< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/02/03

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في صغريات الجمع العرفي

وصلنا إلی بيان موارد صغری الجمع العرفي الذي يكون أولی من الطرح و ذكرنا أن المراد من هذا الجمع ليس الجمع بطريق التأويل و التبرع و الإمكان العقلي إذ ما من متعارضين إلا و يمكن الجمع بينهما بهذا الطريق كالجمع بين دليل «ثمن العذرة سحت» و دليل «لابأس ببيع العذرة» بحمل الأول علی عذرة‌ الإنسان و الثاني علی عذرة‌ الحيوان المأكول لحمه و هكذا يمكن الجمع العقلي بين ما يدل علی حرمة الخمر «لاتشرب الخمر» و ما يدل علی الفرض علی جواز شربه «لابأس بشرب الخمر» بحمل الثاني علی حال المرض و المعالجة.

فالتأویلات علی خلاف الظهور يوجب الجمع العقلي بين الدليلين فليس المراد من الجمع في القاعدة المذكورة هذا النوع من الجمع و إنما المراد من صغراها بيان موارد يجمع بينهما العرف بلا تكلف و لايری بينهما التنافي كالجمع بين العام و الخاص المتصل و الجمع بين القرينة و ذي القرينة .

هذا مضافا إلی أنه يلزم من أولوية‌ الجمع العقلي في القاعدة؛ لغوية ما ورد من الأدلة في ترجيح المرجحات السندية أو الصدورية أو جهة الصدور إذ يتصور الجمع العقلي بين موارد حكم الإمام عليه السلام بالرجوع إلی تلك المرجحات.

فالمراد من الجمع ما إرتضاه العرف للجمع كالجمع بين العام و الخاص فلو كان كذلك يكون الجمع أولی من الطرح .

ثم إن الأستاذ الخوئي نقل موارد الجمع العرفي التي ذكرها المحقق النائيني و إستشكل في بعضها و بما أن بيان المحقق في «فوائد الأصول» أجمل و أجمع مما جاء في «أجود التقريرات» ننقل بعض ما قاله المحقق في توضيح الجمع العرفي من الفوائد ج 4 ص 715 إلی ص 733 .

مقدمة‌إن الدلالة‌ علی قسمين التصورية و التصديقية

الدلالة التصورية: هي دلالة الألفاظ علی معانيها الوضعية اللغوية و العرفية التی تتبادر الذهن عند إستماع تلك الألفاظ

الدلالة التصديقية و هي علی قسمين الدلالة التصديقية‌ في مقام الإستعمال و الدلالة التصديقية في مقام إرادة المتكلم الجدية و الواقعية

و الأول ما يستفيده المستمع من أهل المحاورة من مجموع جملات المتكلم و كلماته و هناك يقال للمتكلم أن يلحق بكلامه من القرائن المتصلة و المنفصلة مادام مشتغلا بالتكلم فما إستفاده المستمع من مجموع هذه الخطابة و ألقاه علی الآخرين يكون مراد المتكلم و قد يكون ظهور الجملة مخالفا لظهور المفردات إذا إحتف بالكلام أحد هذه الأمور .

و الثاني ما يكشف عن مراد المتكلم الجدي و الواقعي إذ قد يكون المراد غير ما أتی المتكلم في كلامه بل يكشف مراده من مجموع ما قاله سابقا و لاحقا و يكون السابق قرينة علی كلامه اللاحق أو العكس و و هذا قد يوجب كشف المراد الواقعي إذا لم‌يعتمد علی القرائن المنفصلة و قد لايوجب ذلك و هذا النوع من المراد يتصور فيمن كان من دأبه الإتكاء علی القرائن المنفصلة أو المخصصات ‌المنفصلة فيكون كشف مراده الجدي متوقفا علی الفحص عن المخصصات و القرائن المنفصلة .

ثم إنه وقع بحث بين العلماء في أن المراد الجدي هل يكشف من الظهور النوعي للألفاظ أو يكون مستفادا من أصالة عدم القرينة و هكذا وقع البحث عن وجه إسناد المقصود الأخير من كلام المتكلم إليه فقال المحقق النائيني بأن الكشف عن واقع مراد المتكلم مبتن علی أصالة عدم القرينة عند الشك في وجود القرينة و بهذا يتم الظهور و أما إذا لم‌يتعلق الفرض بكشف واقع مراده يكتفي بظهور الكلام كما إذا كان صدور الكلام لأجل البعث و تحريك العبد .

ثم وقع البحث عن وجه تقدم الخاص علی العام و أنه من باب الحكومة أو التخصيص أو الورود فقال المحقق النائيني إذا كان الخاص ظني الصدور و الدلالة أو قطعي السند و ظني الدلالة فإصالة الظهور في الخاص حاكمة علی إصالة العموم و قال الشيخ يجب تقديم أقوی الظهورين في المقام و ربما يكون عاما أقوی ظهورا من الخاص و يكون قرينة علی المراد الأخير الجدي للمتكلم كما يكون كذلك فيما إذا كان العام النكرة في سياق النفي قرينا للقسم فيكون العام يقدم عليه و يسلب ظهور الخاص في إرادة تخصيص العام ولكن المحقق النائيني لم‌يرتض مقالة الشيخ في هذا الفرض و ذكر أن الخاص حينئذ بمنزلة القرينة علی التصرف في العام كما يتضح ذلك بفرض ورودهما في مجلس واحد من متكلم واحد حيث أن الخاص حينئذ بمنزلة القرينة و العام ذي القرينة و لايزال يتقدم ظهور القرينة علی ذيها .

مثال: إن ظهور كلمة «يرمي» في رمي النبال ليس أقوي من ظهور الأسد في الحيوان المفترس في «رأيت أسدا يرمي» و معذلك يكون قرينة في أن مراد المتكلم الجدي هو رؤية الإنسان الشجاع لا الحيوان المفترس .

و هكذا بالنسبة إلی دليل العام و المطلق فيقدم الخاص و المقيد علی الإطلاق و إن كان العام أقوي ظهورا منهما

و عليه فالخاص يقدم ظهورا علی العام دائما فلو جاء عام «أكرم العلماء» و خاص «لاتكرم العالم الفاسق» يقدم الخاص علی العام و يحكم بحرمة‌ إكرام العالم الفاسق و يكون مراد المتكلم الجدي سواء كان التقدم علی نحو الحكومة أو الورود أو التخصيص و إن كان العام قطعي السند و الخاص ظني السند و التفاوت في التقدم بالأنحاء المذكورة ناش عن كون الخاص قطعي السند و الدلالة دون العام أو ظنی الدلالة و السند كالعام أو المختلف في السند و الدلالة. (فراجع ما أفاده في الفوائد)

ثم بعد الكلام في أن المدار في تقدم أحد الدليلين علی الآخر هل هو أقوائية الظهور أم يكون الخاص دائما أقوی ظهورا يتعرض المحقق لموارد يمكن الجمع بين الدليلين بالتفصيل و يقول إن منشأ الجمع بين الدليلين أحد الأمورين

الأول: أن يكون مدلول أحد الدليلين نصا و الآخر ظاهرا فيقدم النص علی الظاهر دائما و يكون النص قرينة علی أن المراد من الظاهر ليس ظهوره بل المراد صرف الظاهر عن ظهوره كما إذا ورد دليل «إغتسل للجمعة» و «لا بأس بترك الجمعة» فإن الثاني نص في جواز الترك و الأول ظاهر في الوجوب فيقدم النص علی الظاهر و يرفع اليد عن ظهور الظاهر .

الثاني: أن يكون أحد الدليلين أظهر أو ظاهر و الآخر ظاهرا و معذلك يكون الظاهر أو الأظهر بمنزلة القرينة علی‌ المراد من الظاهر .

و سيأتي ذكر موارد القسمين في الدرس الآتي إنشاء الله تعالی .

و الحمد لله

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo