< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد اشرفی

88/11/05

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: وجوب أخذ الزكاة من الكفار على الإمام

كان البحث في أن الكفار لو كانوا مكلفين بالفروع منها الزكاة، يمكن للإمام أخذ الزكاة منهم و لو جبرا و أما لو لم يكونوا مكلفين فالزكاة ساقطة عنهم و لو كان العين الزكوية باقية.و المسألة مورد الخلاففإطلاق بعض الآيات دال على تكلفيهم كما مر. و في قبال ذلك، قال صاحب الحدائق و تبعه السيد الأستاذ بأن بعض الآيات تدل على أن التكاليف مخصوصة بالمؤمنين نحو: « إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا» و كذلك في الروايات. فيحمل المطلق على المقيد فالخطابات المطلقة مقيدة بخصوص المؤمنين.و لكن لم يكن كلامه قدس سره متقنا في المباحث الأصولية إذ يشكل على كلامه بأن المقيد لا يوجب التقييد في المثبتين فعلى فرض كون الحكم في بعض الآيات مثل «لله على الناس حج البيت» عاما و في بعضها الآخر خوطب به المؤمنين فلا وجه للتقييد لأنهما موجبان فيمكن إرادتهما أي العام و الخاص بلا تقييد و تخصيص.هذا، و من جهة الأدلة النقلية فالانصاف أنه يستفاد من إطلاق بعضها أن الفروع شاملة للكفار و من بعضها الأخر مثل صحيحة زاررة و محمد بن مسلم أن الفروع بعد الإلتزام بالتوحيد و الرسالة.و لكن العمدة أنه من جهة العقل، حَكَم المشهور بالتعميم لذا قال العلامة أن الخطابات عامة و أنها كاشفة عن المصالح و المفاسد و الملاكات و لا فرق في الملاكات بين المؤمن و الكافر؛ فإن الملاكات ـ من المصالح و المفاسد التي كانت في متعلقات الأحكام ـ مشتركة بين الكافر و المؤمن و الأدلة مرشدة بهذه الملاكات. من هنا ذكر العلامة في ردّ بعض العامة القائل بالتفصيل بين النواهي و الأوامر من أن النواهي عامة و الأوامر مختصة بالمؤمنين. فقال قدس سره في جوابهم بأنه كما أن في متعلق النواهي مفسدة و النهي عنها منزجر عن المفسدة فكذلك في الأوامر فالتفصيل بينهما باطل.ثم قال قدس سره: ـ في جواب إشكال أن الكفار لو كانت أعمالهم باطلة، فما وجه تكليفهم بالفروع؟! ـ أن التكليف لإتمام الحجة و صحة العقاب فكما أنهم معاقبون بالأصول فكذلك معاقبون بالفروع و إن كان العمل العبادي لا يصح منهم في حال كفرهم. فالخطاب إلى الكافر ليس من جهة عمله في حال كفره حتى يقال إنه لغو، بل هو حجة عليه فكما أنه بترك الأصول يستحق العقاب فكذلك هو مستحق العقاب في تركه الفروو أما قول السيد الأستاذ الخويي قدس سره بأن الأوامر كاشفة عن المصالح و المفاسد لو كان الأمر فيها فعليا و أما لو لم يكن فعليا لم يكن كاشفا. فقوله هذا في قبال الأستاذ النائيني و غيره قدس سرهم و هو قوله في مبحث الترتب بثبوت الملاك في المهم عند عجزه عن الجمع بينه و بين الأهم و لذا تصح العبادة المهم عند عصيان الأهم بداعي الملاك. فأورد عليه الأستاذ بأنه لا طريق لنا إلى الاستكشاف الملاك المهم مع فقد الأمر به. و نحن ناقشنا في كلام سيدنا الأستاذ و ذكرنا أنه لا موجب لسقوط الملاك بعد إطلاق الأدلة المتكفلة لإنشاء الأحكام على نهج القانون بمجرد عجز المكلف عن العمل. فكلامه هنا و هاهنا غير قابل للقبول؛ بل يمكن القول بأن مثل الأوامر و النواهي في الشريعة مثل أوامر الطبيب و نواهيه فأمره كاشف عن المصلحة و نهيه كاشف عن المفسدة فأمر الشارع و نهيه أيضا كذلك. فكما أن عمل المريض بما أمر به الطبيب المكلف و عدمه أو حصول الشرط و عدمه و نحوهما لا يوجب إنشاء الأمر أو النهي بل وجود الملاك موجب لهما و كذا الحال في القوانين الإلهية فعجز المكلف و قدرته أو عمله و عدمه أو الاستطاعة عن الشرط و عدمه لا يمنع من الملاكات إلا فيما كان ذلك شرط في أصل الحكم لا في فعليته.فكلام السيد الأستاذ الخويي في رد كلام العلامة قدس سرهما ـ من أن التكاليف من حيث أنه لا يصح من الكفار فالأمر بالفروع ليس فعليا عليهم فلا طريق لكشف الملاكات ـ مخدوش فالحق أن كلام العلامة صحيح من جهة العقل و النظر البسيط إلى الآيات و الروايات العامة أو المطلقة.فعلى كل حال من هو قائل بالإشتراك فلازمه القول بكلام السيد الماتن من جواز أخذ الإمام الزكاة قهرا.إن قلت: إن الزكاة عبادة و القهر و الجبر فيها مخالف لعباديته فلذا لم يجز لأن العبادة بلا قصد القربة باطلة.قلنا: كما قال به السيد الأستاذ الخويي و كذلك السيد الميلاني من أن للزكاة جهتين: جهة نفسانية عبادية ـ ما كان لله فهو ينمو ـ . الثانية جهة وضعية و هو حق الفقراء « في أموالهم حق معلوم للسائل و المحروم » فالإجبار مخالف للجهة الأولى لا الثانية. و الشاهد على ذلك أن المسلم أيضا يمكن قهره و أخذ الزكاة منه.إن قلت: لو كان كذلك فلم كان رسول الله و كذلك بعده الخلفاء و أمير المؤمنين لم يأخذوا من الكفار الزكاة بالقهر و لم يثبت ذلك في التاريخ و لا في سيرة الأئمة.قلنا: يحتمل كثيرا ما أن الكافر من جهة أن أصله فاسد، لا يقهر في فرعه حتى كان ذلك متمم لعقابه و دركاته.كما هو في كفارات الحج و قد ثبتت لبعض محرمات الحج كفارة و لبعضها أن هذا مما ينتقم الله.على أن عزة الإسلام يمكن أن يمنع من ذلك حتى لا يطعن الكافر على المسلم من أن رزق المسلم بيد الكافر.إن قلت: كما يمكن للمزكي إخراج زكاته من عين الزكوية فكذلك يمكن له إخراجها من البدل فلو خرج الإمام أو السلطان الزكاة من ماله فهو مناف لاختياره في إخراج زكاته.قلنا: إن مثل أخذ الزكاة من الكافر مثل التقاص من اللص فكما أن الاختيار في التقاص بيد المقاص فكذلك لمن لم يخرج زكاته من ماله فالاختيار للإمام.هذا، و أما على القول بأن الكافر غير مكلف بالفروع فلا يمكن أخذ الزكاة منهم قهرا.و هل يجب على الكافر بعد إسلامه أداء زكاته بالنسبة إلى السنوات الماضية أم لا؟ فالمشهور هو الثاني، لأن الإسلام يجب ما قبله. نعم كان على الإمام أخذ الجزية.إن قلت: إن هذا شاهد على عدم وجوب الزكاة على الكفار لعدم أخذ الزكاة عنهم بعد إسلامهم في عصر النبي صلى الله عليه و آله و كذلك صحيحة محمد بن مسلم التي مرت من أنه هل على الكفار ما سوى الجزية شيء؟ فقال عليه السلام: لا.قلنا: يمكن أن النبي صلى الله عليه و آله دخل الزكاة في الجزية. على أن العشر و نصف العشر في رواية البزنطي يحمل على الزكاة كما مر.فمما ذكرنا يظهر أن الأدلة النقلية لا تثبت أحد القولين فلابد من النظر في الأدلة العقلية كما مر.و لنا هناك طريفة و هي أن الهدف من خلقة الإنسان و تسخير ما في السماوات و الأرض له ثم بعث الأنبياء و الرسل و إنزال الكتب و الأحكام جميع ذلك لإرشاد الإنسان إلى ذلك الهدف الأقصى المتعالي و هي السعادة في معاشه و معاده و لا ريب في أن الشرايع بما لها من الجوانب الجناحية و الجانبية ناشئة عن حقايق ثابتة في عالم الكون و الوجود لا علم بها إلا لله تبارك و تعالى. و رأفته و رحمته الواسعة على خلقه (و هو أرحم الراحمين) تقتضيان شمول جميع الشريعة بما لها من الأمور الاعتقادية، و الأخلاقية و العملية لجميع مخلوقه من أبناء آدم عليه السلام بلا فرق في ذلك بين المسلم و الكافر؛ أنا عرضنا الأمانة (أي التكاليف كما في عدة من التفاسير) على السماوات و الأرضين فأبين أن يحملها فحملها الإنسان.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo