< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ عدالة الشاهدين
 كان الكلام في ذكر الخبرين الذين استدل بهما الشيخ على شرطية الاسلام في شهادة الشاهدين ولا يشترط أكثر من الإسلام مع عدم ظهور الشاهدين بالفسق وذكرنا الخبرين الدالين على قبول شهادة الناصبين.
 والجواب
 اولا: ما ذكره صاحب الحدائق من ان الناصب بالاتفاق كافر ونجس بل انجس من الكلب فكيف يكون مسلما ويصح الطلاق عنده .
 وثانيا: ان الخبر الاول ذكر في صدره العدالة كشرط في الشاهدين فحمله على ان المراد بالعدالة في الصدر الاسلام سوف يكون معارضا بالنصوص المفسرة للعدالة بوصف زائد على الاسلام كما في صحيح ابن ابي يعفور قال: ( قلت لابي عبد الله عليه السلام بم تعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى تقبل شهادته لهم وعليهم فقال عليه السلام: ان يعرفوه بالستر والعفاف وكف البطن والفرج واليد واللسان ويعرف باجتناب الكبائر التي اوعد الله عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف ) [1]
 وقد وقع التنافي بين هذه الرواية والخبر الأول الذي دل على تفسير العدالة بالإسلام
 وكذلك بينها وبين الخبر الثاني الذي دل على قبول شهادة من يعرف منه الخير فهو معارض بما دل على عدم قبول شهادة الفاسق .
 وثالثا: ان الظاهر من قوله عرف بالصلاح ويعرف منه خير هو ارادة حسن الظاهر للقطع بان ليس المراد هو معرفيته بالصلاح والخير بالجملة وان علم فسقه بالاتفاق
 إن قلت: وعلى هذا لا ينطبق الجواب على السؤال
 قلت: لعله من جهة التقية فيكون في جوابه عليه السلام افهم المؤمن والمخالف لا يراه غير مطابقا للسؤال اي ان الامام عليه السلام يجيب بالحكم الواقعي مع كونه موافقا لمراد السائل ويعتقد انك اجبته .
 ورابعا: لو سلمنا ذلك فان الاصحاب قد اعرضوا عنهما وبالتالي يسقطان عن الحجية .
 والحاصل ان العدالة شرط في الشاهدين في انشاء الطلاق ولا يكفي الاسلام وفاقا لمشهور الاصحاب
 
 
 معنى العدالة عند الفقهاء
 اختلف الاعلام في تفسير العدالة وبيان حقيقتها على اقوال عديدة أهمها أربعة أقوال
 القول الأول: القول بان العدالة هي الاسلام وعدم ظهور الفسق كما ذهب اليه الشيخ في المبسوط قال: (فالعدل في الدين أن يكون مسلما ولا يعرف منه شئ من أسباب الفسق ) [2]
 وعليه فاكثر المسلمين هم عدول وان لم نعاشرهم لإسلامهم وعدم ظهور الفسق عندنا .
 القول الثاني: حسن الظاهر ومعروفيته بالدين والورع عن محارم الله تعالى كما هو ظاهر المفيد في المقنعة قال: ( العدل ما كان معروفا بالدين والورع عن محارم الله تعالى )
 وقد نسب السيد محسن الحكيم اليه ان العدالة هي الاجتناب عن المعاصي عن ملكة . ولكننا لم نجد في عبارة المفيد ما يظهر منه ذلك .
 وقال به الشيخ في الخلاف وابن الجنيد وقربه في السرائر
 القول الثالث: ما ذهب اليه العلامة في المختلف والقواعد والارشاد والتحرير وتهذيب الاصول والشهيد في الدروس والذكرى والمقداد في التنقيح والشهيد الثاني في الروضة والروض والشيخ علي في جامع المقاصد والشيخ حسن في المعالم والسيد علي في الرياض والشيخ الانصار ولكنه مال في صلاة الجماعة الى ما ذهب ابن ادريس من انها هيئة وملكة وكيفية راسخة في النفس تبعث على ملازمة التقوى وزاد بعضهم ان هذا يحصل بالامتناع عن الكبائر وعن الاصرار على الصغائر والاكثار منها وحكي هذا التعريف في المدارك والذخيرة عن المتاخرين وفي مجمع الفائدة هو المشهور في الفروع والاصول وفي كشف اللثام تعريفها بين العامة والخاصة في الاصول والفروع مشهور بذلك ونسبه في التنقيح الى الفقهاء وظاهره باعتبار الجمع المحلى باللام اتفاق جميع اصحابنا عليه وممن صرح من العامة بذلك الحاجبي والعضدي والغزالي .
 القول الرابع: ان العدالة عبارة عن الاجتناب واقعا عن المعاصي ولو عن غير ملكة اي الاستقامة العملية في جادة الشريعة وعدم الانحراف وهو ظاهر ابن حمرة في الوسيلة وابن ادريس في السرائر .
 قال في الوسيلة: ( المسلم الحر تقبل شهادته اذا كان عدلا في ثلاثة اشياء الدين والمروة والحكم فالعدالة في الدين الاجتناب عن الكبائر ومن الاصرار على الصغيرة )
 وفي السرائر : فالعدل في الدين ان لا يخل بواجب ولا يرتكب قبيحا ويظهر من كفاية الاحكام المصير اليه قال والاشهر الاقرب في معنى العدالة ان لا يكون مرتكبا للكبائر ولا مصرا على الصغائر .
 وقد اشار الى ذلك المجلسي في البحار فقال: الاشهر في معناها ان لا يكون مرتكبا للكبائر ولا مصرا على الصغائر .
 واما فقهاء العصر: فقد ذهب اكثرهم الى ما هو المشهور بين المتاخرين من ان العدالة هي ملكة الواجبات وترك المحرمات كما هو تعبير سيد العروة وتابعه على ذلك جل المعلقين عليها منهم الامام الخميني قدس والسيد محسن الحكيم والسيد الكلبايكاني وتبعهم على ذلك السيد القائد والشيخ اللنكراني والشيخ بهجت والسيد سعيد الحكيم والشيخ صافي . ما عدا السيد الماتن حيث علق على العروة بقوله بل هي عبارة عن الاستقامة في جادة الشرع وعدم الانحراف عنها يمينا وشمالا . وتبعه على ذلك السيد الشهيد الصدر فقال العدالة هي الاستقامة على خط الاسلام بنحو لا يرتكب كبيرة او صغيرة على شرط ان تكون هذه الاستقامة طبعا له وعادة وكذلك السيد محمد الروحاني والسيد صادق الروحاني حيث علق على قول صاحب العروة بقوله بل هي عبارة عن الاستقامة العملية على جادة الشرع وعدم الانحراف عنها وكذلك السيد السيستاني فانه عبر عنها بانها الاستقامة في جادة الشريعة الناشئة غالبا عن خوف راسخ في النفس ولا فرق في المعاصي بين الكبيرة والصغيرة . والشيخ اسحاق الفياض والشيخ الوحيد والسيد الهاشمي والشيخ جواد التبريزي .
 وغيرهم من الفقهاء
 والظاهران جميعهم لم يفرق بين الكبيرة والصغيرة وان احتاط بعضهم وجوبا في قدح الصغيرة في العدالة كالإمام الخميني قدس سره الا السيد الكلبايكاني فانه تبع المشهور في الاصرار على الصغيرة من دون مجرد ارتكابها وصهره الشيخ صافي الكلبايكاني .
 
 


[1] - الوسائل باب 41 من أبواب الشهادات ح 1
[2] - المبسوط " الشيخ الطوسي" ج 8 ص 217

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo