< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

33/06/24

بسم الله الرحمن الرحیم

نقل الزکاة الی الفقیه فی زمن الغیبة«فصل 8 في بقية أحكام الزكاة و فيه مسائل:‌الأولى: الأفضل بل الأحوط نقل الزكاة إلى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة‌ سيما إذا طلبها لأنه أعرف بمواقعها لكن الأقوى عدم وجوبه...»

هل یجب دفع الزکاة الی الامام وعماله مع حضوره و الی الفقیه الجامع لشرائط الولایة مع الغیبة مطلقا کما یظهرمن المفید فی المقنعه والحلبی علی نسخة من کتابه «الکافی» او یستحب ذلک مطلقا کما نسب الی جملة من الاصحاب او لایجب ولایستحب ذلک ابتداء وان وجب مع الطلب کما یظهر من الحدائق او یفصل بین الامام المعصوم وبین الفقیه فیجب فی الاول دون الثانی کما یظهر من النهایة والغنیة والمهذب او یفصل بین الاموال الظاهرة کالغلات والمواشی وبین الاموال الباطنة کالنقدین فیجب فی الاولی فقط؟فی المسالة اقوال.

ویظهر من الجمیع مسلمیة امرین:الاول وجوب الدفع الی الامام المعصوم مع مطالبته؛ الثانی جواز دفع المالکین الی المستحقین عند عدم امکان الایصال الی الامام المعصوم او نائبه الخاص او العام اخذا باطلاق ادلة وجوبها الوضعی والتکلیفی.

ولاباس بذکر مقدمة قبل الورود فی البحث وهی ان الظاهر من الایات والروایات کون الزکاة دستورا اسلامیا یتصدی حاکم الاسلام جبایتها وتقسیمها علی الاصناف الثمانیة وتشهد له الامر الصادر من الله تعالی الی النبی صلی الله علیه و آله:

«خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزکیهم...»

وما ثبت من الروایات من بعث النبی ص عماله لجبایتها واستمرت السیرة علی هذا المنوال فی عصر الخلفاء وامیر المومنین علیه السلام وقد ضبط المورخون اسامی عمال النبی صلی الله علیه و آله وقد استوفاها الدکتور یوسف القرضاوی فی کتاب فقه الزکاة ویشهد له جعل العاملین علیها صنفا فی آیة الصدقات وتشهد له ایضا ما ورد من اداء الامام علیه السلام دیون الغارمین وایصال ابن السبیل الی بلده وفی سبیل الله وقد صرح بذلک فی صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم:

«ان الله یعطی هولاء جمیعا لانهم یقرون له بالطاعة»(ب1من المستحقین ح1)وخبر علی بن ابراهیم فی تفسیر الاصناف: « و الغارمين قوم قد وقعت عليهم ديون أنفقوها في طاعة اللّه من غير إسراف فيجب على الإمام أن يقضي عنهم و يفكّهم من مال الصدقات، و في سبيل اللّه قوم يخرجون في الجهاد و ليس عندهم ما يتقوون به، أو قوم من المؤمنين ليس عندهم ما يحجون به أو في جميع سبل الخير فعلى الإمام أن يعطيهم من مال الصدقات حتى يقووا على الحج و الجهاد.و ابن السبيل أبناء الطريق الذين يكونون في الأسفار في طاعة اللّه فيقطع عليهم و يذهب مالهم فعلى الإمام أن يردّهم إلى أوطانهم من مال الصدقات.»(ب1ح7)وفی خبر موسی بن بکر عن ابی الحسن علیه السلام: «فان غلب عليه فليستدن على اللّه و على رسوله ما يقوت به عياله، فإن مات و لم يقضه كان على الإمام قضاؤه، فإن لم يقضه كان عليه وزره، إنّ اللّه- عز و جل- يقول :إِنَّمَا الصَّدَقاتُ...» (ب9من ابواب الدین والقرض ح2) وفی خبر ابی محمد عن الرضا علیه السلام فی النظرة الی میسرة:«قال نعم ینتظر بقدر ما ینتهی خبره الی الامام فیقضی عنه ما علیه من الدین من سهم الغارمین...فان کان النفقة فی معصیة الله عزوجل فلا شی له علی الامام»(ب9من تلک الابواب ح3)

الی غیر ذلک من الروایات الظاهرة او الصریحة فی ذلک وقد وردت الروایات بهذا المضمون فی کتب العامة ایضا.

نعم القدر المتیقن من ذلک الامام المعصوم اومن بیده الحکوة والسیاسة وادارة المجتمع الاسلامی بحقّ، ویظهر ذلک من روایة جابر الجعفی:

« إنّما يكون هذا إذا قام قائمنا فإنّه يقسّم بالسويّة و يعدل في خلق الرحمن، البرّ منهم و الفاجر»(ب36من ابواب المستحقین ح1)

عند ما رجل قدم زکاته الی ابی جعفر علیه السلام؛ وذکر الاستاد ضعف الروایة بعمرو بن شمر وسفیان بن عبد المومن الانصاری.

ومن هنا لایبعد کون الحکم بجواز دفع الشیعة زکاتهم بانفسهم لاجل تسلط الطواغیت علی هذه الضریبة الاسلامیة ومنهم الزکاة عن الشیعة کما لعله الظاهر من خبر الجابر المتقدم.

وبهذا ظهر انه لا موجب لوجوب دفع الزکاة الی الفقیه الجامع للشرائط فی زمن الغیبة اذا لم یکن سیاسة المجتمع بیده کما یظهر ایضا من الخبر المتقدم بعد العلم بعدم سقوط هذا الواجب المالی عن الناس وتعیین مصارفها فی القرآن والروایات. وعلیه فالقول بوجوب الدفع الیه فی عصر الغیبة مع عدم بسط ید الفقیه الجامع للشرائط فاقد للدلیل ولکن معذلک استدل لذلک اولا بوجوب المطالبة بوجوه:

الاولی:قوله تعالی:

« خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها »

بتقریب ان الصدقات جعل لها مصارف ثمانیة بمقتضی الایة الاخری فی نفس هذه السورة فلا محالة یکون الامر باخذها بما انه حاکم و امام للمسلمین وعلیه سد خلتهم بما فرض الله لهم ومقتضی ذلک جریان الحکم فی الائمة بعده ایضا بل فی کل من تصدی لزعامة المسلمین عن حقّ ولو فی عصر الغیبة وفی منطقة خاصة وهو مقتضی قوله تعالی:

«ولکم فی رسول الله اسوة حسنة»

ومقتضی جملة من الروایات التی طبقت الایة علی امام المسلمین بعد الرسول ففی الکافی(کتاب الحجة باب صلة الامام ح1)

عن حسین بن محمد بن عامر باسناده رفعه قال ابوعبد الله علیه السلام:« من زعم أنّ الإمام يحتاج إلى ما في أيدي الناس فهو كافر، إنما الناس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام، قال اللّه- عزّ و جلّ-: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ...» وفی تفسیر العیاشی عن علی بن حسان الواسطی عن بعض اصحابنا عن الصادق علیه السلام: «قال: سألته عن قول اللّه: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً...» جارية هي في الإمام بعد رسول اللّه «ص»؟ قال: «نعم» (رواها عنه البحار93/84کتاب الزکاة والصدقة باب ادب المصدق) وفی دعائم الاسلام عن الصادق علیه السلام: «يجبر الإمام الناس على أخذ الزكاة من أموالهم، لأن اللّه- عزّ و جل- قال: «خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً.»‌ (البحار93/86)

الوجه الثانی: ذکر العاملین علیها فی الآیة فی مصارف الزکاة فانه شاهد علی لزوم جبایة الزکاة ونسب الی المشهور- کما فی الحدائق وجوب نصب الامام عاملا علی الصدقات- وقال فی المبسوط:« و على الإمام أن يبعث الساعي في كلّ عامّ إلى أرباب الأموال لجباية الصدقات. و لا يجوز له تركه لأنّ النبي «ص» كان يبعث بهم كلّ عام» ونظیره فی الشرایع.

الوجه الثالث:خبر سلیم بن قیس عن امیر المومنین علیه السلام فی وجوب الامامة وبیان وظائفه:

« يجمع أمرهم و يحكم بينهم و يأخذ للمظلوم من الظالم حقّه و يحفظ أطرافهم و يجبي فيئهم و يقيم حجتهم (حجّهم و جمعتهم- البحار) و يجبى صدقاتهم.»(بحار8/555)

الوجه الرابع:بعث النبی صلی الله علیه و آله وسلم معاذا الی الیمن وقال له:

« فأخبرهم أنّ اللّه قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم فإن هم طاعوا لك بذلك فإيّاك و كرائم أموالهم»(صحیح البخاری الجزء 5ح108)

الوجه الخامس:سیرة النبی ص ومن قام مقامه وکذلک سیرة امیر المومنین علیه السلام علی بعث العمال لجبایة الزکوات ولزوم اطاعة الناس.

لکن اورد علی الاول بعدم معلومیة ورود الایة فی الزکاة لاحتمال ارادة الکفارة التی جاء بها المتخلفون عن رسول الله ص فقد روی عن ابن عباس ان ابا لبابة واصحابه حین اطلقوا جاووا باموالهم الی الرسول ص فقالوا یا رسول الله هذه اموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا، قال: ما امرت ان آخذ من اموالکم شیئا فانزل الله تعالی«خذ من اموالهم صدقة...»ویشهد له اضافة التطهیر الی الاشخاص ورجوع الضمیر الی ما قبل الایة:«و آخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا و آخر سیئا» لکن یدفعه عدة من الروایات فی شان نزول الایة و تطبیقها علی الزکاة الواجبة(کصحیح عبد الله بن سنان ب1من ابواب ما تجب فیه الزکاة ح1) مضافا الی ما فی المستدرک عن عوالی اللئالی فی شان نزول الایة:

«فاخذ منهم الزکاة المفروضة شرعا»(مستدرک ب1من ابواب ما تجب فیه الزکاة ح20)

وذکر سیدنا الاستاد:« ان الامر بالاخذ بقرینة ما بعده مقدمة للتطهیر ولا موضوعیة له ولیس امرا استقلالیا» وقد یقال ان الامر ورد موقع توهم الحظر او انه من خصائص النبی ص لکنه قابلة للدفع کما ان سایر الوجوه المستدل بها لوجوب المطالبة قد نوقش بضعف السند وکون الامر لمقدمة سد الخلة فلا وجوب نفسی فیه او من خصائص النبی ص او امر ارشادی الی صحة تقسیم الفیء ونحو ذلک.

واماوجوب الدفع فان کان المطالب من وجبت طاعته من اولی الامر فلا اشکال فیه لوجوب اطاعته کاطاعة الله مضافا الی ما قیل من ان وجوب المطالبة یستلزم وجوب الدفع الیه لما بینهما من الملازمة.

واما ان کان المطالب من غیر الامام المفترض طاعته فهل یجب معذلک الدفع الیه المشهور هنا عدم الوجوب کما قواه الماتن حتی لاتبرء الذمة بلا الدفع الیه.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo