس كثرة الأفراد كما لا يخفى
 الدليل الثامن: الأخبار الدالة على التعيين
 منها: صحيح محمد بن مسلم
 وعنه ، عن ابن سماعة ، عن ابن رباط ، وعن علي بن إبراهيم عن أبيه ، عن ابن أبي عمير جميعا ، عن ابن أذينة ، عن محمد بن مسلم ( أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قال لامرأته : أنت علي حرام أو بائنة أو بتة أو برية أو خلية ، قال : هذا كله ليس بشئ إنما الطلاق أن يقول لها في قبل العدة بعد ما تطهر من محيضها قبل أن يجامعها : أنت طالق أو اعتدي ، يريد بذلك الطلاق ، ويشهد على ذلك رجلين عدلين ) [1]
 بتقريب أنه ذكر في حقيقة الطلاق ما يدل على التعيين بقوله أنت طالق باعتبار الخطاب
 منها: خبر محمد بن احمد بن مطهر
 وعن محمد بن عبد الله ، عن عبد الله بن جعفر ، عن محمد بن أحمد بن مطهر قال : ( كتبت إلي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام انى تزوجت أربع نسوة ولم أسأل عن أسمائهن ثم اني أردت طلاق إحداهن وتزويج امرأة أخرى فكتب عليه السلام انظر إلى علامة إن كانت بواحدة منهن فتقول : اشهدوا ان فلانة التي بها علامة كذا وكذا هي طالق ثم تزوج الأخرى إذا انقضت العدة ) [2]
 والجواب عن كلا الخبرين: مع غض النظر عن ضعف سند الرواية الثانية أن الصحيح لا يدل على اعتبار التعيين لأن السائل سأله عن صيغة أنت خلية فأجابه الإمام ع بعدم صحة ذلك بل يقول أنت طالق فالنظر إلى خصوص الصيغة لا إلى التعيين وإلا للزم أن يكون التعيين بالخطاب للحصر ولا قائل به
 وأما الخبر فهو وإن دل على التعيين إلا أنه دل على ذلك لما يريده من ترتيب الحكم الذي سأله عنه وهو الزواج بأخرى بعد التطليق ولا شك في اعتباره لتخرج عن الزوجية وإلا لا عدة ومع عدم مضيها لا يجوز التزويج بالخامسة فتأمل


[1] - وسائل الشيعة أبواب الطلاق ومقدماته باب 16 حديث 3
[2] - وسائل الشيعة أبواب ما يحرم باستيفاء العدد باب 3 حديث 3

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo