< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/04/03

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ صيغة الطلاق \ الطلاق بالكتابة والإشارة
 كان الكلام في وقوع الطلاق بالكتابة وقلنا أن المشهور ذهب إلى عدم وقوعه بالكتابة مع القدرة على النطق سواء كان حاضرا المطلق في بلد الزوجة أم غائبا خلاف لما ذهب إليه الشيخ وجماعة من التفصيل بين الحاضر والغائب فصححوا الطلاق كتابة من الغائب وابطلوه من الحاضر
 قال الشيخ في النهاية: ( فإن كتب بيده: أنه طلق امرأته ، وهو حاضر ليس بغائب ، لم يقع الطلاق . وإن كان غائبا ، وكتب بخطه : أن فلانة طالق ، وقع الطلاق . وإن قال لغيره : اكتب إلى فلانة امرأتي بطلاقها ، لم يقع الطلاق . فإن طلقها بالقول ثم قال لغيره: اكتب إليها بالطلاق ، كان الطلاق واقعا بالقول دون الأمر ) [1]
 وقال في الخلاف: ( إذا كتب بالطلاق زوجته ولم يقصد الطلاق لا يقع بلا خلاف ، وإن قصد به الطلاق فعندنا أنه لا يقع به شئ . واستدل بإجماع الفرقة ، وأصالة بقاء العقد ، وعدم دليل على وقوع الطلاق بالكتابة ) [2]
 واصرح منه ما في المبسوط: (فإذا كتب ونوى ولم يتلفظ به فعندنا لا يقع به شئ إذا كان قادرا على اللفظ ، فإن لم يكن قادرا وقع واحدة إذا نواها لا أكثر منه . ولهم فيه قولان : أحدهما : يقع ، والثاني : أنه لا يقع . وروى أصحابنا أنه إن كان مع الغيبة فإنه يقع ، وإن كان مع الحضور فلا يقع ) [3]
 قال ابن حمزة: (وما يكون في حكم الطلاق أربعة أشياء : الكتابة من الأخرس . ومن الغائب بأربعة شروط : أن يكتب بخطه ، ويشهد عليه ) [4]
 وقال في السرائر: (لا يقع الطلاق إذا كتب بخطه : أن فلانة طالق وإن كان غائبا بغير خلاف من محصل : لأنا نراعي لفظا مخصوصا يتلفظ به المطلق ، ومن كتب فما تلفظ بغير خلاف ، والأصل بقاء العقد وثبوته ، فمن أوقع بالكتابة طلاقا وفرقة يحتاج إلى دليل ، وشيخنا قد رجع عما قاله في نهايته في مسائل خلافه ) [5]
 وفي الشرائع: ( ولا يقع الطلاق بالكتابة من الحاضر ، وهو قادر على التلفظ ، نعم ، لو عجز عن النطق ، فكتب ناويا به الطلاق ، صح . وقيل : يقع بالكتابة إذا كان غائبا عن الزوجة ، وليس بمعتمد ) [6]
 الدليل على عدم الوقوع
 قال العلامة في المختلف: ( والمعتمد ما قاله الشيخ في الخلاف لنا : أن الطلاق إزالة لقيد النكاح الثابت شرعا ، فيقف على دلالة الشرع عليه ، لأصالة بقاء ما كان على ما كان . ولأن الكنايات اللفظية غير مؤثرة في الإزالة ، وإن قصد بها ذلك فالكتابة أولى بعدم الإزالة ، فإن نسبة اللفظ إلى لفظ يدل على ما دل عليه أقوى من نسبة الكتابة إلى اللفظ ولأن النكاح لا يثبت بالكتابة فكذا ضده .
 ولأن للأشياء وجودا في الأعيان ووجودا في الأذهان ووجودا في العبارة ووجودا في الكتابة ، والوجود الذهني يدل على الوجود الخارجي دلالة طبيعية ، والعبارة تدل على الوجود الذهني دلالة وضعية ، والكتابة تدل على العبارة دلالة وضعية أيضا . والمناط في زوال قيد النكاح إنما هو اللفظ ، ولا يلزم من اقتضاء المدلول أمرا اقتضاء دليله ذلك الأمر ، للمغايرة بين الدال والمدلول )
 وفيه: إن كل ذلك لا ينفع مع وجود الدليل اللفظي على وقوعه بالكتابة من الغائب واختلاف الأعلام ناشئ من اختلاف الأخبار ولذا يجب علينا ذكر الأخبار لنرى مدى دلالتها من عدمه ومدى إمكان الجمع بين الأخبار المتنافية من عدمه
 الأخبار الواردة في المقام
 منها: صحيح زرارة
 محمد بن يعقوب ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى أو ابن أبي عمير ، عن ابن أذينة ، عن زرارة قال : ( قلت لأبي جعفر عليه السلام : رجل كتب بطلاق امرأته أو بعتق غلامه ثم بدا له فمحاه ، قال : ليس ذلك بطلاق ولا عتاق حتى يتكلم به ) [7]
 منها: صحيح زرارة الآخر
 محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن ابن أبي عمير ، عن عمر بن أذينة ، عن زرارة قال : ( سألته عن رجل كتب إلى امرأته بطلاقها أو كتب بعتق مملوكه ولم ينطق به لسانه ، قال : ليس بشئ حتى ينطق به ) [8]
 وقد نقله في الحدائق عن التهذيب بأنه روى الحديث عن ابن أذينة وتبعه على ذلك صاحب الجواهر ولكني فحصت فلم أجد لذلك أثرا في التهذيب
 وهذان الخبران هما دليل المشهور القائل بعدم وقوع الطلاق بالكتابة مطلقا من القادر على النطق سواء كان حاضرا أو غائبا
 منها: صحيح أبي حمزة الثمالي
 محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن محبوب ، عن أبي حمزة الثمالي قال : ( سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل قال لرجل : اكتب يا فلان إلى امرأتي بطلاقها ، أو اكتب إلى عبدي بعتقه يكون ذلك طلاقا أو عتقا ؟ قال : لا يكون طلاقا ولا عتقا حتى ينطق به لسانه أو يخطه بيده وهو يريد الطلاق أو العتق ويكون ذلك منه بالأهلة والشهود يكون غائبا من أهله ) [9]
 ورواه الشيخ باسناده عن الحسن بن محبوب عن ابي حمزة الثمالي ورواه الصدوق أيضا كذلك
 وهذه الرواية هي دليل الشيخ ومن تبعه على صحة وقوع الطلاق بالكتابة من الغائب
 لا شك ولا ريب أن مقتضى الجمع العرفي هو حمل المطلق على المقيد وتقييده به وبالتالي سوف تكون النتيجة كذلك تقييد أدلة الحصر في الأخبار السابقة ويكون الحاصل هو التفصيل في الطلاق بين كتابة الحاضر فلا يصح وكتابة الغائب بخطه فيصح منه الطلاق كذلك
 إلا أنه مع ذلك ذكر المشهور وجوها لعدم العمل بظاهر صحيح ابي حمزة
 الوجه الأول: ما ذكره في المختلف حيث قال: ( والجواب : إنه محمول على حالة الاضطرار ، وتكون لفظة ( أو ) للتفصيل لا للتخيير.
 لا يقال : هذه الرواية مختصة بالغائب ، والرواية الأولى مطلقة ، والمقيد مقدم .
 لأنا نقول : الغيبة والحضور لا تأثير لهما في السببية ، فإنا نعلم أن اللفظ لما كان سببا في البينونة استوى إيقاعه من الغائب والحاضر . وكذا الكتابة لو كان سببا لتساوي الحالان فيها ، مع أن في روايتنا ترجيحا بسبب موافقة
 الأصل وتأييدها بالنظر والشهرة في العمل ) [10]
 وخلاصة ما أفاده: أنه لا تأثير للغيبة والحضور في سبب الطلاق فالخبران متعارضان فيحمل الأخير على حالة الاضطرار وتكون أو للتفصيل فكأنه يقول وإذا لم تستطع النطق فبالكتابة بيدك أو يطرح لموافقة الأولين للأصل وللشهرة في العمل
 


[1] -
[2] - الخلاف ج 4 ص 469
[3] - المبسوط ج 5 ص 28
[4] - الوسيلة ص 323
[5] - السرائر ج 2 ص 677
[6] - شرائع الاسلام ج 3 ص 584
[7] - الوسائل باب 14 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 2
[8] - الوسائل باب 14 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 1
[9] - الوسائل باب 14 من أبواب الطلاق ومقدماته ح 3
[10] - مختلف الشيعة " الحلي" ج 7 ص 458

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo