< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

91/12/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع بحث: فی عدم إشتراط الأعلمية فی القاضی

إن منصب القضاء منصب عظیم و هو منصب رسول الله (صلی الله علیه و آله) و منصب أمیر المؤمنین (علیه أفضل الصلاة و السلام) کما یعلم ذلک من قوله (علیه السلام) «جلست مجلسا عظیما لایجلسه إلا نبی أو وصی نبی» و لکن بما أن حیاة البشر مبتنیة علی أصول المدنیة و الحضارة و الحیاة الإجتماعیة و التنازع و الخصومة،‌ مما لا مفر منها فی المجتمعات، فلابد من تشکیل منصب القضاء و المحکمة لیقوم القضاة برفع المخاصمات و کذلک کان الأمر من زمن الرسول الأکرم و وصیه أمیر المؤمنین (علیه السلام).

و فی دور خلفاء الجور یحذر الأئمة (علیهم السلام) الشیعة من المراجعة إلی قضاة المنصوب من قبلهم و أرجعوا الشیعة إلی قضاة العدول العارفین بالأحکام الشرعیة من بینهم «أنظروا إلی رجل منکم قد روی حدیثنا و نظر فی حلالنا و حرامنا فلیرتضوا به حکما» و مقتضی إطلاقات الروایات الواردة فی الباب عدم إشتراط الأعلمیة فی القاضی فی الشبهات الموضوعیه فضلا عن الشبهات الحکمیة و هذا هو المستفاد من إطلاق الروایتین مقبولة عمر بن حنظلة و صحیحة أبی خدیجة.

و السیرة أیضا لم‌تقم علی إشتراط الأعلمیة فی القضاة و یشهد لذلک المراجعة إلی التاریخ فنری عندئذ أن الشیعة لم‌یلتزموا عند المنازعات بالمراجعة إلی أفقه الأصحاب و أعلمهم کزرارة و محمد بن مسلم و برید العجلی و معاویة بن وهب و أبی بصیر و غیرهم من أجلاء الأصحاب - إن کانوا فی بلادهم- و قد ذکرنا بالأمس المناقشة السندیة و الدلالیة فی الروایات التی أستدل بها علی إشتراط الأعلمیة فی الجملة .

نعم ما روی عن أمیر المؤمنین «إختر لرعیتک أفضلهم» لم یرد فیه المناقشه السندیة ولکن المناقشة الدلالیة کانت واردة إذ الأفضل غیر الأعلم و الذی تشترط فیه الأفضلیة هو المنسوب مباشرة من قبل الوالی لا القاضی .

و أعلم أن صاحب الوسائل نقل فی الباب الرابع من أبواب آداب القاضی روایات تحت عنوان «لایجوز للقاضی أن یحکم عند الشک فی المسألة و لا فی حضور من هو أعلم منه و لا قبل سماع کلام الخصم و یجب علیه إنصاف الناس حتی من نفسه» لایمکن التعویل علیها لإثبات المدعی .

منها: ما رواه الکافی عن داود بن یزید عمن سمعه عن أبی خدیجة عن أبی عبد الله (علیه السلام) «إذا کان الحاکم یقول لمن عن یمینه و لمن عن یساره ما تراه (ما تقول) فعلی ذلک لعنة الله و الملائکة و الناس أجمعین إلا أن یقوم من مجلسه و یجلسهما مکانه» .

و السؤال عمن عن یمینه و عن یساره، کنایة عن عدم العلم بالحکم و الإلتجاء إلی الآخرین و عدم صلاحیة القاضی لمنصب القضاء و هذا إشارة إلی عدم أهلیة قضاة العامة لهذا المنصب و یمکن المثال بقضية أبی حنیفة و الإمام الصادق (علیه السلام) و منهج أبی حنیفة فی الأخذ بالقیاس و إستدلال الإمام الصادق علی بطلان القیاس و بقضیة أبی لیلی و محمد بن مسلم فی خیار العیب و ذلک لأجل تشبثهم بالمبانی المخترعة عندهم فی إستنباط الأحکام و مقام الفتوی کالأخذ بالقیاس و إعمال الرأی (بمعنی المصطلح عندهم) و الإستحسانات و غیرها مما لا أساس تعتمد علیه فی إستنباط أحکام الشریعة .

و منها: محمد بن علىّ بن محبوب عن محمد بن الحسين عن ذبيان بن حكيم الأزدى عن موسى بن أكيل النّميريّ عن محمد بن مسلم عن أبى جعفر عليه السلام قال قال رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) اذا تقاضا اليك رجلان فلا تقض للأوّل حتّى تسمع من الآخر فإنّك اذا فعلت ذلك تبيّن لك القضاء. (جامع أحاديث الشيعة، ج‌30، ص 128)

و کما تری لا شاهد للمدعی فی هذه الروایات کما قلال الأستاذ الخوئی فلا تعتبر الأعلمیة فی القضاة فی الشبهات الموضوعیة حتی فی البلد لإطلاق المقبولة و صحیحة ‌أبی خدیجة .

أما فی الشبهات الحکمیة کما إذا إختلافا فی إرث الهبوة فمثلا الأبن الأکبر یری بأن السیارة داخل فی الهبوة فیختص به و أخوه یری کونها خارجا عن عنوان الهبوة فیشترک فیها. فهنا علی قسمین؛

الأول: إذا کان المتنازعان مقلدین لمجتهد واحد و لا یعلما فتوی المجتهد بالنسبة إلی الهبوة و کل یجر النار إلی قرصه تبعا لهواه فهنا المرجع فتوی الفقیه و لادخل له بالقاضی .

الثانی: إذا إختلفا فی الفتوی إما لکونهما مجتهدین و إما لکونهما مقلدین لمجتهدین و قد إختلفا فی الفتوا، فالمرجع هنا القاضی لکون المقام مقام رفع التخاصم فلابد من الرجوع إلیه و إطلاق الروایتین المذکورتین لایختص بالشبهات الموضوعیة فلا یجب الرجوع إلی الأعلم منهما .

یبقی الکلام فی قاضی التحکیم و أمره موکول إلی کتاب القضاء و بذلک تم الکلام فی الإجتهاد و التقلید و الحمد لله أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا .

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo