< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/01/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: فی سائر مرجحات باب التزاحم

إن من مرجحات باب التزاحم تقديم الأهم علی المهم و ذلك لحكم العقل بصرف القدرة في الأهم دون المهم كما يظهر ذلك عند تقديم إنقاذ المولی علی حفظ ماله و تقديم الصلاة علی غيرها من الواجبات التی تكون أقل شأنا منها لو ‌يقدر المكلف علی الإتيان بهما و هكذا الوجه في تقديم حرام علی الآخر لقلة المفسدة فيها بالنسبة إلی الآخر الذي يكون مفسدته أكثر لحكم العقل بالتقديم و هذا ما يعبر عنه بدفع الأفسد بالفاسد .

و من جملة المرجحات تقديم الواجب الفعلي المقدم زمانا علی المؤخر عنه فلو لم‌يقدر المكلف علی صوم أكثر من عشرة أيام في شهر رمضان يقدم العشر الأول علی سائر العشرات المتصورة في ثلاثين يوم ضرورة فعلية التكليف في أول الشهر و وجوب صيامها من دون موجب لترك الواجب المنجز في أول الشهر فحينئذ لو صام العشر الأول يعجز عن صيام باقي الأيام فيسقط عنه التكليف بالنسبة إلیها و هكذا في تقديم القيام في صلاة الظهر علی القيام في العصر لو عجز عن الإتيان بالقيام فيهما .

نعم لو كان المتأخر زمانا أهم ملاكا من المتقدم عليه، يقدم عليه كما إذا علم بلزوم نصرة الإمام غدا و وجوب الإكتساب اليوم و لم يقدر علی كليهما؛ يترك الإكتساب لحفظ القدرة علی نصرة الإمام لكونه أهم.

ثم إن السيد صاحب العروة‌ ذكر فرعا من موارد التزاحم نذكره هنا إستطرادا و يترتب علي فهمه ثمرات كثيرة‌ في إستنباط الأحكام قال رحمه الله علی ما ذكر عنه المصباح في مبحث مكان المصلي أنه إذا دار الامر بين الاتيان بالصلاة في مكان يتمكن فيه من القيام دون الركوع و السجود لضيقه، و الإتيان بها في مكان يتمكن فيه منهما دون القيام لكون سقفه نازلا، فالمكلف مخير بين المكانين إذا لم يتمكن من الاحتياط باتيان الصلاة فيهما .

و ذكر المحقق النائيني ( ره ) في حاشيته على أحد الموضعين أنه يجب تقديم القيام و على الموضع الاخر انه يجب تقديم الركوع والسجود و نظره في الأول إلى كون القيام مقدما زمانا على الركوع و السجود و فى الثاني إلى كون الركوع و السجود أهم من القيام و على كل حال بين كلاميه تدافع ظاهر.

ثم إنه إستشكل الأستاذ علی ‌كلام المحقق و قال: التحقيق أن أمثال هذه المقامات - مما يكون الواجب فيها من الواجبات الضمنية لكونه جزء من مركب أو شرطا - خارجة عن التزاحم موضوعا، فلو دار الامر بين جزءين من واجب واحد، أو بين شرطية، أو بين جزء و شرط منه، لا يصح الرجوع إلى مرجحات باب التزاحم .

و الوجه في ذلك أن الواجب هو المركب من جميع الاجزاء و الشرائط و بعد تعذر جزء أو شرط يسقط الوجوب رأسا و لا تصل النوبة إلى التزاحم؛ إذ الوجوب الأول كان متعلقا بالمجموع و قد سقط بالتعذر و وجوب الباقي يحتاج إلى دليل و لذا لو اضطر الصائم إلى الافطار في بعض آنات اليوم، لم يلتزم أحد من الفقهاء بوجوب الامساك في الباقي من آنات هذا اليوم .

نعم في خصوص باب الصلاة يجب الاتيان بالباقي لما دل على أن الصلاة لا تسقط بحال، بل الضرورة قاضية بعدم جواز ترك الصلاة في حال إلا لفاقد الطهورين، فإنه محل الخلاف بينهم، فإذا تعذر بعض اجزاء الصلاة أو بعض شروطها وكان المتعذر متعينا، كما إذا لم يتمكن المصلي من القيام مثلا يجب عليه الاتيان بالباقي بلا اشكال .

و أما إذا كان المتعذر مرددا بين جزءين، كما في الفرع الذي نقلناه من العروة أو بين شرطين أو بين جزء وشرط منها، فيكون داخلا في باب التعارض؛ إذ وجوب كلا الجزءين معلوم الانتفاء؛ لعدم القدرة إلا على أحدهما و لا ندري أن الواجب المجعول في هذا الحال أيهما ؟ فإذا لابد من الرجوع إلى الأدلة الدالة على الاجزاء والشرائط، فان كان دليل أحد طرفي الترديد لفظيا ودليل الطرف الآخر لبيا، يجب الأخذ بالدليل اللفظي؛ إذ الدليل اللبي يقتصر فيه بالقدر المتيقن و هو غير مورد المعارضة مع الدليل اللفظي كما إذا دار الامر بين الاتيان بالصلاة قائما بدون الاستقرار و الإتيان بها جالسا معه، فان الدليل على وجوب القيام لفظي؛ كقوله عليه السلام «من لم يقم صلبه فلا صلاة له » و على وجوب الاستقرار لبي وهو الاجماع، فيؤخذ بالدليل اللفظي و يحكم بوجوب الاتيان بالصلاة قائما و لو بدون الاستقرار .

و كذا الكلام فيما إذا كان كلا الدليلين لفظيا ولكن كان أحدهما عاما و الآخر مطلقا، فيجب الاخذ بالعام، لكونه صالحا لان يكون بيانا للمطلق، فلا تجري مقدمات الحكمة ليؤخذ بالمطلق .

و أما إذا كان الدليل في كليهما لبيا أو في كليهما لفظيا، و كان كلاهما مطلقا فيتساقطان و لابد من الرجوع إلى الأصل العملي و حيث أنا نعلم بوجوب أحدهما في الجملة من الخارج فيكون المرجع أصالة عدم اعتبار خصوصية هذا و ذاك، فتكون النتيجة التخيير كما في العروة .

وأما إن كان الدليل في كليهما لفظيا وكان كلاهما عاما، فلابد من الرجوع إلى المرجحات السندية ، كما يأتي إن شاء الله تعالى .

هذا كله فيما إذا دار الامر بين المختلفين في النوع؛ كالقيام و الركوع

و أما إذا كان الامر دائرا بين فردين من نوع واحد؛ كما إذا دار الامر بين القيام في الركعة الأولى و الركعة الثانية، أو دار الامر بين الركوع في الركعة الأولى و الركعة الثانية فلا يتصور فيه تعدد الدليل لتجري احكام التعارض؛ إذ الدليل على وجوب القيام في كل ركعة واحد و كذا الدليل على وجوب الركوع في كل ركعة واحد .

أما القيام، فالذي يظهر من دليله اختياره في الركعة الأولى، فان ظهر - من قوله عليه السلام « المريض يصلي قائما فان لم يقدر على ذلك صلى جالسا . . . الخ » - وجوب القيام مع القدرة الفعلية عليه، و أن المسقط له ليس إلا العجز الفعلي، فيجب عليه القيام في الركعة الأولى لقدرته عليه بالفعل و بعد تحقق القيام في الركعة الأولى يصير عاجزا عنه في الركعة الثانية، فيكون معذورا لعجزه عنه فعلا .

و أما غير القيام من الركوع والسجود وغيرهما، فحيث أن الدليل لا يشمل كليهما لعدم القدرة عليهما على الفرض و وجوب أحدهما في الجملة معلوم من الخارج، فالمرجع أصالة عدم اعتبار الخصوصية، وتكون النتيجة التخيير . مصباح الأصول ج 3 ص 365

و لا يبعد عندنا تحقق التزاحم في الواجبات الضمنية أيضا فلا يختص التزاحم بالواجبات بمثل صلاة الظهر و العصر .

و الحمد لله

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo