< قائمة الدروس

الأستاذ السيد يوسف الأرزوني

بحث الفقه

34/05/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 الفقه \ كتاب الطلاق \ شروط صحة الطلاق \ عدالة الشاهدين
 كان الكلام في المقام الثاني وهو دلالة الحديث على ان العدالة بمعنى الملكة .
 وقلنا إن تقريب الاستدلال بان يقال ان ظاهر السؤال بما انه يسأل عن المفهوم والامام علي عليه السلام اجاب بما هو حد أو رسم للعدالة وان العفاف والستر من الصفات النفسانية وهي التي وقعت معرفا للعدالة وبالتالي ينتج ان العدالة ملكة ومن الصفات النفسانية بل لو قلنا إن ظاهر السؤال هو السؤال عن طريق العدالة والمعرف الاصولي اللغوي أي ما ينكشف به الشيء لكن يتعين حمله على السؤال عن المفهوم بقرينة الجواب فان الستر والعفاف المذكورين في الجواب من الصفات النفسانية وما بعده من سنخ الافعال
  فلو كان ذلك طريقا الى العدالة لزم كونها امرا اخر وراء ما ذكر وهو مما لم يقل به احد مضافا الى ان قوله والدلالة على ذلك كله صريح في كونه ورادا لبيان الكاشف والطريق وعليه فحمل الاول على بيان الطريق ايضا يلزم منه بيان طريقين للعدالة وبما ان الاول اخص من الثاني لأنه قد يكون ساترا لعيوبه وليس بعفيف يكون ذكر الاول لغوا وجعله طريقا على الطريق بعيد في نفسه للزوم لغوية الطريق الاول إذ لا حاجة إلى أمارة تذكر لها أمارة أخرى ويشهد على ذلك - بأن الاول لبيان المفهوم والثاني لبيان الطريق - اختلاف التعبير ففي الاول ماثل التعبير في الجواب للسؤال وفي الثاني خالف في التعبير .
 والحاصل أن الرواية بحسب الصدر الجواب فيها ظاهر في بيان ماهية العدالة وبحسب الذيل ظاهر في بيان الطريق اليها فإن حمل السؤال عن المفهوم كان بيان الطريق تفضلا من الامام عليه السلام و
 إن حمل السؤال عن بيان الطريق كان ما في الصدر بيانا للمفهوم تفضلا او تمهيدا للجواب .
 واورد على ذلك الشيخ الاصفهاني فقال: ( والتحقيق أنّ العفّة بالمعنى الذي يكون من ملكات النّفس هي اعتدال القوة البهيمية ، وبهذا المعنى لا يعقل أن تكون عين الملكة الباعثة على اجتناب جميع الكبائر الملائمة لجميع القوى من البهيميّة والغضبيّة وغيرهما ، بل باعثة على عدم صدور المآثم الملائمة مع القوة البهيمية لا غيرها ، والعفّة بهذا المعنى وإن كانت من لوازم الملكة المطلقة المقصودة هنا لكنها لازم أعمّ ، لإمكان اعتدال خصوص القوة البهيمية دون سائر القوى ) [1]
 وفيه: ان الصفة لم تذكر وحدها في التعريف بل هي مع الستر وقد فسره الشيخ الانصاري بالاستحياء من الله تعالى . وان الكف المراد تحققه على وجه يكون من الاوصاف الثابتة للشخص لا من الافعال الحادثة ولا يكون ذلك الا مع الحالة الموجبة اي الملكة ولا سيما اذا كان عطفا تفسيريا للعفاف .
 ويرد على الاستدلال
 أولا: إن المعرف المنطقي اصطلاح حديث بين المنطقيين ومن البعيد ان يكون مراد السائل معرفة حقيقية ومفهوم العدالة بالمعنى المنطقي فان المراد بمثل هذه التعابير في المحاورات العرفية الدارجة هو السؤال عما ينكشف من الشيء لا عن الحد والرسم ولذا المستدل سلم بالظهور العرفي الا انه حمله على خلاف الظاهر بقرينة ذكر العفاف والستر كما مر .
 وثانيا: لو سلم ان السؤال عن الماهية والمفهوم بمعناه الحقيقي فإن الامام لم يذكر في الجواب ان العدالة هي العفاف والستر وانما قال ان تعرفوه بالستر والعفاف فجعل المعرف معروفية الرجل بهما لا بأنفسها ومن الضرورة ان المعروفية ليس بحقيقة العدالة وبهذا يرتفع ما قيل من الامام عليه السلام اجاب عن المفهوم تفضلا وثانيا ببيان الطريق .. ومن المعلوم ان المعروفية ليست من الصفات النفسانية كما لا يخفى .
 وثالثا: ان المذكورات في كلام الامام عليه السلام ليس شيئا منها من الصفات النفسانية .
 اما العفاف: فهو وان كان في علم الاخلاق من الصفات النفسانية الا انه اصطلاح مستحدث عندهم فلا يمكن حمل العفاف الوارد في كلام الشارع عليه .
 والعفاف لغة وعرفا هو عبارة عن الامتناع عن ما لا يحل وهو من الافعال الخارجية فالعفيف هو من لم يرتكب الحرام في الخارج وفي الحديث افضل العبادة العفاف اي كف النفس عن المحرمات وعن السؤال من الناس وفي بعض الاخبار من عف بطنه وفرجه اي صانهما عن المحرمات ومن لاحظ الاستعمالات العرفية سوف يظهر له عدم كون العفاف من الصفات النفسانية بل هو من عناوين الفعل .
 واما الستر: فهو مقابل الظهور او التغطئة وهي كناية عن عدم ارتكاب المحرمات فكان بينه وبينها حاجز وغطاء مخفى كونه ساترا أي مجتنبا عن المحرمات وبهذا الاعتبار يدعى الله بالستار فان معناه يا من يكون حاجزا بيننا وبين البلية ادفع عنا البلاء بسترك وحجزك فهو من الافعال الخارجية .
 ان قلت: ان الستار مذكور في الخبر مرتين فلو حمل في المرة الثانية على ما حمل الاول عليه لزم اتحاد الدال والمدلول فلابد من حمله على ما يرادف الحياء . وهو من صفات النفس .
 قلت: يمكن رفع المحذور بأمر اخر بأن يقال الستر في المرة الاولى بمعنى وهو عدم ظهور اثار الرذائل في الخارج المساوق لعدم تحققها منه وفي المرة الثانية محمول على عدم اظهاره للناس . وكلا المعنيين بمعنى عدم الظهور لكن المتعلق مختلف فتأمل.


[1] - بحوث في الاصول " الشيخ الأصفهاني " ص78

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo