< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/03/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في الترتيب بين المرجحات

بقيت في المقام أمور

الأمر الأول: إنه بعد قبول القول بالترجيح في الخبرين المتعارضين و لزوم الرجوع إلی المرجحات يقع الكلام في تقديم بعض المرجحات علی ‌بعض في مقام الترجيح و الترتيب بينها .

فنقول إن المحقق النائيني (ره) قدم الترجيح بالمرجحات السندية و الصدورية علی المرجحات الجهتية و قدم الجهتية علی المضمونية قائلا بأن الصدور لو لم‌يحرز لم‌تصل النوبة إلی‌ دراسة جهة الصدور و مرجحاتها فتقدم الشهرة و الأوثقية ‌و الأصدقية و الأعدلية‌ علی‌ سائر المرجحات ككما أن إعتبار مرجح المضمون فرع إعتبار صدورهما لبيان الحكم الواقعي .

أما المحقق البهبهاني (ره) علی‌ ما نسب إليه قدم المرجح الجهتي علی غيرها قائلا بأن التعبد بالصدور إنما ينفع فيما علمنا بصدور الحديث لبيان حكم الله الواقعي أو إحتملنا فلو أحرزنا صدور الحديث تقية‌ لاينفعنا سنده و مضمونه .

توضيح ذلك

إنما يصح التعبد فيما يترتب عليه أثر شرعي فالتعبد بالصدور قبل إحراز الجهة غير وجيه إذ لا‌ أثر للصادر تقية‌ و الخبر الموافق للعامة عند وجود المعارض أما نعلم بعدم صدوره أو صدوره تقية و علی‌ كل تقدير منهما لا يترتب علی التعبد بالصدور أثر شرعا .

أما الأخوند (ره) فإنه قائل بعدم الترتيب بين المرجحات لشدة‌ الإختلاف بين الروايات الدالة علی الترجيح كما و كيفا و الإختلاف كاشف عدم عن لزوم الترجيح و عدم خصوصية بينها في التقدم و التأخر .

أما الأستاذ الخوئي (ره) قائل بأن الأخذ بالمرجحات أمر تعبدي و خلاف للأصل و لم‌يقبل سوی المرجحين و هما موافقة الكتاب و مخالفة‌ العامة و رفض سائر المرجحات و ناقش فيها سندا و دلالة‌ .

دراسة الأقوال

أما ما قاله الوحيد البهبهاني (ره) من أن الخبر الموافق للعامة إما لم‌يصدر و إما صدر تقية ففيه أن المراجعة إلی الفقة تشهد بكثرة الإتفاق بين الشيعة و السنة فلايمكن القطع بهذا الحصر كما نراه كثيرا ما في مباحث الزكات عند دراستنا في فروعها .

أما ما قاله الأخوند (ره) من عدم لزوم الترجيح و الرجوع إلی‌ أخبار التخيير و علی‌ فرض الأخذ بأخبار الترجيح فالظاهر عدم الترتيب بين المرجحات فتری تقديم المخالف للعامة علی الموافقة مع الكتاب في بعض و عكسه في بعض آخر و هكذا ...

و أجاب عنه الأستاذ بأن المعتبر من أحاديث الترجيح قدم الترجيح بموافقة الكتاب علی مخالفة العامة فهو المتبع علی القول بالتعبد في المرجحات .

أقول: لا يخفی قرب ما أفاده الآخوند لمن نظر إلی‌جميع روايات الباب فيبدوا أنه أقرب إلی الحق .

الأمر الثاني: الرجوع إلی المرجحات في مادة إجتماع المتعارضين

إذا وقع التعارض بين الخبرين الذين كانت النسبة بينهما عموم وخصوص من وجه في مادة إجتماعهما كما إذا قال أحد الدليلن «أكرم كل عالم» و الآخر «لا تكرم الفساق» فإنهما يتعارضان في مادة الإجتماع أی العالم الفاسق فهل يمكن الرجوع إلی ‌المرجحات الصدورية فيها أو يجب الرجوع فقط بالمرجحات الجهتية و المضمونية فقط .

فقال المحقق النائيني (ره) لايمكن لأنه يلزم منه القول بصدور جزء من لفظ الرواية دون بعضه الآخر فلو رجعنا إلی‌ المرجح الصدوري في مادة الإجتماع و رجحنا دليل «أكرم العلماء» مثلا فيكون هذا العام محكوما بالصدور في العالم العادل و الفاسق أما بالنسبة‌ إلی «لا تكرم الفساق» فلابد إما القول بعدم صدوره و عدم حجيته من رأسه مع أنه لا موجب لطرحه لكونه حجة في نفسه و إما القول بعدم حجية في بعضه و هو العالم الفاسق و حجيته في البعض الآخر و هو الجاهل الفاسق و هذا هو التبعيض في القول بالصدور الذي لا يمكن الإلتزام به .

قال الأستاذ (ره) بأن التبعيض في مدلول واحد و‌إن لم‌يصح من حيث الصدق و الكذب إلا أنه يصح بالنسبة‌ إلی‌ الحجية و عدمها إذ كثيرا ما نواجهه عند دراسة‌ الأحاديث عند التعارض .

بيان ذلك متوقف علی ذكر مقدميتن

الأولی‌: يتصور المدلول الواحد علی‌ ثلاثة أنحاء إذ العموم و الشمول فيه إما مستفاد من الإطلاق و إما من الوضع و إما من الوضع في أحدهما و من الإطلاق في الآخر ففي المثال المذكور أن العموم و الشمول إما مستفاد من الجمع المحلی‌ باللام في كليهما بنظر العرف عند الإطلاق و إما مستفاد من الوضع في كليهما و إما مستفاد من الأول في أحدهما و من الثاني في الآخر .

الثانية: إن المحمول في القضايا قد يتعدد بتعدد الأفراد و قد لا يتعدد فإذا قال المولی «أكرم كل عالم» أو قال «أكرم العلماء» فإن العلماء و إن كان له مدلول واحد و هو جميع العلماء إلا أن الحكم يتعدد بتعدد أفراد العالم بحيث لو كان عددهم مأة‌ يجب مأة إكرام .

أما بالنسبة إلی‌ بعض القضايا فلايتعدد الحكم؛ مثلا لو قال أحد «عندي دينار» و الآخر قال «عندي عشرة دنانير» و الثالث قال «عندي مأة دينار» و كل كذب في قوله فهنا لايكذب كل منهم أكثر من مرة إذ النسبة المخالفة للواقع ليس إلا واحدا و هو الكذب .

ففي ما نحن فيه إن كان العامين من قبيل مدلول واحد و لم‌يتطرق فيهما التعدد ففي مادة الإجتماع يصح كلام المحقق النائيني أما إذا دل علی العموم بالوضع و تعدد الحكم بتعدد‌ أفراده عرفا فلا مانع في التبعيض في مادة الإجتماع بالنسبة إلی العالم الفاسق و نرجع إلی المرجح الصدوري بالنسبة إليها فكل ما كان فيه هذا المرجح فنأخذ به و ليس إثر شرعي .

أما إذا كانت دلالتهما علی العموم بالإطلاق فتسقط المتعارضين إذ الإطلاق مستفاد من مقدمات الحكمة التي من جملتها عدم البيان و كل من العامين صالح للمنع عن شمول الإطلاق في الآخر .

أما إذا كانت دلالة أحدهما علی‌الشمول بالإطلاق و الآخر بالوضع فيقدم هنا العام علی المطلق في مادة الإجتماع من دون حاجة إلی إعمال المرجح الصدوري .

وهناك مطالب أخر لامجال لذكرها و بقي الكلام في الإجتهاد و التقليد فمن الله نسأل التوفيق لدراسة أبحاثه و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و صلی الله علی محمد و آله الطاهرين .

 

 

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo