< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ مصطفی الأشرفي

33/11/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 

عدم اشتراط مقارنة النیة للاداء فی رای الاستاد

الذی یختلج بالبال بعد تصفح الروایات: ان الزکاة حق مالی اوجبه الله تعالی علی الاغنیاء قوتا للفقراء ولسد خلتهم و لرفع الحوائج العامة بمنزلۀ الضرائب الحکومیۀ و فی ذلک تحصینا لاموال الاغنیاء ایضا حیث ان بذلک یسد خلۀ الفقراء والحوائج العامۀ فی المجتمع و یحصن بذلک مال الغنی عن السرقۀ و الاخذ منه بالظلم و العدوان.

وحیث الانفاقات علی ذوی الحاجات امر مطلوب عند العقلاء فی کل المجتمعات البشریۀ حتی بالنسبۀ الی ذوی الحاجات من الحیوانات فقد اوجب الله تعالی علی عبیده الاغنیاء اخراج حصۀ من ماله لدفع تلک الخلۀ کما انه تعالی رغب فی سایر الانفاقات التی یحسنها العقلاء فی جمیع مجتمعاتهم فامتاز ما اوجبه باسم الزکاۀ لتلک المصلحۀ العامۀ و قد عفی رسوله عن وجوب سایر الانفاقات الا ما خرج بالدلیل.

حیث ان الانسان خلق هلوعا و من طبعه الضن بالمال فلا محالۀ لایرضی بهوی نفسه اخراج حصۀ من ماله للانفاق علی غیره بل ینحل بالانفاق و یدخره لقضاء ما تهوی نفسه الیه فی الاجل و العاجل و لو لاولاده وقراباته، الا دعته فطرته الکریمۀ الی سد حاجات ذوی الحاجات او بعض الاهواء الدنیویۀ کحب الجاه و الریاسۀ و دعوۀ الناس الی نفسه الی بذل المال.

او دعته اطاعۀ الرب المنعم الجبار المنتقم الی بذل المال و اخراج حصۀ مما احبه اطاعۀ لله تعالی، و هذا قسم خاص من الانفاق سماه الله تعالی بالزکاۀ و اوجبه رسول الله فی تسعۀ اشیاء فهذا الانفاق الخاص یتمیز من بین سایر الانفاقات بکونه اولا لاطاعۀ الله تعالی لا لسایر الاهواء و ثانیا بانه متمیز عن سایر الانفاقات بممیزات جعلته مسماۀ باسم الزکاۀ.

و من هنا لابد من تمییزه من سایر الانفاقات بالقصد الموجب للانطباق علی هذا القسم و یکون الداعی الیه هو اطاعۀ الله تعالی حیث ان اطاعته تعالی دعته بعد ضن نفسه بالمال- الی اخراج الزکاۀ.

و علیه بکل صورۀ اخرج هذه الحصۀ من ماله قاصدا به عنوان ما وجب علیه باسم الزکاة و کان داعیه علی الاخراج خصوص اطاعۀ الله تعالی حصل المطلوب سواء کان ذلک بالاعطاء بیده او بوکیله او بابرائه ذمۀ المدیون، او بانحاء آخر فقد ادی ما وجب علی و لا موجب لمقارنۀ قصد القربۀ لزمان الاخراج او الایصال او الابراء او نحو ذلک بل لایبعد عدم الحاجۀ مقارنۀ قصد الزکاة لزمان الاخراج او الایصال الی الفقیر اذا امتاز المقصود بوجه آخر و ان لم یکن نیة الزکاۀ مقارنۀ للدفع و الاداء او الایصال، فقصده عنوان الزکاۀ لتمایزه عن سایر الانفاقات و علیه لایبعد ارادۀ هذا العنوان فی کثیر من عبادات الفقهاء لاخصوص قصد القربۀ.

و بالجمۀ التصفح فی الروایات یشهد بانه دین علی ذمۀ الاغنیاء کسایر الدیون المالیۀ الا ان سایر الدیون المالیۀ منبعث من الاتلاف و الوفاء بالعهود و العقود و الاستقراض و نحو ذلک لکن هذا الدین منبعث مما اثبته الله تعالی علی اموال الاغنیاء و لذا یجب اخراجه من اصل المال سواء اوص به المیت ام لا(ب21و 22من المستحقین) :

« عَنْ عَبَّادِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي رَجُلٍ فَرَّطَ فِي إِخْرَاجِ زَكَاتِهِ فِي حَيَاتِهِ- فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ حَسَبَ جَمِيعَ مَا كَانَ- فَرَّطَ فِيهِ مِمَّا لَزِمَهُ مِنَ الزَّكَاةِ- ثُمَّ أَوْصَى بِهِ أَنْ يُخْرَجَ ذَلِكَ- فَيُدْفَعَ إِلَى مَنْ يَجِبُ لَهُ- قَالَ جَائِزٌ يُخْرَجُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ- إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ دَيْنٍ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ شَيْ‌ءٌ- حَتَّى يُؤَدُّوا مَا أَوْصَى بِهِ مِنَ الزَّكَاةِ.»

«عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قُلْتُ لَهُ رَجُلٌ يَمُوتُ وَ عَلَيْهِ خَمْسُ مِائَةِ دِرْهَمٍ مِنَ الزَّكَاةِ- وَ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَ تَرَكَ ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ- وَ أَوْصَى بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ- وَ أَنْ يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُ الزَّكَاةِ- قَالَ يُحَجُّ عَنْهُ مِنْ أَقْرَبِ مَا يَكُونُ- وَ تُخْرَجُ الْبَقِيَّةُ فِي الزَّكَاةِ.»

 

ویشهد له ما ورد من انه اذا لم یخرجه البایع من ماله المبیع اخرجه المشتری و یرجع الی البایع بذلک(کما فی روایات ب18 من ابواب المستحقین):

«سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنْ رَجُلٍ عَلَى أَبِيهِ دَيْنٌ- وَ لِأَبِيهِ مَئُونَةٌ أَ يُعْطِي أَبَاهُ مِنْ زَكَاتِهِ يَقْضِي دَيْنَهُ- قَالَ نَعَمْ وَ مَنْ أَحَقُّ مِنْ أَبِيهِ.»

 

مع ان الظاهر عدم قصد الزکاة من البایع و لعله الظاهر من روایات اشترط اخراج زکاة الثمن علی المشتری (کما فی روایات ب18من ابواب زکاة الذهب والفضة):

«قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ بَاعَ أَبِي مِنْ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ- أَرْضاً لَهُ بِكَذَا وَ كَذَا أَلْفَ دِينَارٍ- وَ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ زَكَاةَ ذَلِكَ الْمَالِ عَشْرَ سِنِينَ- وَ إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّ هِشَاماً كَانَ هُوَ الْوَالِيَ.»

 

بل لایبعد کون قصد القربة فی اداء الزکاۀ امرا مشیرا الی هذا الانفاق الخاص لا دخالته فی قوام الواجب و فعله، ویشهد ما دل من الروایات علی کفایۀ ما اخذه السلطان الجائر من الزارع حسبما فی روایات(ب20 من المستحقین):

« يَعْقُوبَ بْنِ شُعَيْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع عَنِ الْعُشُورِ- الَّتِي تُؤْخَذُ مِنَ الرَّجُلِ- أَ يَحْتَسِبُ بِهَا مِنْ زَكَاتِهِ قَالَ نَعَمْ إِنْ شَاءَ.»

مع انه لم یقصد القربۀ بذلک اصلا، ولم یرد نص خاص علی اعتبار قصد القربۀ فی الزکاۀ الا ما ورد من انه لا عمل الا بالنیۀ و دلالته علی اعتبار قصد القربۀ ضعیفۀ جدا.

وبالجملۀ الذی یظهر من مجموع الروایات انه یجب اخراج حصۀ خاصۀ من اموال مخصوصه فی شرائط خاصۀ مسمی باسم الزکاۀ و هو یحتاج فی تمیزه الی قصد خاص یمیزه عما سواه من الانفاقات و من جملۀ تلک الممیزات قصد امتثال الامر الوجوبی الصادر الیه من الله الحکیم و اما مقارنۀ القصد للاداء او الاخراج بما هی مقارنۀ فلا دلیل علیه کما ان مقارنۀ قصد القربۀ للاداء او الایصال لا شاهد علیه، نعم یعتبر فی تفریغ ذمۀ المکلف عن هذا الواجب کون السبب فی الاخراج هو نفس الغنی مباشرۀ او تسبیبا و لانستبعد حمل کلمات الفقهاء فی اعتبار النیۀ و المقارنۀ علی ارادۀ حصول هذا المامور به الممتاز من بین سایر الانفاقات بالقصد فتامل.و الحمدلله.

و بهذا ظهر ان قیاس الزکاۀ بسایر العبادات کالصلاۀ والصیام المتقوم بقصد اطاعۀ الامر و هو فصل ممیز لها عن غیر العبادادت ومقارنۀ هذا القصد جزء منها کی لایخلو من هذا الشرط الذی فصل للعمل العبادی مع الزکاۀ ، لا وجه له.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo