موضوع البحث: نصاب النقدين

النكتة الأولى بحث حول النصاب الثاني

أما النصاب الثاني هو أربعة و عشرون دينارا و فيها أيضا ربع العشر أعني نصف الدينار و قيراطان. و بعبارة أخرى كل ما زاد أربعة دنانير زاد في زكاتها قيراطان ما زاد من السابق. فعلى هذا كان النصاب الثالث ثمانية و عشرين دينارا و فيه نصف دينار و أربعة قراريط. و هكذا و النسبة في الكل ربع العشر ففي ثمانية دنانير ربع العشر و هو أربعة قراريط و في اثنى عشر دينارا مازاد عن العشرين ستة قراريط مع النصف و هكذا.

و نسب أيضا إلى ابن بابوية أن النصاب الأول عشرون دينارا و النصاب الثاني أربعون دينارا. و لازم ذلك أنه لا زكاة في الثلاثين دينارا إلا نصف الدينار الذي كان زكاة العشرين فبعد البلوغ إلى الأربعين تجب الزكاة و هي دينار واحد.

و لكن هذا يخالف ما نسب إلى الصدوقين كما مر بأن النصاب الأول عندهما أربعون دينارا.

على أن النسبة الأولى إليهما لها دليل و هو صحيحة الفضلاء و لكن النسبة الثاني لا شاهد لها إلا ح 3 و 4 من باب الأول من أبواب زكاة النقدين:

[ 11687 ] 3 - وعن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن الحسين بن سعيد ، عن الحسين بن يسار، عن أبي الحسن ( عليه السلام ) - في حديث - قال:

في الذهب في كل عشرين دينارا نصف دينار ، فان نقص فلا زكاة فيه.

[ 11688 ] 4 - وعنه عن أحمد بن محمد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) - في حديث - قال :

ومن الذهب من كل عشرين دينارا نصف دينار ، وإن نقص فليس عليك شئ.

ففيهما أن في كل عشرين نصف دينار و لو كان أقل من عشرين لا زكاة فيه. فعلى هذا في تسعة و ثلاثين دينارا يجب نصف الدينار أعني ما يجب في العشرين. فيستظهر أن لنا نصاب واحد و هو أن في كل عشرين دينارا نصف الدينار ففي العشرون الأول نصف الدينار و في العشرون الثاني دينار واحد و في العشرين الثالث دينار و نصف دينار.

و لكن هذا الاستظهار بعيد حيث أن الصحيح أن هذه الجملة ناظرة إلى الأفراد الخارجية أي في كل عشرين دينارا خارجيا نصف دينار و لو زاد إلى أربعين فدينار واحد و ليس معناه أنه لا زكاة بين العشرين إلى الأربعين. و يشعر به كلمة « في » في الصحيح الأول.

و على فرض قبول ظهور الحديث في ذلك من أن في كل عشرين نصف دينار، لا ينافي ذلك مع ما مر؛ ففي العشرين نصف دينار و في الأربعين دينار واحد و على هذا في اثنين و الثلاثين أيضا ربع العشر لا أنه لا زكاة فيها حتى تصل إلى الأربعين. و لو راعى بعد النصاب الأول واحدا من الأربعين مطلقا لزاد خيرا.

نتيجة البحث أنه لو كان المراد من الحديث هو مفهوم «من» أعني «من كل عشرين دينارا نصف دينار» (كما هو مقتضى ح 4 لا مفهوم «في» كما هو متقضى ح 3 «في كل عشرين دينارا نصف دينار»، فهذا أيضا ليس بشاهد للمستدل بأن النصاب الثاني هو الأربعون بل أن في كل عشرين و عشرين نصف دينار.

و على فرض التسالم و قبول ذلك لا منافاة بين ذلك و ما قلنا من ثبوت الزكاة في كل أربعة دنانير زادت على النصاب الأول.

النكتة الثانية في الأوزان

هذا و أما من جهة الأوزن مر أن الدينار الشرعي

قال السيد ماتن قدس سره:

والدينار مثقال شرعي ، وهو ثلاثة أرباع الصيرفي فعلى هذا النصاب الأول بالمثقال الصيرفي خمسة عشر مثقالا، وزكاته ربع المثقال وثمنه .

فعلى هذا عشرون دينارا شرعيا هو معادل مع خسمة عشر دينارا صيرفيا و ففي خمسة عشر مثقالا صيرفيا نصف دينار شرعي و هو يعادل ربع المثقال و ثمنه الصيرفي.

و أما الدرهم مساوق لسبع مثقال فالعشرة منه مساو لسبعة مثاقيل شرعية فضة مسكوكة. و بحسب الروايات كانت قيمة عشرة دراهم مساوقة لدينار واحد كما يظهر من التخيير في الدية بين ألف دينار و عشرة آلاف من درهم و لذا قلنا في صدر البحث لعل أن النصاب الأول في الدرهم أعني مأتي درهم يساوي نصاب الذهب و في مأتي درهم خمسة دراهم و هنا أيضا كانت النسبة ربع العشر كما مر.

هل لهذا مستند أم لا؟

ليس لنا مستند روائي نعم ما قلنا بأن المثقال الصيرفي يعادل مع مثقال شرعي و ثلث مثقال شرعي، متفق عليه بين اللغويين و الفقهاء ( المثقال الشرعي ثمانية عشر حمصا و المثقال الصيرفي أربعة و عشرون حمصا).

و لكن الأوزان التي ذكرت كانت مشهورة بين الفقهاء و يتلقى بالقبول.[1] و هل في هذه الأوزان تعتبر الدقة العقلية أم العرف يكفي في ذلك؟ على الخصوص في زماننا الحال مع الدقة الكثيرة، فنقول: هذا غير معتبر قطعا بالسيرة العملية؛ لأنها لم تكن في السابق فالمحاسبة بحسب السوط غير معتبر قطعا. فالحمص أو الشعير المذكورين في كلام الفقهاء أيضا لها مصاديق متفاوتة من حيث الوزن و السيرة على التساهم على التفاوت القليل في الأوزان الكثيرة ففي ألف شعير مثلا كان التفاوت موجودا و لكن لم يعتبر ذلك أحد من الفقهاء بل حسبوا المدار على ما يصدق عليه هذه الأوزان و الأسماء عرفا كما في نظائره من تقادير الكرّ و المسافة و المساحة.