< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/11/02

بسم الله الرحمن الرحیم

وضوع البحث: فيما يتوهم رادعيته من السيرة

لاإشكال في جريان السيرة العقلائية في الرجوع إلي العالم و ذات الفن و الصناعة و إن وجد أجمع منه في العلوم و الفنون و الصناعات و عليه لاإشكال في الرجوع إلي المجتهد المتجزي فيما إستنبط مع وجود المجتهد المطلق .

و قلنا أنه قد إستدل بعض علی عدم جواز التقلید من المجتهد المتجزی بما يتوهم أنه رادع عن هذه السيرة فلابد من دراسته .

الرادع الأول: آية الذكر و السؤال «فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون» تقريب الإستدلال برادعية الآية عن السيرة

المراد من «الذكر» هنا العلم و من «أهل الذكر» أهل العلم و لايطلق الأهلية إلا علي من يمارس العلوم و يدارسها و يشتغل بالتعليم و التعلم كما لايطلق «أهل القرآن» إلا علي من يستمر التلاوة و القرائة و يمارس علومه فعليه أن المراد من «أهل الذكر» هو المجتهد المطلق الذي إستنبط الأبواب الفقهية و إستخرج فروعها فلايطلق علي المجتهد المتجزي .

و الذي يشهد لذلك تطبيق «أهل الذكر» في الروايات علي الأئمة المعصومين (عليهم السلام) أو علماء اليهود و النصاري الذين يعرفون النبي الأكرم (صلي الله عليه و آله ‌و سلم) بميزاته و مواصفاته من ممارستهم و دراساتهم فی الكتب السماوية .

و قد قيل في الجواب أن سبب الإرجاع إلي أهل الذكر بقرينة سياق الآية «... فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون. بالبينات و الزبر و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم و لعلهم يتفكرون[1] » هو السؤال لأجل تحصيل الیقین بصدق دعوي نبوة النبي الأكرم (صلي الله عليه و آله و سلم) و معرفته لا العمل التعبدي فلا دخل له بما نحن فیه الذی یرجع المکلف إلی المجتهد للتعبد بقوله فی مقام العمل .

و أورد علیه بأن تفسیر «أهل الذكر» بأهل بيت النبوة (عليهم السلام) في روايات بلغت حد التواتر يشهد بأن المقصود من الرجوع إليهم هو التعبد في مقام العمل فلا يرد النقض .

و الحديث عالي السند .

و قيل في الجواب عنه بأن المقصود من رجوع الأصحاب إلي أهل بيت النبي (عليهم السلام) هو تحصيل العلم الواقعي بأحكام الله و التعبد بالعمل لأجل حصول علم السائلین بالواقع فلاتعم الآية من لم‌يحصل من الرجوع إليه العلم بالواقع و إن لم یکن متجزیا فالآیة أجنبية‌ عن المقام .

الرادع الثاني: آية النفر

تقريب الرادعية‌: إن الآية خصت الحذر بقول من نفر لتحصيل الفقة و صرف عمره في أيام النفر في التفقه في الدين بينما أن المجتهد المتجزي غني عن النفر إذ قد يحصل التجزي في بعض المسائل الدينية لمن درس الفقه و لو في وطنه و في مدة‌ قصيرة‌ لكونه عارفا بأسلوب الإستنباط فلاتعمه الآية فلايكون الحذر منه قوله واجبا .

قال الأستاذ الخوئی في الجواب بأن الآية لو سلم دلالتها علي الحذر عقيب إنذار الفقيه المطلق لكنها لاتدل علي إختصاص الحذر من قول المجتهد المطلق إلا علي القول بمفهوم اللقب و كذلك الروايات الراجعة إلي أكابر الأصحاب كزرارة و محمد بن مسلم .

مضافا إلي أن النسبة بين المتفقه و المجتهد المطلق، عموم و خصوص من وجه إذ بالإمكان تحصيل الفقاهة و الإجتهاد المطلق من دون الإستنباط في جميع الأبواب لعدم فعلية القوة المستنبطة .

الرادع الثالث: قیل بأن المراد من بعض الروایات کصحیحة عمر بن حنظلة هو لزوم الرجوع إلي المجتهد المطلق و إليك نصه مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيَى عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَنْظَلَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ‌ فِي رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِنَا بَيْنَهُمَا مُنَازَعَةٌ فِي دَيْنٍ أَوْ مِيرَاثٍ قَالَ يَنْظُرَانِ إِلَى مَنْ كَانَ مِنْكُمْ قَدْ رَوَى حَدِيثَنَا وَ نَظَرَ فِي‌ حَلَالِنَا وَ حَرَامِنَا وَ عَرَفَ أَحْكَامَنَا (وسائل ابواب صفات القاضي باب 9)

و وجه الإستدلال هو أن المراد ممن نظر في حلالنا و حرامنا و عرف أحكامنا هو المجتهد المطلق و لايضره ورود الرواية في مورد القضاء فإن مقام الإفتاء العام أهم من مقام القضاء .

لايقال: إن الرواية أبي خديجة تشهد بكفاية الرجوع إلي المتجزي لقوله (عليه السلام) فيها: عرف شيئا من قضايانا» فإن المتجزي عرف مقدارا من أحكامهم .

فإنه يقال: أن المراد ممن عرف شيئا من أحكامنا هو العالم بكثير من علومهم لكونهم عيبة علم الله و لايطلق ذلك علي المجتهد المتجزي الذي يعلم بعض الأحكام القليل إذ نسبة الشيء إلي علومهم الغير المتناهية يقتضي معرفة مقدار كثير من أحكامهم .

الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِي خَدِيجَةَ قَالَ قَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام ‌ إِيَّاكُمْ أَنْ يُحَاكِمَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِلَى أَهْلِ الْجَوْرِ وَ لَكِنِ انْظُرُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ يَعْلَمُ شَيْئاً مِنْ‌ قَضَائِنَا فَاجْعَلُوهُ بَيْنَكُمْ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُهُ قَاضِياً فَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ.

و الحمد لله

 


[1] - سورة‌ مباركة النحل 43 و 44.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo