< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/06/26

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: في حل الإختلاف بين الأصولي و الأخباري في معني الإجتهاد

قد مر الكلام في لزوم تحصيل الأمن من العقاب بالإجتهاد أو التقليد أو الإحتياط لفراغ الذمة من التكاليف الإلهية و إنتهی الكلام إلی الإجتهاد و معناه اللغوي و الإصطلاحي و المراد من الإجتهاد ما ينتهي إلی العلم بالأحكام و العمل بها بعده إلا أن العلم الوجداني قلما يتفق بالنسبة إلي الأحكام فلابد من التوسل إلي ماسوي العلم إذ باب العلم بمجموع الأحكام منسدا قطعا .

و أعلم أن تعريف الإجتهاد عند العامة هو بذل الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي و هكذا ورد في تعابير بعض علماء الشيعة منهم العلامة و هذا التعبير صار سبب إعتراض الأخباريين من الشيعة علی الأصوليين بأن الأجتهاد بهذا المعنی مما نهي عنه الأئمة (عليهم السلام) في كثير من الروايات التي تبلغ حد التواتر فمجرد بذل الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي و لو من طريق القياس أو الإستحسان أو الرأي أو سد الذرايع و أمثالها لايكون إجتهادا ممضاة‌ من الشارع بل هي مما قال بإعتبارها العامة فرارا من قلة مستمسكات الإستنباط و مصادر التشريع عندهم ‌و لزوم الإجابة عن مستحدثات المسائل و ما يحتاج إليه المسلون يوميا و كان هذا الإنحراف بعد ما أغلقوا باب علم النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و الأئمة علی ‌أنفسهم و ذلك بمنع الخلفاء عن تدوين الحديث حتي أمر أبوبكر بإحراق ما جمع من أحاديثه (صلي الله عليه و آله و سلم) إلی أن وصل الدور إلی عمر بن عبد العزيز فأمر بجمع أحاديث النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و غيره .

ولكن الحق أنه لايكون مراد العلامة من تحصيل الظن بالحكم هو مطلق الظن الحاصل من أي طريق و لو من القياس الباطل و الرأي المردود و نظائرهما كما قاله العامة إذ كيف يمكن إنتساب ذلك إليه بعد ما نعلم من أن الآيات الناهية عن إتباع الظن كقوله تعالی «إن الظن لايغني من الحق شيئا» و الرويات الناهية الكثيرة عن العمل بالقياس و الرأي مما يوجب الظن بالحكم كان بمرءی منه و منظر؛ فلابد من تأويل كلامه إلی أن مراده (ره) من الظن هي الظنون المعتبرة لدي الشرع التي تكون حجة قطعا عند الله تعالی كحجية الظهورات و خبر الثقات و ذلك لأجل قيام السيرة العقلائية المستمرة الممضاة شرعا و الروايات الأمرة بالأخذ بروايات الثقات كقوله (عليه السلام) «لا يجوز التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا» لا مطلق الظن و لكن بما أن هذه الطرق الشرعية أيضا لاتفيد اليقين بالحكم عبر عنها العلامة بالظن و من هنا قال «ظنية الطريق لا ينافي قطعية الحكم» و هذا ما قد يعبر عنه بالظن الخاص فيكون المراد من الظن هو ما قام علي حجيتها دليل شرعي فلايقصد العلامة من تحصيل الظن ما أراده العامة كي يرد عليه ما أورده الأخباريون .

فالذي تحصل مما ذكرنا هو أن معني الإجتهاد بذل الوسع لتحصيل الحجة القطعية الإعتبار الموجب لتحصيل الظن الخاص نوعا علی‌ الحكم و لايكفي تعريف الإجتهاد بملكة يقتدر بها علی‌ إستنباط الحكم الشرعي ما لم‌يصل الإجتهاد إلي حد الفعلية إذ من الممكن بلوغ الرجل إلي قوة إستخراج الأحكام من مصادرها و ترك الإستنباط فهنا لايحصل الحجة و لا المؤمن من العقاب فالتعبير عن الإجتهاد بأنه ملكة يقتدر بها علي إستنباط الحكم الشرعي عند قولهم بوجوب تحصيل أحد الطرق الثلاثة تسامحي إذ مجرد ذلك لايوجب الإطمينان بفراغ الذمة من التكاليف بل يحتاج ذلك إلی العلم بالحكم ثم العمل علی وفقه .

نعم إن من الملكات ما يستدعي دوام العمل و إلتزامه ضرورة ‌عدم تحققها إلا بالإلتزام العملي بتلك الأعمال كملكة السخاوة و الشجاعة من الأمور الإكتسابية الغير الذاتية فمن تكلف نفسه في الحروب و المهاويل ستكسب هذه الملكات خلافا لملكة الإجتهاد حيث أنه لا حاجة في تحصيلها إلي الإستنباط بل لو تعلم ما له دخل في القدرة علی الإستنباط من تعليم العلوم العربية من الصرف و النحو و اللغة و المعاني و البيان و المنطق بنحو الإجمال و مارس علم الأصول سوف يقدر علی إستخراج الفروع الفقهية و إن لم يستخرج فرعا واحد فبين المقامين فرق واضح.

أما المراد من الإجتهاد المؤمن من العقاب هو ما ينجر إلی الإستنباط أيضا إذ لا فائدة لمجرد تحصيل الملكة .

ثم إن مصادر الإستنباط عند الشيعة هو القرآن و السنة و الإجماع الراجع إلي السنة و العقل علی كلام فيه عند الأخباريين مضافا إلی قلة ما يستنبط من العقل .

فالذي تحصل إلی‌ هنا عدم الفصل بين الأخباري و الأصولي في ذلك و وحدة نظرهم فيه إذ منابع الإستنباط عند عمدة الأخباريين كالمحدث الأسترآبادي و صاحب الحدائق هو عين ما عند الأصوليين و هكذا بالنسبة إلی مسألة التقليد الذي عبارة عن رجوع الجاهل إلی العالم و لا إختلاف بينهما إلا بالنسبة إلي بعض الأمور كحجية جميع أحكام العقل أو بعضه مع قلة مدخليته في عملية الإستنباط و لا يختص هذا الخلاف بما بين الأصولي و الأخباري بل تري مثل ذلك بين أئمة الأخباريين .

و هكذا بالنسبة إلی‌ الأصول العملية كالإستصحاب الذي قال المحقق الأسترآبادي بإختصاصه في عدم النسخ بينما صنف فيه الفيض الكاشاني «الأصول الأصيلة» ذابا عن الأستصحاب كما تعتبر عند الأصوليين تلك الأصول .

و الحمد لله تعالی

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo