< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/02/27

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: النوع الثالث

قد مر أن التعارض بین أکثر من دلیلین علی أنواع و ذكرنا النوع الأول و الثاني منها و وصلنا إلی بيان النوع الثالث

النوع الثالث: ما إذا ورد عامان و كانت النسبة بينهما التباين و ورد خاص علی أحدهما و ذلك مثل الروايات الواردة في الإنحراف عن القبلة و هي علی طوائف منها ما تدل علی كون الإنحراف يقطع الصلاة و منها ما تدل علی عدم قطع الصلاة بالإنحراف و تكون النسبة بينهما التباين و منها ما خصص الطائفة الأولی الدالة علی قطع الصلاة بالإنحراف‌ بما إذا بلغ الإنحراف حد الإستدبار عن القبلة .

و من الأمثلة لهذا النوع، الروايات الواردة في إرث الزوجة فمنها ما تدل علی عدم إرث الزوجة‌ عن العقار و منها ما تدل علی أنها ترث منه كالرجل و منها ما تدل علی أن الزوجة ذات الولد ترث منه .

و هذا النوع أيضا علی صور

الصورة الأولی: و هي عين ما ذكر في المثالين من ما ورد عامان و كانت النسبة بينهما التباين و ورد خاص علی أحد العامين

الصورة الثانية: و هي ما إذا ورد عامان متباينان و خاصان و لم‌يكن بين الخاصين تعارض كما ‌إذا ورد عام «يستحب إكرام العلماء» و عام آخر «يكره إكرام العلماء» و النسبة بينهما التباين ثم ورد خاص «يجب إكرام العلماء الكوفيين» و خاص ثان «يحرم إكرام العماء البصريين» .

الصورة الثانية: و هي الصورة‌ الأولی إلا أن الخاصين أيضا بينهما التعارض و لو بنحو العموم و الخصوص من وجه مثلا ورد عام «يكره إكرام العلماء» و عام آخر «يستحب إكرام العلماء» و ورد عليهما خاصان «يحرم إكرام النحويين» و «يجب إكرام الصرفيين» و النسبة بينهما عموم و خصوص من وجه .

دراسة الصور

أما الصورة الأولی: فقد أنكر الشيخ و الآخوند إنقلاب النسبة فيها قائلين بأن الجمع بينهما إن أمكن بالأخذ بظهورات الأدلة‌ بجعل الأظهر قرينة‌ علی الظاهر فهو المطلوب و إلا فلا وحيث أن ظهور الخاص أقوی من ظهور العام بالنسبة إلی أفراد الخاص فيقدم الخاص و يعتبر قرينة علی إرادة العام المخصص و قد تتحد النتيجة‌ مع القول بالإنقلاب لكن لا بمناط إنقلاب النسبة ‌بل علی أساس الأخذ بالظهورات .

أما القائلين بإنقلاب النسبة فهم لم‌يروا تعارضا بين الأدلة‌ الثلاثة‌ إذ الخاص يخصص أحد العامين فتنقلب النسبة بين العام المخصص و العام الآخر من التباين إلی عموم و خصوص من مطلق فيمكن العمل بجميع الأدلة حينئذ .

تطبيق الإنقلاب علی روايات إرث الزوجة‌ من العقار

أما الطائفة الأولی الدالة علی أن الزوجة لاترث من العقار فإنها تخصص بالخاص الدال علی أن الزوجة ذات الولد ترث و بعد التخصيص تنقلب النسبة بين هذا العام المخصص و العام الثاني من التباين إلی عموم و خصوص مطلق و يكون العام الأول خاصا بالنسبة إلی العام الثاني لكونه أخص منه مطلقا فيقدم عليه و يخصصه فيثمر إنقلاب النسبة؛ إمكان العمل بكل الثلاثة .

و من هذه الصورة ما ورد في حيض المرءة حيث وردت روايات عامة تدل علی أن المرءة تحيض إلی خمسين سنة و وردت روايات عامة أخری علی أن المرءة تحيض إلی ستين سنة و النسبة بينهما التباين حيث لايمكن الجمع بينهما و وردت طائفة ثالثة تدل علی أن المرءة القرشية تحيض إلی ستين سنة‌؛ كرواية إبن أبي عمير فتكون هذه مخصصة للطائفة الأولی الدالة علی أن المرءة تحيض إلی خمسين سنة لكونها أخص منها و تكون النتيجة أن حكم الحيض للدم إلی خمسين سنة يختص بغير القرشية ثم النسبة بين العام المخصص و الطائفة الثانية الدالة علی أن المرءة‌ تحيض إلی ستين سنة؛ هي عموم و خصوص مطلق فيخصصها و يختص حكم العام الثاني بالمرءة‌غير القرشية فيرتفع التعارض بين الطوائف الثلاث .

أما الصورة الثانية: و هي ما إذا ورد عامان متعارضان و خاصان من دون التعارض مثلا قال دليل عام «يحرم إكرام النحاة» و قال عام آخر«يستحب إكرام النحاة» و قال دليل خاص «يجب إكرام النحاة الكوفيين» و خاص آخر «يحرم إكرام النحاة البصريين» فهنا بعد تخصيص العامين بالخاصين تنقلب النسبة بين العامين من التباين إلی عموم و خصوص من وجه إذ يفترق كل من العامين بعد التخصيص عن الآخر بشيء و تبقی بينهما مادة‌ الإجتماع و هي في المقام النحوي البغدادي مثلا (أي غير الكوفي و البصري) فيقع التعارض في مادة الإجتماع بين العامين بالنسبة إليه حيث أن النحوي البغدادي محكوم بحرمة الإكرام بمقتضی العام الأول و بإستحباب الإكرام بمقتضی العام الثاني .

ثم إن كان لأحد العامين المخصصين رجحان علی الآخر سندا أو دلالة أو جهة يقدم علي الآخر فيخرج العام المرجوح عن دائرة الأخذ و إن لم‌يكن رجحان لأحدهما يتخير بينهما أو يتساقطان و يكون المرجع بالنسبة إلی مادة الإجتماع، الأصل العملي؛ علی إختلاف المباني في التعارض .

الصورة‌ الثالثة: و هي ما إذا ورد عامان متباينان و ورد خاصان عليهما و كانت النسبة‌ بين الخاصين عموم و خصوص من وجه فيقع التعارض بين الخاصين في مادة الإجتماع مثلا قال عام «يستحب إكرام الشعراء» و عام آخر «يحرم إكرام الشعراء» و ورد خاص «يجب إكرام الشعراء العدول» و خاص آخر «يكره إكرام الشاعر الفقيه» فإن النسبة بين الشاعر الفقيه و الشاعر العادل هو عموم و خصوص من وجه فهنا بعد تخصيص كل من العامين بخاصه تنقلب النسبة بين العامين من التباين إلی عموم و خصوص من وجه و يقع التعارض بالنسبة‌ إلی مادة الإجتماع و الكلام هنا الكلام في الصورة السابقة .

إلی هنا تم بحث إنقلاب النسبة عند تعارض أكثر من دليلين و الذي تحصل منه هو أن القول بإنقلاب النسبة يوجب حل التعارض بين الأدلة المتعارضة و العمل بها و القول بإنكاره يوجب الرجوع إلی‌ قواعد باب التعارض من الأخذ بالراجح أو التخيير مع فقد الرجحان في أحدها أو التساقط .

فالذي طرح إلی هنا عبارة عن

أولا: الفرق بين التعارض و التزاحم

ثانيا: في مرجحات باب التزاحم

ثالثا: مقتضی ‌التعارض بين الدليلين علی مبنی الطريقية و السببية علی مسلكيها من التساقط أو التزاحم أو التخيير

رابعا: مقتضی التعارض بين أكثر من دليلين من الأخذ بالنص و الأظهر و ترك الظاهر أو التساقط عند فقد الأظهر أو إنقلاب النسبة‌ كما ذهب إليه المحقق النائيني و سيدنا الأستاذ الخوئي (ره) .

و بعد ذلك يقع الكلام في صحة الرجوع إلی المرجحات مع كون الأصل عند تعارض هو التساقط و البحث عن المرجحات و هي علی أقسام:

الأول: المرجحات السندية كأوثقية الراوي وأعدليته .

الثاني: المرجحات الصدورية‌ كعمل المشهور .

الثالث: المرجحات لجهة الصدور التي بها يمكن تميز حكم الله الواقعي عما صدر تقية .

و الحمد لله

 

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo