< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/09/29

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: التمسک بالإستصحاب لجواز التقلید عن المجتهد المیت

قلنا من جملة الأدلة التي أستدل بها علي جواز التقليد الإبتدائي عن المجتهد الميت؛ إستصحاب حجية فتوي المجتهد في زمن حياته .

و قد ذکرنا أن المقصود منها إن كان الحجية الفعلية لمعدومي زمانه فهو غير فعلي بالنسبة إليهم إذ فعلية كل حكم منوط بفعلية موضوعه

و إن كان المقصود، الحجية الإنشائية و ثبوت الحجية بالنسبة إلي جميع الناس من الموجودين و اللاحقين في الأعصار القادمة، فهو أول الكلام إذ المفروض، عدم العلم بکون الحجیة مطلقة بحيث تشمل السابقين و اللاحقين .

و إن كان المراد من الحجية هو الحجیة بنحو المطلق فلا نحتاج إلي الإستصحاب إذ الدلیل المتکفل لإثبات حجیة قول المفتي و الفقيه يشمل بإطلاقه جميع الأزمنة و لو لم یکن للدلیل إطلاق بل یثبت الحجیة بنحو الجزئیة فلايمكن الإستصحاب إذ لانعلم بأن حجية فتوي صاحب الجواهر مثلا هل تتسع جميع الأزمنة لكي تشمل الموجودين في زماننا المعدومين آنذاك أم لا .

هذا نظير ما مضي في الإشكال علي إستصحاب عدم النسخ الذي إدعي المحدث الإسترآبادي الإجماع عليه؛ من أن معني النسخ إنتهاء أمد الحكم لا رفع الحكم فلا يجري هذا الإستصحاب إذ الحكم لايُنسخ إلا إذا إنتهي أمده فبعد الأمد ينتفي الحكم بنفسه فليس له قابلية البقاء لكي يشك في بقائه فيستصحب؛ و مثله مثل إنتهاء الغاية في الحكم المغیی بغایة «سافر إلي نيشابور» فليس بعد الوصول إلي النيشابور حكم؛ فما إشتهر في لسان العلماء من إستصحاب عدم النسخ غلط و السبب للحكم ببقاء الحكم عند الشك إما إطلاقات ما بصدد البيان من الأدلة و إما قوله (عليه السلام) «حلال محمد حلال إلي يوم القيامة و حرامه حرام إلي يوم القيامة» الذي يدل علي بقاء أحكام رسو ل الله (صلي الله عليه و آله و سلم) . هذا ما أفاده الأستاذ رحمه الله .

و الإنصاف أن معنی قوله (علیه السلام) «لا تنقض الیقین بالشک أبدا» هو عدم جواز نقض المتیقن السابق إلا بأمر متیقن حادث سواء کان منشأ الشک هو الشک فی المقتضی أو الشک فی الرافع فیمکن القول بأنه ثبت أصل الحجیة في زمن المجتهد و لم نستيقن بالفعل برفعه فيجري علي القاعدة الإستصحاب فالذي يحتاج إلي الدليل هو رفع الحجية و تضييق دائرتها .

ثم إنه لو تم الإستصحاب يشكل جريانه من ناحية التعارض مع فتوي الفقيه الآخر .

إلي هنا ذكرنا أدلة القائلين بجواز التقليد الإبتدائي عن المجتهد الميت . أما أدلة المانعين

الدليل الأول: دعوي الشيخ الأنصاري الإجماع علي عدم جواز التقليد عن المجتهد الميت بل المدعي جمع من الأساطين .

إن قلت: كيف يمكن الإعتماء علي مثل هذا الإجماع الذي خالفه جمع غفير من أعاظم الشيعة من الأخباريين و المحقق القمي من الأصوليين .

قلنا: لا بأس بمخالفة المعلومين في الإجماعات إلا علی القول بإعتبار الحدس القطعی بدخول الإمام أو رضاه بالمجمع علیه إذ لا یحصل حینئذ العلم بقول الإمام علیه السلام. مضافا إلي أن مخالفة المحقق القمي مبني علي إعتبار الظن بدعوي إنسداد باب العلم و العلمي و هو مخدوش و مخالفة الأخباري مبني علي القول بلزوم الرجوع إلي الرواة و عدم إشتراط الحياة في الأخذ بقولهم و قد مر ما فيه .

و فيه أنه لا أثر لهذا الإجماع في كلمات القدماء حيث لم يذكر هذه المسألة في كتبهم و كأن المتعارف هو التساؤل من العلماء و الجواب عنهم في مجموعات كمسائل الناصريات و مسائل الموصليات و غيرها من الكتب و الرسائل فليس في المقام إجماع محصل كاشف عن قول المعصوم .

هذا مضافا إلي أنه لا يبعد القول بأن منشأ القول بعدم جواز التقليد هو أدلة أخري في المقام كدوران الأمر بين التعيين و التخيير .

و تقريبه: التقليد عن الحي إما جائز بنحو التعيين و إما بنحو التخيير بينه و بين التقليد عن الميت و لم يقل أحد بلزوم التقليد عن الميت فقط؛ فيتردد الأمر بين التخيير و التعيين فيتعين التقليد عن الحي .

الدليل الثاني: ظهور أدلة لزوم الرجوع إلي أهل الذكر و التفقه في الأحياء كقوله تعالي «فاسئلوا أهل الذكر» «فلو لا نفر من كل طائفة ... ليتفقهوا في الدين » و من المعلوم أن الميت ليس من أهل الذكر و أن إنذار المتفقه فرع حياته .

و الأحسن من تلك الأدلة إرجاعات الأئمة إلی ثقات كزرارة و محمد بن مسلم و يونس بن عبد الرحمن .

و فيه أن دلالة تلك الأدلة علي لزوم الرجوع إلي الأحياء بنحو اللقب لا دلالة ‌الجمل الشرطية أو الوضعية فلا ينفي جواز التقليد عن الميت فإنه و إن أمكن ثبوتا ولكنه لا دليل عليه في مقام الإثبات و الأصل عدم الحجية .

اللهم إلا أن يقال بلزوم الرجوع إلي الأعلم من بين الأموات و الأحياء و لم يقل به أحد. إلي هنا ثبت عدم الدليل الكافي علي جواز الرجوع إلي المجتهد الميت بعنوان التقليد إبتداءا .

و الحمد لله تعالي

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo