< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد اشرفی

88/11/10

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: عدم وجوب الزكاة بعد إسلام الكافر مع بقاء العين

مسألة 17: لو أسلم الكافر بعد ما وجبت عليه الزكاة سقطت عنه وإن كانت العين موجودة ، فإن الاسلام يجب ما قبله.مر كلام السيد الماتن في المسألة السابقة أن الكافر مكلف بالفروع و هو قول المشهور بل ادعي عليه الإجماع و إن خالفه الفيض و صاحب الحدائق و تبعهم السيد الأستاذ قدس الله أسرارهم الشريفة. فعلى مبنى السيد الماتن من وجوب الزكاة على الكافر فهل بعد إسلامه يجب عليه الإخراج أم لا؟ فقال قدس سره لا تجب عليه الزكاة بعد إسلامه بلا فرق بين بقاء العين و عدمه و يستدل بحديث الجب المنقول عن الجامع الصغير و الطبقات الكبرى من كتب مخالفينا و عن غوالي اللئالي الذي طعن فيه و في مؤلفه من لم يكن من دأبه الطعن كصاحب الحدائق.سند حديث الجبو من هنا لم يستند إليه السيد الأستاذ الخويي قدس سره بتبع السيد صاحب المدارك لأن الحديث من حيث الدلالة و السند ضعيف لا يمكن التمسك به إذ لم يوجد في كتب أصحابنا فإن الجوامع الثلاثة ـ الكافي، من لا يحضر و التهذيب ـ لم يشر فيها إلى حديث الجب حتى بطريق ضعيف. مضافا إلى أن الفقهاء نحو الشيخ في المبسوط و قبله صاحب النهاية و غيرهما من القدماء في مقام الاستدلال لم يرووا هذا الحديث كي يجبر ضعف السند بعملهم على ما أفاده جمع من الفقهاء من جبر الحديث بعمل الأصحاب إذا كانوا في مقام الفتوى و استندوا إلى حديث. بدعوى أنهم قريب العهد بزمان الأئمة عليهم السلام و الكتب الحديثية و منها الأصول الأربعة مائة عندهم و قد ذكر الشيخ و النجاشي في فهرستهما ما يزيد على ألفين من كتب أصحابنا بأسناد معتبرة. فهذا كله يوجب الاعتماد على عمل الأصحاب القدماء؛ إذ اعتمدوا على حديث و إن كان راويه غير موثق فإن اعتمادهم على مثل هذه الرواية كاشف عن ظفرهم بأحاديث معتبرة بهذا المضمون أو طرق أخرى للحديث المروي عن راو غير موثق. فإفتائهم بمضمون الحديث يوجب اطمينان المتأخرين أو معاصرينا.

نكتة معترضة: في اصطلاح الصحيح عند المتأخرين و المتقدمين ـ

الصحيح عند القدماء من حيث الاصطلاح غير الصحيح عند المتأخرين؛ فالصحيح عند السيد بن الطاووس و تلميذه العلامة و من بعده، هو ما كان راوي الحديث العدل الإمامي الإثنى عشرية. و الصحيح عند القدماء هو ما يمكن الاعتماد و الوثوق عليه و إن كان راويه من غير الإمامية. و الشيخ البهاء ذكر في الزبدة و نظيره الفيض في مقدمة الوافي: بأن القدماء عملوا بالصحيح و هو على أقسام: الأول خبر العدل الإمامي و الثاني من له كتاب معتمد عليه لعرضه على الإمام عليه السلام مثل كتاب يونس بن عبد الرحمن و كتاب الحلبي و كتاب زكريا بن آدم. و الثالث ما كان كتابه من الأصول المعتمدة عند أصحابنا فالنجاشي كثيرا ما قال: الفلان له أصل معتمد عند أصحابنا نحو كتاب اسماعيل بن زياد السكوني. و الرابع ذكر الحديث في كتب كثيرة فمثل هذا أوجب اطمينان مثل الكليني بصدور الحديث و إن رواه مثل وهب بن وهب الذي ليس له بشخصه توثيق. فالصحيح عندهم هو الرواية التي يطمئن أو يثق بصدوره و لو لم يكن عدلا إماميا. و على هذا الأساس قال جمع من الفقهاء: بأن الشهرة منجبرة لضعف الرواية، أي الشهرة بين القدماء.مع هذا كله نقول: حديث «إن الإسلام يجب ما قبله» لم يكن في الجوامع الثلاثة و كذلك في كتب القدماء الفقهية فلذا قال صاحب المدارك ضعيف سندا و تبعه السيد الأستاذ قدس سرهما.

دلالة حديث الجب ـ

مضافا إلى أنه ضعيف من حيث الدلالة لأن فيه «يجب ما قبله» فمعنى ذلك أن المعاصي الماضية ببركة الإسلام مغفورة، لا أن التكاليف الثابتة قد رفعت. و احتمله السيد الأستاذ الميلاني. و استشهد لذلك السيد الأستاذ الخويي قدس سره إلى كلام مجمع البحرين «التوبة يجب المعاصي» فمعنى الجب هو الغفران لا رفع الحكم. و لعله منشأ تضعيف صاحب المدارك متنا. فمعنى الحديث ليس كما قال به المشهور من رفع الأحكام ببركة الإسلام بل آثار المعاصي و العقاب قد رفعت ببركة الإسلام.نكتة أخرى:بعض احتمل أن هذا الحديث من مجعولات المخالفين حيث إنهم تمسكوا بهذا الحديث في مقام تعديل الخلفاء الثلاثة فقالوا أن الثاني من الخلفاء و إن كان ولد الزنا و لكن الإسلام يجب ما قبله.مع أنه قد ثبت في علم معرفة الإنسان و علم الاجتماع أن الجناة الطواغيت كانوا ولد الزنا على الأغلب. و هو كذلك لأن لكل شيء أثرا ذاتيا أو اقتضائيا.و بالجملة صاحب المدارك في ج 5 ص 42 من طبع مؤسسة آل البيت عليهم السلام بعد نقله كلام المحقق في المعتبر و العلامة في جملة من كتبه بسقوط الزكاة عن الكافر بعد إسلامه و إن كان النصاب موجودا استنادا إلى حديث الجبّ، قال:و يجب التوقف في هذا الحكم، لضعف الرواية المتضمنة للسقوط سندا و متنا، و لما روي في عدة أخبار صحيحة من أن المخالف إذا استبصر لا يجب عليه إعادة شئ من العبادات التي أوقعها في حال ضلالته سوى الزكاة فإنه لا بد أن يؤديها، و مع ثبوت هذا الفرق في المخالف فيمكن إجراؤه في الكافر. و بالجملة: فالوجوب على الكافر متحقق فيجب بقاؤه تحت العهدة إلى أن يحصل الامتثال أو يقوم على السقوط بالإسلام دليل يعتد به، على أنه ربما لزم من هذا الحكم عدم وجوب الزكاة على الكافر كما في قضاء العبادة، لامتناع أدائها في حال الكفر و سقوطها بالإسلام، إلا أن يقال: إن متعلق الوجوب إيصالها إلى الساعي و ما في معناه في حال الكفر، و ينبغي تأمل ذلك.و ذكر صاحب المدارك أيضا في ذيل قول الشرايع بعدم ضمان الزكاة على الكافر و إن أهمل: إن هذا الحكم مشكل أيضا لعدم وضوح مأخذها.هذا، و المحقق الهمداني قد أشكل على صاحب المدارك بأن الأصحاب قد عملوا بذلك الحديث و سبقه الجواهر في ج 15 ص 62 أنه منجبر سندا و دلالة بعمل الأصحاب الموافق لقوله تعالى: قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ....(الأنفال: 38) فلذا يرتفع ضعف سنده. و استندوا إليه في سقوط التكاليف و قضائها مع مسيرهم إلى أن الكفار مكلفون بالفروو السيد الأستاذ قدس سره لم يرتض ما أفاده المحقق الهمداني و غيره من جبر السند و الدلالة حسبما يراه في علم الأصول من منع الكبرى و في المقام من منع الصغرى أيضا لما عرفت من عدم نقل الحديث في جوامعنا الحديثية و لا استناد القدماء إليه في كتبهم الاستدلالية و استشهد لعدم اعتماد الشيعة على الحديث برواية جعفر بن رزق الله شاهدا على عدم وجود هذا الحديث في بين أصحابنا الإمامية.قال السيد الأستاذ الخويي قدس سره:ويؤيد ما ذكرناه - من أن الرواية إنما هي من طرق العامة لا من طرقنا - ما رواه الشيخ باسناده عن جعفر بن رزق الله قال :قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة وأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيى بن أكثم : قد هدم ايمانه شركه وفعله ، وقال بعضهم : يضرب ثلاث حدود ، وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا فأمر المتوكل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث ( ع ) وسؤاله عن ذلك فلما قدم الكتاب كتب أبوا الحسن ( ع ) : يضرب حتى يموت . فأنكر يحيى بن أكثم وأنكر فقهاء العسكر ذلك وقالوا : يا أمير المؤمنين سله عن هذا فإنه شئ لم ينطق به كتاب ولم تجئ به السنة ، فكتب أن فقهاء المسلمين قد أنكروا هذا وقالوا لم تجئ به سنة ولم ينطق به كتاب فبين لنا بما أوجبت عليه الضرب حتى يموت . فكتب ( ع ) بسم الله الرحمن الرحيم فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون . قال : فأمر به المتوكل فضرب حتى مات.قال قدس سره: فإنها صريحة في عدم اعتناء الإمام بمضمون حديث الجب وإنما هو أمر معروف عند العامة ومروي من طرقهم ولذا أنكروا عليه ( عليه السلام ) حكمه ، ولم يثبت عندنا.فحديث الجب إما من صناعة المخالفين أو كان المراد منه جب الآثار لا الأحكام.فالعمدة في الدليل على عدم وجوب الزكاة بعد الإسلام عند سيدنا الأستاذ هي السيرة القطعية من النبي صلى الله عليه و آله على عدم مطالبتها ممن أسلم.و نحن نقول: لا نسلّم شهادة هذه الرواية على ما ذكره السيد الأستاذ قدس سره؛ فإن حديث جعفر بن رزق الله في مقام أنه بعد استيلاء الحاكم على المجرم، لا أثر لتوبته لرفع الحكم عنه و هذا غير مضمون حديث الجب الذي هو في مقام الامتنان على المسلم بعد إسلامه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo