درس خارج اصول استاد اشرفی

موضوع البحث: التنبیه الثانی لقاعدة لا ضرر

التنبیه الثانی: قال الأستاذ الخوئی إن حدیث لا ضرر یختص بالأحکام الإلزامیة کالوجوب و الحرمة‌ دون الأحکام الترخیصیة لعدم توجه الضرر إلی المکلف عند فعلها أو ترکها لکونها مرخصا فیها و مباحا .

مثلا إن الوضوء و الغسل یرتفع وجوبهما عندما کانا ضرریا بمقتضی قاعدة لاضرر و کذلک ترتفع حرمة‌ أکل المیتة‌ عندما یتوقف حیاة‌ الجائع علی أکلها لأجل القاعدة‌ و لکن شرب الماء إذا کان ضرریا لایرتفع بها جوازه لکون الشرب مرخصا فیه و مباحا فی نفسه .

فعلیه یقول الأستاذ إنه علی مبنی الشیخ الأنصاری فی لاضرر من کونه بمعنی نفی حکم ینشأ من إمتثاله الضرر، لاترتفع الأحکام الإلزامیة الموجبة للضرر و لاترتفع به الترخیص و الجواز فهذا مما لادخل له بالقاعدة لعدم توجه الضرر من ناحیة إمتثال الحکم الشرعی فإذا کان شرب التتن مثلا مباحا فی نفسه و ضرریا لأحد لاترتفع القاعدة إباحة شربه .

نعم قد یکون الضرر البالغ إلی حد قتل النفس أو فشل بعض الأعضاء حراما لکنه خارج عن مفاد هذه القاعدة‌ الثانویة الحاکمة علی الأدلة الأولیة .

نعم الإضرار ممنوع بأدلة أخری بل یمکن إستفادة حرمته من نفس القاعدة لکونها إخبارا بمنزلة الإنشاء فی تحریمه کقوله تعالی «لارفث و لافسوق و لاجدال فی الحج» و النفی تشریعا بمعنی الحرمة یستفاد بقرینة عدم إمکان إرادة وقوع الإضرار الواقعی لکونه موجودا قطعا فی الخارج .

التنبیه الثالث: قال الشیخ فی الرسائل إن حدیث لاضرر مما کثر علیه التخصیص فیکون مجملا فلایجوز التمسک به إلا فیما عمل به الأصحاب کقاعدة القرعة التی تظافرت الروایات فیها و یکون مفادها التمسک بالقرعة فی کل أمر مشکل أو فی کل أمر مشتبه -علی إختلاف النسخ فی روایاتها- و لاریب فی أن الفقهاء لم‌یعملوا بعمومها بل خرج عن تحت القاعدة أکثر مواردها کالشبهات الحکمیة بل الموضوعیة و لذا إکتفوا الفقهاء بما عمل بها الأصحاب کقضیة إشتباه الغنم الموطوئة و قاعدة لاضرر أیضا مما کثر فیه التخصیص أی تکثر الأحکام الإلزامیة الضرریة فی الشریعة کالصوم و الخمس و الجهاد و الزکاة و الضمانات و الدیات و القصاص و النجاسات و غیرها مما یوجب إمتثالها الضرر علی المکلفین ظاهرا .

ثم إستدرک الشیخ (قده) عن ذلک بأن تخصیص الأکثر مستهجن إذا کان بعناوین متعددة أوجبت خروج أکثر أفراد العام و أما إذا کان بعنوان واحد، تحته أکثر أفراد العام فلایکون مثل هذا التخصیص مستهجنا فإذا خصص العام بعناوین متعددة بحیث لم یبق تحته إلا قلیل من أفراده کما إذا قال المولی «أکرم العلماء» ثم خصصه بمخصصات کقوله «لا تکرم العالم الفاسق» و «لاتکرم العالم الشاب» و «لاتکرم غیر الهاشمی من العلماء» بحیث خرج أکثر أفراد العام عن تحته .

أما إذا ورد علی العام عنوان واحد مخصص و کان أکثر أفراد العام من ذاک المخصص، لم‌یکن التخصیص به مستهجنا کما إذا خصص قوله «أکرم علماء البلد» بقوله «لاتکرم غیر الهاشمی» و کان أکثر علماء البلد غیر الهاشمیین .

و علیه یمکن القول بأن قاعدة لا ضرر یبقی علی عمومه ولو خصص بالضرر المذکور فی موارده و لا یکون تخصیصه مستهجنا فیمکن العمل به جمیع الأفراد الباقی تحت العام .

و أورد علیه المحقق صاحب الکفایة بعدم الفرق فی الإستهجان إذا خرج الأکثر من تحت العام .

أما الإشکال الکبروی: إذا کانت القضیة خارجیة یقبح تخصیص الأکثر سواء خصصت بالعناوین أو الأشخاص أما إذا کانت القضیة حقیقیة أی حمل الحکم علی العناوین الکلیة و الطبیعی، فلیس فی تخصیص الأکثر إستهجانا لکون القضایا الحقیقیة واردة لجمیع الأزمنة لا زمان دون زمان و لا إختصاص لها بالأفراد الفعلیة .

و بناء علی هذا بما أن «لاضرر» یکون من القضایا الخارجیة لکونه من جملة أحکام الشرع التی بلغها الرسول و الأئمة (علیهم الصلاة و السلام) طوال حیاتهم الشریفة‌ و قال النبی (صلی الله علیه و آله و سلم) «ما من شیء یقربکم من الجنة و یباعدکم عن النار إلا و قد أمرتکم به و ما من شیء یباعدکم عن الجنة و یقربکم من النار إلا و قد نهیتکم عنه» فیکون تخصیص الأکثر فیها قبیحا کما قاله الشیخ سواء خصصت بالعناوین المتعددة أم لا و لایصح ما قاله الآخوند إلا فی التوجیه فی القضایا الخارجیة .

أقول: لنا إشکال فی ما أفاده سیدنا الأستاذ من التفرقة بین نوعی القضایا کما لنا الإشکال فیما أفاده من کون الأحکام بمنزلة القضایا الخارجیة. فتأمل .

و الحمد لله