< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/12/22

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: الکلام فی منصب القضاء للفقیه

من الوظائف التی قام بها القضاة مدی تاریخ الإسلام من قبل الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله) ثم الخلفاء و مولانا أمیر المؤمنین (علیه السلام) إلی أزمنة حکام الجور و السلاطین، نصب القیم علی أموال الیتامی و الصغار و الغیب، و نصب المتولی للموقوفات و الحکم بثبوت الهلال أول أشهر رمضان و شوال و غیرها. و تولی هذه الأمور مما ذهب جمع من الفقهاء‌ بثبوتها للفقیه الجامع للشرائط من باب الولایة کالإمام الخمینی (ره) ولکن الإستاذ الخوئی ناقش فی المستندات الروائیة لهذه النظریة من حیث السند و الدلالة فلم‌یرها وافیة بغرض إثبات الولایة للفقیه قائلا بأن غایة ما یستفاد من تلک الأدلة هو ثبوت جواز تصرف الفقیه فی تلک الأمور و هذا أخص من مدعی الولایة للفقیه .

و قال بعض بان ثبوت مقام القضاء للفقیه ملازم لثبوت الولایة له إذ منع الائمة (علیهم السلام) «من تحاکم الیهم کمن تحاکم الی الجبت و الطاغوت» عن الرجوع إلی قضاة الجور الذین کانوا یتولون جمیع تلک الأمور و أمرهم بالرجوع إلی فقهاء الشیعة «فإنی قد جعلته علیکم حاکما» مستلزم للحکم بوجود الولاية للفقهاء فی تلک الأمور إذ لما نصب الإمام الفقیه للقضاوة یکون معنی ذلک تفویض أمر القضاة إلیه و بما أنهم یتصدون لجمیع ما ذکرنا من الأمور فلابد للفقیه أن یتصدیها من دون نقصان و إلا تبقی تلک الأمور بدون المتولی و هو تضییع و لا یرضی قطعا بها الشارع .

و التی یشهد بصحة صحیحة إسماعیل بن بزیع (وسائل الشیعة ابواب عقد البیع و شروطه ح 2) «مات منا رجل من أصحابنا و لم‌یوص فرفع أمره إلی قاضی الکوفة فصیر عبد الحمید القیم بماله و کان الرجل خلف ورثة صغار و متاعا و جواری فباع عبد الحمید المتاع ...ضعف قلبه عن بیعهن لأنهن الفروج ... فذکرت ذلک لأبی جعفر (الجواد) علیه السلام و قلت له الرجل یموت من أصحابنا لایوصی إلی أحد و خلف جواری فیقیم القاضی رجلا منا فیبیعهن أو قال یقوم بذلک منا فیضعف قلبه لأنهن فروج؟ قال إذا کان القیم به مثلک و مثل عبد الحمید فلابأس .

و المستفاد من هذه الروایة هو أن القاضی المنصوب من قبل الإمام، له أن یتصرف حسب ما یراه من المصالح فی أموال الیتامی و جواریهم و له تصدی مثل هذه الأمور الحسبیة .

مناقشة الأستاذ الخوئی

إن ولایة القضاة العامة علی غیر أمر القضاوة لم‌تکن بالملازمة قطعا بل کان بنصب آخر و ذلک لما یرونه من ثبوت الخلافة و الولایة المطلقة لسلطان الزمان فإذا نصب القاضی للقضاوة فی بلد، أعطاه منصب الولایة لغیر القضاة و قد لم‌یعطه ذلک کما یشهد به مراجعة التاریخ فی الأیام السالفة حیث أنه قد یکون قاضی العامة فی بلد غیر الوالی له فی سایر الأمور و لو ثبتت الملازمة المطلقة فهو إنما کانت ملازمة إتفاقية لاتلازما حقیقیا و إلا فمن الواضح أن کل من المنصبین یحتاج إلی إذن مخصوص و حیث أن القدر المتیقن منه بالنسبة إلی قضاتنا خصوص الإذن علی القضاوة فلایمکن التعدی منه إلی غیره بمجرد ثبوت ذلک فی عمل العامة. و المقابلة فی الروایات المتقدمة إنما هی فی خصوص القضاء و الحکومة حیث منعوا من الرجوع إلی قضاة العامة فی فصل الخصومات و أمروا بالرجوع إلی من نصبه الإمام .

دلیل آخر لولایة الفقیه

إنه لولا الولایة یلزم تعطیل حقوق الأیتام و إضمحلال الأوقاف و نحو ذلک مما یقطع بعدم رضا الشارع بها فإن الصبیة الیتیمة التی خیفت علیها من الفساد لایرضی الشارع ببقائها کذلک حتی تقع فی المهالک. و کذلک مالها الذی مورد لخطر السرقة و التلف أو آفة أرضیة أو سماویة و کذلک أموال الموقوفات علی الأمور الخیریة إذا کانت عرضة للتلف أو الخطر، لایرضی الشارع بذلک قطعا و من الواضح ثبوت الولایة لأحد علی التصرف فی الأموال أو تزویج الیتیمة حفظا لها و دفعا للتلف أو الوقوع فی المهلکة و القدر المتیقن منها ثبوتها للفقیه و حیث إنه قد لایتمکن من المباشرة جاز له نصب غیره مقامه .

مناقشة‌ الأستاذ

إن غایة ما ذکر هو جواز تصرف الفقیه فی الأموال أو تزویجه للیتیمة حفظا من التلف و المهلکة و أما ثبوت الولایة له علی ذلک کولایة المعصومین علیهم السلام فلا. و لذلک لو لم‌یکن فی بلد فقیه و لا‌یمکن الوصول إلیه فی بلد آخر، یجوز المباشرة فیه لعدول المؤمنین و من المقطوع عدم ثبوت الولایة لهم .

و بالجملة لما قطع بعدم رضا الشارع بالتعطیل المذکور یثبت به جواز التصرف بما یرفع به الخطر و تقتضیه المصلحة و القدر المتیقن ممن یجوز له ذلک هو الفقیه الجامع للشرائط و ذلک إما بالمباشرة لنفسه أو بنظارته أو إذنه أو توکیله .

و الفرق بین الولایة و الجواز الحکمی هو أن المنصوب من قبل الفقیه الجامع للشرائط علی القول بالجواز کالمنصوب من قبل الإمام المعصوم فلایزول قیمومته بوفات المجتهد بخلاف الحکم بجواز تصرف الفقیه فی أمثال هذه الأمور فإن المنصوب من قبل الفقیه حینئذ بمنزلة المأذون و الوکیل عن قبله و ذاک یزول بوفات المجتهد کزوال الوکالة بموت الموکل .

أقول: الإنصاف أن جواز تصرف الفقیه فی أمثال هذه الأمور من الأمور التی لایرضی الشارع بتکها و تقدم الفقیه علی غیره مساوق لولایته و إن لم‌یکن بمنزلة ولایة النبی و الأئمة علیهم السلام حیث أنهم أولی بالمؤمنین من أنفسهم و من ذلک إداره المجتمع الإسلامی و تطبیق أحکام الدین من جوانبه المختلفة فی المجتمع الإسلامی حیث أنا نقطع بلزوم الحکومة و السائس فی المجتمعات کما فی ما نقل عن سیدنا أمیر المؤمنین (علیه السلام) «لابد لکل قوم أمیر بر أو فاجر» و هو الذی یقتضیه العقل و العادة حیث أن فقد الحکومة فی المجتمع مساوق لقبول الفوضی و ضیاع أمور المسلمین، لاسیما ضعافهم و موجب لتعییر الأعداء و ذمهم للشیعة و من هنا ذکر العلم الشیخ المفید فی کتابه المقنعة أن الفقیه إذا قام بإدارة المجتمع الإسلامی و إجراء حدود الله تعالی و أحکامه یجب علی المسلمین معاضدته و تعاونه و من ذلک مسألة ثبوت الهلال. فهل تری حسن القول بعدم ثبوت ذلک برأی المجتهد المفتی للشیعة و رجوع کل أحد إلی رؤیته أو رؤیة الشاهدین العادلین و إلا یجب علیه إستصحاب الشهر السابق و الحکم بوجوب الصوم مثلا ثم وقوع الإختلاف بین الشیعة فی بلد آخر، فضلا عن البلاد الکثیرة فی قطر من الأرض- کما رأیناه - فی الأعوام الأخیرة فی إیران . فهل یرضی الشارع بمثل هذه التفرقة و تفسیق کل من الملتزمین بالشریعة غیره إذا خالفه فی الصوم و الإفطار!

و قد ورد عن الصادق (علیه السلام) فی قضیة ثبوت الهلال لما سأله السفاح العباسی (لعنه الله) عن رأیه فی ثبوت هلال شوال فقال (علیه السلام) الأمر إلی إمام المسلمین؛ إن صام صمنا و إن أفطر أفطرنا»، فأمر السفاح بإحضار الطعام و ثبوت العید فأفطر الإمام مع کونه صائما و إفطار الإمام (علیه السلام) فی هذه القضیة و إن کان من باب التقیة لکن الحدیث بالنسبة إلی صدره مقبول فحکم الحاکم فی ثبوت الهلال ثابت و حجة علی المسلمین .

و الحمد لله

 

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo