< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

33/03/22

بسم الله الرحمن الرحیم

اشتراط الفقر فی سهم ابن السبیل«مع عدم تمكّن المدفوع إليه من فعلها بغير الزكاة ، بل مع تمكّنه أيضاً لكن‌ مع عدم إقدامه إلّا بهذا الوجه.»

هل تعتبر الحاجة فی الصرف من هذا السهم ؟ الظاهر من کلمات جمع من القدماء کالشیخ فی الخلاف والمبسوط والمحقق فی الشرایع والعلامة فی التذکرة التصریح بجواز اخذه للغنی لکن فی الغنیة :« و يجب أن يعتبر فيمن تدفع الزكاة إليه من الأصناف الثمانية إلا الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ و الْعامِلِينَ عَلَيْها الإيمان و أن لا يكون ممن يمكنه الاكتساب لما يكفيه ... بدليل الإجماع المتكرر.» وهو الظاهر من المسالک حیث ذکر لزوم تقیید هذا السهم بما لایکون فیه معونة لغنی مطلق فیشترط فی الحاج الزائر الفقر أو کونه ابن السبیل او ضیفا والفرق بینهما وبین الفقرا ان الفقیر لایعطی الزکاة لیحج بها من جهة کونه فقیرا ویعطی لکونه فی سبیل الله» واستشکل فیه فی المدارک بان فیه تخصیصا لعموم الادلة من غیر دلیل والمعتمد جواز صرف هذا السهم فی کل قربة لا یتمکن فاعلها من الاتیان بها بدونه وانما صرفا الی هذا التقیید لان الزکاة انما شرعت بحسب الظاهر لدفع الحاجة فلا تدفع مع الاستغناء عنها ومعذلک فاعتباره محل تردد» وفی الجواهر(15/371):« قلت: هو في محلّه، بل الأقوى عدم اعتباره لإطلاق الأدلة، و حكمة المشروعية لا تصلح للتقييد ...»

واستدل القائلون بالاختصاص بوجوه یدل بعضها علی اعتبار الفقر وبعضها علی اعتبار الحاجة الیها فی الخیر الذی تصدی له وان ملک مئونة سنته:

الاول:مرسل القمی عن العالم علیه السلام :« و في سبيل اللّه قوم يخرجون في الجهاد و ليس عندهم ما يتقوون به، أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به، أو في جميع سبل الخير. فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا على الجهاد و الحج.»

الثانی: ما عن النبی صلی الله علیه وآله وسلم :«لاتحل الصدقة لغنی»رواه الفریقان وقد تقدم مرارا فی تضاعیف هذاالکتاب.

الثالث: ما دل من الاخبار علی ان الزکاة وضعت لسد خلة الفقراء وحاجاتهم وان الله اشرک الفقراء فی اموال الاغنیاء فلیس لهم ان یصرفوا الی غیر شرکائهم کما فی صحیح ابی المعزا(ب2من المستحقین ح4)

والجواب عن المرسل مضافا الی ارساله تقییده بعدم ما یتقوون علی الجهاد او عدم التمکن من الحج وهذا لاینافی مع الغنی الشرعی ای تملک موونة سنته مضافا الی اطلاق ذیل المرسل بالنسبة الی جمیع سبل الخیر.

وعن الثانی مضافا الی ما رواه الشیخ والعلامة من تذییل الحدیث بالاستثناء للغازی والمولفة قلوبهم وغیرهما ، ان الحدیث ناظر الی من کان غنیا فیما یحتاج الیه فی موونة نفسه وعیاله وسایر ما یحتاج الیه فی معاشه لافی الامور العامة التی یحتاج المجتمع الیها کبناء المساجد والمدارس والقناطر والشوارع وعن الثالث بان تلک الامور خلات وحاجات یحتاج المجتمع الاسلامی الی وجودها کاحتیاج المجتمع الاسلامی الی الثغور والرباط والدفاع عن بیضة الاسلام او تکریم بیت الحرام وامثال ذلک.

فالاولی أن یقال:ان الزکاة وضعت لرفع الخلات سواء فیها الفرد والمجتمع الاسلامی ، نعم لو فرضنا الغنی لبعض افراد المجتمع فی ما یعود الی حاجات المجمتمع الاسلامی الیها من دون انصراف الادلة عنه کغذاء الغنی الغازی فی سبیل الله او ملبسه او سیفه ونحو ذلک فلا باس بالقول بمنعه عن مصرف الزکاة المعد للمجاهدین مثلا لکن قد یری الامام او رئیس المجتمع الاسلامی لزوم تکریم البیت الحرام بتجمع المسلمین حوله أو تجهیز جیش للدفاع عن بیضة الاسلام فاحتاج ذلک الی صرف الزکاة فیه وبعث المسلمین الیه من دون فرق بین الغنی والفقیر فلا محذور فیه قطعا فالعبرة بالحاجة الی صرف الزکاة فی جهة خاصة من الحج او الجهاد ونحو ذلک لا بحاجة المعطی له ومن ذلک ما لو احتاج البلد الی مسجد او شارع او قنطرة الی غیر ذلک فانه لا عبرة فی هذه الموارد بحاجة الاشخاص بل بحاجة الجهة نفسها ومن هنا ذکر الشیخ الانصاری ره فی کتاب زکاته-علی ما حکی عنه-ما محصله:« أن اعتبار الاحتياج هنا إنما هو فيما إذا قصد بالدفع إعانة الفاعل كالحاج و الزائر و أما إذا قصد حصول ذلك الفعل في الخارج بأن يشترك بماله مع الفاعل ببدنه فالظاهر عدم اعتبار الاحتياج هنا، لأن الإنفاق على ذلك الفعل بمنزلة الإنفاق على بناء المساجد و الربط»الی ان قال:« و لا ينافي هذا ما دلّ على حرمة الصدقة على الأغنياء، لأن المزكّي لم يصرف المال إلّا في تحصيل جهة خاصة و ليس تصدقا على الغني و لذا لو فضل عن مئونة العمل ردّه على المزكّي و صرفه في مصارف أخر. و الحاصل أن المصروف فيه الزكاة قد يجعل نفس إعانة الغني، و قد يجعل نفس الفعل، و الذي اعتبرنا فيه الحاجة هو الأول لا الثاني. و كذلك حكمهم بأنه‌ يعطى الغازي و إن كان غنيا إنما ينافي ما دلّ على عدم حلّية الصدقة للغني إذا كان الدفع لمعونة الغازي، و أما إذا كان لحصول دفع العدوّ الحاصل من مال المزكي و بدن الغازي فليس فيه منافاة للأدلة.»

وذکر المحقق الهمدانی ره فی مصباح الفقیه فی کتاب الزکاة(13/579):« لا يخفى عليك أنّ صرف الزكاة في معونة الزوّار و الحجيج و الغزاة يتصور على أنحاء:أحدها: أن يكون ما يصرفه إليهم بمنزلة الأجرة على عملهم، كما لو لم يكن لمن يباشر العمل بنفسه داع إلى فعل الحجّ أو الجهاد و نحوه، و لكن رأى المتولّي للصرف المصلحة في إيجاد هذه الأفعال من باب تشييد الدين أو تعظيم الشعائر أو غير ذلك من المصالح، فبعثهم على الفعل بجعل الأجرة لهم أو بذل النفقة عليهم من الصدقات على أن يعملوا هذا العمل.الثاني: أن يصرفه في من يريد بنفسه الحجّ و الجهاد، فيعينه ببذل الزاد و الراحلة و السلاح و نحوها.الثالث: ما يصرفه في التسبيلات العامّة من مثل المضايف و السقايات الواقعة في الطرق التي يأكل و يشرب منها عامّة المستطرقين. أمّا القسم الأوّل و الثالث: فلا ينبغي الاستشكال في عدم اشتراط الفقر و الحاجة في من يتناوله، فإنّ مصرف الزكاة في هذين القسمين في‌ الحقيقة هي نفس تلك المصالح التي صرف الزكاة فيها، لا خصوص الأشخاص الذين وصل إليهم شي‌ء منها. و أمّا القسم الثاني الذي هو في الحقيقة صرف إلى من يعمل الخيرات لا في نفس عمل الخير و إن كان هذا الصرف أيضا باعتبار كونه إعانة على البرّ و التقوى يعدّ من السبيل، فهذا هو الذي وقع فيه الإشكال على تقدير عدم كون المصروف إليه محتاجا إلى تناوله، و الاحتياط فيه ممّا لا ينبغي تركه، بل لا يبعد الالتزام بشمول «لا تحلّ الصدقة لغني» لمثله، و اللّه العالم.»

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo