< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/09/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: الكلام في إستصحاب جواز التقليد الإبتدائي عن الميت

من الأدلة التي أستدل بها علي جواز التقليد الإبتدائي عن المجتهد الميت هو التمسك بإستصحاب بقاء حجية فتوي المجتهد الميت بالنسبة إلي المعدومين في زمانهم الموجوين حاليا مستدلا بأن الإستصحاب فيه كالإستصحاب في بقاء الأحكام الكلية كإستصحاب بقاء حرمة وطي الحائض بعد إنقطاع الدم و قبل الغسل أو إستصحاب بقاء وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة .

و قد أورد عليه خمسة إشكالات

الإشكال الأول: أن حجية فتاوا الشيخ الأعظم و غيره من الأعاظم - مثلا - إنما كانت بالنسبة‌ إلي الموجودين في زمانهم فلا تشمل غيرهم من المعدومين أنذاك .

و فيه: إذا كانت القضية علی نهج القضايا الخارجية فلا حاجة إلي إستصحاب بل لا يجري الإستصحاب مع تبدل الموضوع و لكن القضية الحقيقية يتحقق الحكم فيه بتحقق موضوعه في كل زمان .

بيان ذلك

قد يقال مثلا «‌كل من في العسكر قد قتل» أو « أكرم هؤالاء الجالسين في هذا المجلس» فهنا يحمل الحكم علي الأفراد الخارجية فلا يثبت لغيرهم من الأفراد أما القضايا الحقيقية فلا يشترط جريان الحكم فيها بتحقق الموضوعات الخارجية بل يجري الحكم كلما فرض تحقق الموضوع مثلا عندما يقال بأن النار حارة لايكون المراد هو أن حرارة كل نار موجودة في زمن صدور الحكم بل المراد أنه کلی وجد فی الخارج نار فهو حار و کذلک القضایا الشرعیة و القانونية فإنها أحكام علي الموضوعات المقدر وجودها فلا يختص بالموجودين بل تعم المعدومين المفروض وجودهم و كذلك بالنسبة إلي قوله تعالي «المستطيع يجب عليه الحج» أو «لاتقربوهن» و هذا هو دأب جعل القوانين في المجتمعات البشرية كلها و كذلك بالنسبة إلي قوله «فارجعوا فيها إلي رواة أحاديثنا» فإن جواز الرجوع إلي المجتهدين و الرواة ليس مختصا بزمن صدور الرواية بل يعم المعدومين آنذاك الموجودين الآن و عليه لا حاجة مع الدليل الإجتهادي إلی الأصل و هو الاستصحاب .

الإشکال الثانی : و هو الذی أورد علیه صاحب الکفایة من أن رأي المجتهد قائم بحياة المجتهد خلافا لنقل الرواة حيث لا تكون مقومة بحياة الراوي فعليه لا يكون الرأي بعد الممات باق علي حجيته و هكذا بالنسبة إلي العدالة و العقل حيث تنقطع الحجية عن الرأي بعد زوالهما فلا يمكن إستصحاب بقاء حجية قول المجتهد بعد مماته .

و فيه: أن الحياة تكون مما يتقوم أصل وجود الرأي بها و لا يكون بقائه أيضا متقوما به إذ يمكن أن يكون الشيء علة للحدوث و البقاء كالملاقات مع النجاسة التي تكون موجبا لحدوث النجاسة للماء القليل و موجبا لبقائها ثم لو شك في بقاء نجاسته يجري إستصحاب بقاء النجاسة و هكذا إذا قال لا يجوز الإقتداء بالمحدود يكون الحد موجبا لعدم جواز الإقتداء حدوثا و بقاءا فلا يجوز الإقتداء بمن حد قبل سنة و ففي ما نحن فيه يكون الحياة دخيلا في وجود حجية رأي صاحب الرأي و لكن بعد الممات يبقي حجية الرأي و الفتوي فالحياة لا يكون دخيلا في بقاء حجية الفتوي و الرأی .

أما بالنسبه إلي الجنون و الفسق فقد ورد فيهما النص الخاص فيكون خروج الفاسق و المجنون عن دائرة المجتهد الفقيه تعبديا لا خروجا موضوعيا .

أما الإشكال الثالث: جريان إستصحاب حجية فتوي المیت المخالف لفتوی الفقيه المنظور إستصحابه إذا لا موجب لتخصیص دلیل الإستصحاب بفتوی مجتهد خاص و حینئذ يوجب التعارض بينهما فيتساقطان لئلا يلزم من جريانهما التعبد بالمتناقضين أو ترجيح أحدهما من دون المرجح فإستصحاب فتوي صاحب المدارك يناقض إستصحاب فتوي الشيخ الأنصاري .

الإشكال الرابع: لا يجري الإستصحاب في الأحكام الكلية كالحجية علي مبني النراقي و سيدنا الأستاذ الخوئي لتعارضه مع إستصحاب عدم الجعل و تساقطهما و المشهور قائل بجريانه في الأحكام الكلية .

الإشكال الخامس: و هو المهم في المقام و هو الاستصحاب من ناحية الشك في سعة و ضيق دائرة الحجية

بيان ذلك

نعلم بأن الشارع جعل الحجية لقول أهل الخبرة و المتفقه و الرواة و غيرهم بالنسبة إلي الجاهلين بلاريب ولكن لا نعلم بأن هذه الحجية دائرتها ضيقة أم موسعة بحيث تشمل بعد زمان وفات المجتهد أيضا و هذا لادخل له بإستصحاب الحكم المجعول .

توضیح الإیراد

إنا نعلم علم الیقین – مثلا – بجعل الحجیة لقول الفقيه الجامع للشرائط بالنسبة إلي غير العلماء و غير المجتهدين و لكنا تارة نشك في الحجية الفعلية و أخري في الحجية الإنشائية و معني ذلك أنا تارة نشك أن حجية الفعلية لفتاوي الشيخ الأنصاري بالنسبة إلي الموجودين في زمانه؛ موجودة للموجودين في زماننا أيضا أم لا .

و أخري نشك في أن دائرة الحجية الإنشائية هل يتسع المعدومين آنذاك الموجودين في زماننا أم لا .

فإن كان المراد هو الحجية الفعلية فبما أن فعلية الحكم متوقف علی‌ فعلية موضوعه فلا يكون فتاوي الشيخ بالنسبة إلي معدومين في زمانه حجة إذ لم يكن للمعدوم آنذاك فعلية لكي تتحقق له الحجية الفعلية أي أن حجية قول العالم عند رجوع الجاهل فرع وجود العامي فلا يمكن إستصحاب الحجية الفعلية بالنسبة إلي المعدومين في عصره .

و إن كان المراد هو الحجية الإنشائية و التعليقية فإنه و إن كان أصلها محرزا ولكن يشك في سعة ‌دائرته بالنسبة إلي المعدومين من الأول فلا يقين لثبوته لبعد ممات المجتهد فلا يمكن إستصحابه لعدم تمامية ركن الاستصحاب و ذكرنا أن حال بقاء هذا الحكم في دائرة الزمان حال إستصحاب عدم نسخ الأحكام الإنشائية بالنسبة إلي الأزمنة المتأخرة بعد العلم بأن النسخ هو إنتهاء أمد الحكم لا رفع الحكم المنشأ الموجود و قد تقدم البحث في ذلك سابقا و أشرنا إلیه فی الأمس .

و الحمد لله

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo