< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

33/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

ادعاءالغرم/صرف الزکاة فی غیر الدین/المناط، الصرف فی المعصیة/عدم تمکن الغارم من الاداء حالا...

مسالة 20:« لو ادعى أنه مديون‌فإن أقام بينة قبل قوله و إلا فالأحوط عدم تصديقه و إن صدقه الغريم فضلا عما لو كذبه أو لم يصدقه»

تقدم البحث حول هذه المسالة فی دعوی الفقر أو دعوی الکتابة والمقام أشبه بدعوی الکتابة اذ قد عرفت قیام السیرة علی تصدیق دعوی الفقر من الحکیم ره وغیره دون قیامها فی الکتابة وفی المقام لعدم ثبوت السیرة علی تصدیق مدعیهما حتی مع تصدیق الغریم لاحتمال تواطئهما علی الکذب نعم مع قیام الحجة لا باس بتصدیقه.

وقد یتمسک لدعوی قبول قوله باقرار العقلاء علی انفسهم وهذا عجیب فانه یقبل فیما تکون دعواه علی ضرر نفسه لا لجلب المنفعة الی نفسه وقد یقال بالفرق بین دعوی الفقر ودعوی الغرم اذ الاول لا یعرف الا من قبله دون الثانی لامکان الاستشهاد علیه بل امر بالاستشهاد علیه ومن هنا قامت السیرة علی قبول قول مدعی الفقر لا مدعی الکتابة او الغرم وعن العلامة فی التذکرة التفصیل بین دعوی الغرم لاصلاح ذات البین فلا یقبل قوله الا مع الحجة دون دعوی الغرم لمصلحة نفسه خاصة فیقبل منه لانه مسلم أخبر عن أمر ممکن وعن الشافعی عدم القبول الا مع البینة لانه مدع فلا یقبل الا بها.

نعم فی المقام کلام لصاحب الجواهر ج15ص367 وقد مر نظیره منه فی باب دعوی الفقر:« «و قد يقال في دفع الإشكال في المقامات الثلاثة: إن الحاصل من الكتاب و السنة وجوب دفع الزكاة لا وجوب دفعها للفقير أو للغارم أو للمكاتب. و قوله- تعالى-: «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ» إلى آخره إنما يدل على كون الصدقات لهم لا أن التكليف دفعها إليهم. و فرق واضح بين المقامين. نعم ورد: «لا تحلّ الصدقة لغني» و نحوه مما يقضي بعدم جواز دفعها لغير الأصناف الثمانية، و هو كذلك في المعلوم أنه ليس منهم، أما غير المعلوم فيتحقق‌امتثال الأمر بالإيتاء بالدفع إليه لكونه أحد أفراد الإطلاق، و لم يعلم كونه من أفراد النهى، بل أصالة البراءة عن حرمة الدفع إليه يقتضي خروجه عنها. و بالجملة الغنى مانع لا أن الفقر شرط، و لو سلّم كونه شرطا فهو محلّ لتناول الزكاة لا لدفعها ممن وجبت عليه لعدم الدليل بل مقتضى الإطلاق خلافه. و على هذا يتجه ما ذكره الأصحاب من قبول دعوى الفقر و الكتابة و الغرم، و لذا قال المصنف:و الأول أشبه.» انتهى.»وحاصله ان الغنی مانع لا کون الفقر شرطا ولو سلم انه شرط فهو شرط للاخذ لا للدفع. وهذا عجیب لان الآیة جعل الاصناف المستحقین الثمانیة مشروطا بالاوصاف العنوانیة وهم اهل الزکاة وامرنا بایصالها الیهم حتی الحکم التکلیفی «آتوا الزکاة»والاشتغال الیقینی مستدع للبرائة الیقینیة وأورد بعض المعاصرین علیه بانه من التمسک بالعام فی الشبهة المصداقیة للمخصص ولم أفهم لکلامه وجه بل هذا من الشبهة المصداقیة لنفس العام لا للمخصص.

مسالة 21:« إذا أخذ من سهم الغارمين ليصرفه في أداء الدين‌ ثمَّ صرفه في غيره ارتجع منه‌«

عن الشیخ فی الخلاف والمبسوط عدم الاسترجاع معللا بانه أخذ ما استحقه بالایة ولادلیل علی الرجوع لکن فی الشرایع :« و لو صرف الغارم ما دفع إليه من سهم الغارمين في غير القضاء ارتجع منه» وعلله فی المصباح (طبع قدیم ص101):«لأن للمالك الولاية على صرفه في الأصناف و قد عيّنه للصرف في قضاء دينه و لم يفعل، و لم يجعله ملكا طلقا له كي يجوز له التصرف فيه كيفما يشاء» وعلله الاستاذ بانه صرفه فیما لم یعد له فیسترجع لا محالة وعلله الحکیم فی المکاتب الذی لم یصرف الزکاة فی فک رقبته ردا علی الشیخ القائل بانه ملکه بالقبض«فیه: انه الملک ممتنع لعدم الدلیل علیه ولو سلم فلا تنفک ملکیته عن الوفاء فمع عدمه لادلیل علیها من اول الامر.» ثم جعل المقام مثل المکاتب.

أقول:ظاهر الآیة المبارکة فی قوله تعالی:« انما الصدقات للفقراء والمساکین والعاملین علیها والمولفة قلوبهم وفی الرقاب والغارمین وفی سبیل الله وابن السبیل ...»حیث تعدی لکلمة«فی» لا کلمة«لام»الظاهر فی الملکیة أو الاختصاص ان صرف الزکاة فی الغارمین لاجل اداء غرمهم ودینهم لا انه ملک للغارم فلو دفع الیه کان یده ید امانة للایصال الی فک الرقبة لا للملکیة حتی یصرفه فیما یشاء وما فی موثقة سماعة من قوله علیه السلام:

« إذا أخذ الرجل الزكاة فهي كماله يصنع بها ما يشاء.» قال: و قال: «إن اللّه فرض للفقراء في أموال الأغنياء فريضة لا يحمدون بأدائها و هي الزكاة، فإذا هي وصلت إلى الفقير فهي بمنزلة ماله يصنع بها ما يشاء.» فقلت: يتزوج بها و يحج منها؟ قال: «نعم هي ماله. الحديث.»

مدفوع بانه فی سهم الفقراء لا فی سهم الغارمین فالفروض التی ذکرها بعض المعاصرین وهی خمسة اوجه لا اساس لها فی المقام بل لو فرضنا کونها ملکا للغارم فهو ملک مشروط علی جهة خاصة فللمالک أو الامام الاسترجاع لو لم یصرف فی تلک الجهة.

نعم ذکر فی الجواهر (ج15ص367)فی ذیل ما نقلنا عنه فی ذیل المسالة السابقة من ان الواجب علی الدافع وجوب دفع الزکاة لا وجوب دفعها للفقیر والمکاتب والغارم. قال:« نعم الظاهر الاجتزاء عن الزكاة لحصول الامتثال بالدفع إليه، و لكن إذا تمكن من الارتجاع ارتجعه حسبة، كما تقدم تحقيق ذلك في المكاتب في نحو الفرض» والجواب ان الزکاة أمانة فی ید المالک ویضمنها لو أتلفها ومنه اذا دفعها الی غیر مستحقها.

مسالة 22:« المناط هو الصرف في المعصية أو الطاعة لا القصد من حين الاستدانة‌ فلو استدان للطاعة فصرف في المعصية لم يعط من هذا السهم و في العكس بالعكس‌.»

هذا هو مقتضی ظاهر النصوص فان المدار علی صدق العنوان وهو الصرف فی الطاعة او المعصیة لا علی القصد وهو المتسالم علیه عند الاصحاب ولاجله ترفع الید عما ربما یتوهم من ظهوره فی القصد کمعتبرة حسین بن علوان:

«...اذا استدانوا فی غیرسرف»(باب 48ح2)

بتوهم ان المدار علی الاستدانة لاجل الصرف فی الطاعة او غیرها، مضافا الی احتمال ارادة الصرف من قوله «فی غیر سرف» ای استدان وصرف فی غیر سرف هذا مضافا الی التصریح بالانفاق والصرف فی روایة محمد بن سلیمان :

« فيقضي عنه ما عليه من الدين من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة اللّه- عزّ و جلّ- فإن كان أنفقه في معصية اللّه- عزّ و جلّ- فلا شي‌ء له على الإمام»(ب9من ابواب الدین والقرض ح3)ومرسلة القمی عن العالم علیه السلام:« و الغارمين قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها‌ في طاعة اللّه من غير إسراف. الحديث. »(ب1من المستحقین ح7)

مسالة 23:« إذا لم يكن الغارم متمكنا من الأداء حالا‌ و تمكن بعد حين كأن يكون له غلة لم يبلغ أوانها أو دين مؤجل يحل أجله بعد مدة ففي جواز إعطائه من هذا السهم إشكال و إن كان الأقوى عدم الجواز مع عدم المطالبة من الدائن أو إمكان الاستقراض و الوفاء من محل آخر ثمَّ قضائه بعد التمكن‌.»

الاشکال ینشا من صدق العاجز وعدم صدقه لان حاله حال من یتمکن من اداء دینه ببیع بعض الامتعة الزائدة التی لایحتاج الیها اذ لا فرق فی صدق التمکن بین تسدید الدین بعین ماله او بتبدیله بمال آخر یسد به الحاجة أو الدین فالمدار علی القدرة والتمکن العرفیین لا العقلیین وهو یختلف بحسب الموارد کما لا یخفی علی الخبیر المطلع باحوال الناس.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo