< فهرست دروس

درس خارج فقه استاد اشرفی

کتاب الزکاة

89/12/09

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: مستثنيات زكاة الغلات ـ المؤن

  باب 8 من أبواب زكاة الغلات ح [ 11811 ] 4 - وبالإسناد عن حريز ، عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير جميعا ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) - في حديث - قال :

لا يترك ( في المصدر:ويعطي الحارس اجرا) للحارس أجرا معلوما ، ويترك من النخل معافارة وأم جعرور ، ويترك للحارس يكون في الحائط العذق والعذقان والثلاثة لحفظه إياه ..

  قيل: أن في جملة «لا يترك» كانت لا زائدة قطعا فالعبارة «يترك للحارس أجرا معلوما» كما ذكر في المصدر بهذا المضمون.

  يستدل بهذه الصحيحة من الفضلاء بجهة عموم التعليل (لحفظه إياه) و الإجماع بعدم الفصل بين المؤن.

  و كذلك الرواية التي مرت و فيها أن حق الحارس خارجة من الخرص:

  باب 1 من أبواب وجوب الغلات ح 3 : [ 11774 ] 3 - وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن حريز ، عن محمد ابن مسلم قال :

سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن التمر والزبيب ما أقل ما تجب فيه الزكاة ؟ فقال : خمسة أوسق ويترك معافارة وأم جعرور لا يزكيان وإن كثرا ، ويترك للحارس العذق والعذقان ، والحارس يكون في النخل ينظره فيترك ذلك لعياله .

  و لكن أجيب عن ذلك كما مر من كلام السيد الخويي قدس سره بأن ما أخذ الحارس هو بعد بدو الصلاح لأن الحفظ و صرف المؤنة له قبل بدو الصلاح بلا موجب عرفي فمادام لم يصفر التمر أو لم يشتد الحب لم يستخدم الحارس غالبا لأنه لم يكن موردا لطمع اللص مثلا.

  و يمكن الإشكال بأنه بعضا ما يحرس الزرع أو الثمر من جهة دفع إضرار الوحوش بأصل الشجر مثل الخنزير الوحشي. و أجيب عنه أولا بأن هذا مختص بعض البلاد على أن في مثل النخل لم يكن مورد إضرار الوحوش من هذه الجهة فحمل هذه الرواية التي موردها التمر على إضرار الحيوان بأصول الأشجار كان حملا نادرا فلذا لابد لنا من حملها على آفة الحيوان أو آفة اللص بالحبوب و الثمار بعد الاصفرار و الاشتداد.

  فهذه الروايات ناظرة إلى الحراسة عن اللص أو الحيوان الذي كان آفة للمال الزكوي أي بعد بدو الصلاح. فالتعدي من هذه الروايات إلى غير هذه الموارد تعد إلى فرض نادر.

  و القول بعدم الفصل مخدوش لأن القائل بالفرق في المقام موجود، هذا أولا و ثانيا إجماع المركب حجة فيما إذا كانت أطراف الإجماع على نفي الثالث متفقة لا أن تكون المسألة ذات قولين فقط. مثلا في الغسل الجمعة أقول أن إباحة غسل الجمعة بالإجماع باطل لأن بعض قائل بالوجوب و بعض قائل بالندب فكلاهما متفق على نفي الإباحة بالمعنى الأخص. و لكن لو كانت المسألة ذات قولين فقط و لم يكن اتفاق بينهما على نفي القول الثالث لم يكن موردا للإجماع المركب. و المقام كذلك فبعض قائل باستثناء المؤن و بعض قائل بأن المؤن لم يستثن فكلاهما لم يتفقا على نفي التفصيل بين المؤن بعد الاصفرار و تعلق الزكاة و بين المؤن قبل تعلق الزكاة فلم يكن إجماع على نفي التفصيل. فبناء على هذا أقول أن أجرة الحارس ـ التي كانت من المؤن بعد تعلق الزكاة ـ من المستثنيات و لكن المؤن التي كانت قبل تعلق الزكاة لم تكن من المستثنيات. فصحيحة الفضلاء لم تكن دليلا على الاستثناء.

  على أن التعليل في الرواية أيضا تعليل بالنسبة إلى الحارس و عمله ـ لحفظه إياه ـ لا التعليل بالنسبة إلى حفظ أصل الشجر و الثمرة. نعم لو جاء في الحديث: لاحتياج النخل أو الزرع للحرس فيمكن لنا التمسلك بعموم التعليل. أما قول الإمام من أن الحارث لما حفظ مال الزكوي فله حق من المستثنيات. و الحارس يحفظ المال بعد الاصفرار و الاشتداد و المال الزكوي قبل تعلق الزكاة به لم يحفظ الحارس فلا عمومية للتعليل.

  و من الأدلة التي تمسك به للقول بالاستثناء ظاهر الآية 199 الأعراف:

خذ العفو و أمر بالعرف و أعرض عن الجاهلين

  خذ العفو معناه الأخذ من الزيادة و معنى ذلك هو بعد إخراج المؤونة. فهذه الآية مثل خذ من أموالهم الصدقة تختص بما كان زائدا عن المؤن.

  و أجيب أولا بأن العفو لو أضيف إلى مال (عفو المال) معناه زيادة المال و لكن العفو المطلق دون مضاف إليه بمعنى الشيء الحسن.[1] فمعنى خذ العفو هو انتخاب الأصلح و خيار الفعل بلا فرق بين جانب الإيجاب (أمر بالعرف) أو جانب السلب ( أعرض عن المشركين) فلا دخل للمال الزكوي.

  و على فرض أن يكون المراد من العفو هو زيادة المال فلازم ذلك من جهة الإطلاق، عدم اختصاصه بالزكاة، فأمر النبي بالأخذ بلا فرق بين الأعيان الزكوية و بين غيرها كما أنّ الزيادة لم تختصّ بالعُشر ولا بنصفه، بل مقتضى الإطلاق دفع تمام الزائد حتّى من الأجناس غير الزكويّة ، وهو كما ترى. فكما قال السيد الخويي قدس سره:

و التخصيص بالعُشر أو نصفه من خصوص الزكوي يستوجب تخصيص الأكثر والحمل على الفرد النادر كما لا يخفى . فيستكشف من ذلك كلّه أنّ الآية المباركة غير ناظرة إلى باب الزكاة بوجه .

  و الدليل الآخر من الأدلة التي تمسك بها القدماء أن الله تعالى قد فصّل في الوجوب بينما يسقى بالأمطار و الدلاء فما وجه التفريق و التفصيل؟! يمكن أن يقال أن مؤونة السقي بالدلاء زائدة عن مؤونة السقي بالأمطار و الأنهار فلذا عفى الله في الدلاء عن الزيادة فوجب نصف العشر لا العشر.

  أجيب عن ذلك بأن هذا استحسان و لكن بعضا ما كانت المؤن للأمطار أو السيح أكثر مثلما كان الزرع في معرض السيل أو كان السيح بعيدا من الزرع فلابد من حفر الأنهار الصغار لإيصال الماء أو استخدام الحارس لحفظ الماء فهذا الفرق من جهة التعبد نعم يمكن أن يكون ذلك وجه و حكمة للتعبد لا الدليل و العلة التامة التي كانت معمما أو مخصصا. كما ذكره الهمداني قدس سره.

  فهنا قولان و لكل منهما أدلة تستدل بها و قول المشهور بين القدماء هو استثناء مطلق المؤن و المشهور بين المتأخرين القول بعدم الاستثناء و مقتضى العمومات التي أشار إليها الأستاذ قدس سره من عمومات اللفظية أن ما سقته السماء فيها العشر و ما سقي بالدلاء نصف العشر بالإضافة إلى الإطلاقات الثانية التي كانت في مقام البيان و استثنى فيها بعض الموارد الخاص لا كل المؤن كما مر.

  هذا، و أدلة الطرف المقابل أيضا بعضها قوية مقتضية للاستثناء فبالنتيجة لو وصل الأمر إلى الأصل العملي فمقتضى الأصل هو البرائة عن وجوب زكاة المؤن.

[1] ) قال في الأقرب ج 2 ص 805 (عفو): العفو خيار الشيء وأجوده، ومن المال ما يفضل من النفقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo