< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد اشرفی

92/02/23

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع البحث: فی التنبیه السادس

قال سیدنا الأستاذ الخوئی(قده) إنه لادلیل علی حرمة مطلق الإضرار بالنفس ما لم‌یصل إلی حد القتل أو فشل عضو رئیسی أو فساد غریزة من غرائز الإنسان کالرجولیة .

و لعله الحق حیث أن الظروف الصعبة التی تسبب الضرر علی البدن و لو بنحو تدریجی توجد کثیرا ما فی کثیر من المهن و المشاغل و کذا الأفعال التی توجب الضرر علی المال أو الجسم طوال أیام حیاة الإنسان، تحدث منه کثیرا و الحکم بحرمة تلک الأفعال و المهن مشکل جدا بل یوجب الحرج أحیانا إذ تأمین المعاش متوقف علیها فلا یمکن بسط الحکم بالحرمة من الموارد القطعیة إلی تلک الموارد المشکوکة .

و قد مر فی الجلسة السابقة أن حدیث لا ضرر لا یتکفل إثبات حکم شرعی و أیضا لایتکفل تدارک الضرر الذی نشأ من غیر جهة الحکم الشرعی ولکن تمسک به بعض الفقهاء کالفاضل التونی و السید صاحب العروة فی ملحقات کتابه لإثبات أحکام کالضمان و لزوم الطلاق تدارکا للضرر الحادث من ناحیة فعل الغیر علی المتضرر .

و الذی یتکفله حدیث لاضرر هو رفع الحکم الذی ینشأ من إمتثاله الضرر علی ما إختاره الشیخ و هو المختار عندنا فالحدیث حاکم علی الأحکام الأولیة الوجودیة لا فی الموارد التی لم‌یرد فیه حکم بإثبات حکم یدفع به الضرر .

أما الذی أستدل فیهما علی إثبات الضمان و جواز الطلاق بحدیث لاضرر فمسألتان

المسألة الأولی: ما قاله شارح الوافیة الفاضل التونی: أنه لو حبس أحد غيره عدوانا، فشرد حيوانه أو أبق عبده، فان عدم حكم الشارع فيه بالضمان ضرر على المحبوس، فينفى بحديث لا ضرر و يحكم بالضمان.

المسألة الثانیة: قال السید صاحب العروة فی ملحقات العروة: أنه لو امتنع الزوج عن نفقة زوجته، فعدم الحكم بجواز طلاقها للحاكم ضرر عليها، فينفى بحديث لا ضرر و يحكم بجواز طلاقها للحاكم.

إیراد المحقق النائینی علی الإستدلال بحدیث لا ضرر فی المسألتین

قد أورد المحقق علی المستدلین بحدیث لا ضرر لإثبات حکم شرعی إشکالین کبرویا و صغرویا و رد الأستاذ إشکاله الکبروی و التزم بإشکاله الصغروی أی تطبیق الحدیث علی المثالین .

إیراد المحقق علی کبری الإستدلال

قال المحقق(ره) إن حدیث لاضرر یرفع الحکم الشرعی الذی نشأ من إمتثاله الضرر علی المکلف و هو حاکم علی الأحکام الوجودیة. أما عدم الحکم حیث لا یکون حکما فلا یشمله حدیث لا ضرر .

و أورد علیه الأستاذ بأن عدم الحکم فیما یکون قابلا للحکم حکم فلا مانع من حکومة لا ضرر علی تلک الأحکام من هذه الحیثیة ثبوتا .

إیراد المحقق علی صغری الإستدلال

قال(ره) إن حدیث لاضرر إنما ینفی الضرر الناشی من جعل الشارع و لا دلالة فیه علی وجوب تدارک الضرر الذی حدث من غیر جهة الحکم الشرعی و الضرر فی المثالین إنما نشأ من فعل الحابس و الزوج الممتنع من الإنفاق فلایرتبط بجعل الشارع فلایمکن التمسک بحدیث لاضرر لإثبات الضمان فی المسألة الأولی و لا لإثبات جواز الطلاق فی المسألة الثانیة .

و هذا الإیراد التزم به سیدنا الأستاذ و أضاف إلیه إیرادا آخر و هو أن دفع الضرر عن المحبوس و الزوجة بإثبات ضمان الحابس وجواز طلاق الزوجة مستلزم للإضرار بالحابس فی تحمله تدارک العبد الآبق و الدابة الشاردة و للإضرار بالزوج حیث أنه سلب لسلطنة‌علی العقلقه الزوجیة .

قد یقال بعدم شمول حدیث لا ضرر للموردین مستدلا بأن الحابس و تارک الإنفاق هما اللذان أقدما علی الإضرار بنفسهما فلایشملهما حدیث لا ضرر إذ الحدیث صدر فی مقام الإمتنان علی الأمة و لکن الذی یقدم علی إضرار نفسه و یضیع ماله بیده مثلا أو یضرر ببدنه غیر مشمول للدلیل الإمتنانی إذ لو لم‌یفعلا ما فعلاهما لم‌یثبت للحابس الضمان و لم‌یسلب من تارک النفقة الزوجیة .

و بعبارة أخری: بما أن الحابس و تارک الإنفاق هما اللذان أقدما علی الضرر علی أنفسهما فلا یعارض الضرر الوارد علیهما بالضرر الذی أوردا هما علی المحبوس و الزوجة .

قلنا: الحابس إنما أقدم علی حبس المحبوس لا علی الضرر علی نفسه و هکذا الزوج أقدم علی ترک الإنفاق علی الزوجة لا علی سلب سلطنته علی العلقة الزوجیة فثبوت الضرر علی أنفسهما یتوقف علی ثبوت الحکم بضمان الحابس و بزوال علقة الزوجیة عن الزوج و هو متوقف علی دلالة حدیث «لا ضرر» علی ثبوت الضمان و سلب السلطنة من الزوج و هو دور صریح فلا یمکن إثبات الضمان و الحکم بسلب الزوجیة عن طریق القول بالإقدام علی الضرر .

هذا ما تقتضیه القاعدة ولکن هناک روایات تدل علی جواز زوال الزوجیة عند إمتناعه عن بذل النفقه علی زوجته فللحاکم أن یطلقها کصحیحة أبی بصیر «سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: من کانت عنده إمرأة فلم یکسها ما یواری عورتها و یطعمها ما یقیم صلبها کان حقا علی الإمام أن یفرق بینهما» و نظیره صحیحة فضیل عن إبی عبدا‌الله علیه السلام و فیه قوله «و إلا فرق بینهما» إلی غیر ذلک[1] .

أما ما قاله المحقق النائینی من أن الروایات التی تدل علی لزوم صبر الزوجة‌ تعارض لهذه الروایات

أقول: الروایات المعارضة النبوی «تصبر أمرأة المفقود حتی یأتیها یقین بموته أو طلاقه‌» و العلوی «هذه إمرأة أبتلیت فلتصبر»[2] . لکنها کما تری واردة فی المرأة المفقود زوجها و العجب من الأستاذ کیف جعلها فی ما إذا إمتنع الزوج عن المضاجعة .

نعم فی بعض الروایات ما یظهر منه، عدم صبر المرأة لتطلبها ما تطلب النساء .

ففیه أنها واردة فیما إذا إمتنع الزوج عن المضاجعة فلا معارضة بینهما .

نعم یمکن القول بأن الروایات الدالة علی أن الطلاق بید الرجل «الطلاق بید من أخذ بالساق» تعارضها ولکنها أخص منها فتقدم علیها فلو إمتنع الزوج عنه یجبر علی الطلاق و إن إمتنع عنه أیضا یطلق الحاکم الزوجة .

التنبیه السابعما هی الوظیفة عند تعارض الضررین ؟

و مثاله المعروف ما إذا دخل رأس دابة شخص في قدر شخص آخر، و لم يمكن التخليص إلا بكسر القدر أو ذبح الدّابّة و یمکن التمثیل للمقام بما إذا کان دفع خطر السیل عن البیت متوقف علی هدایة الماء إلی جانب دار الجار أو سبب حفر البالوعة فی البیت فساد ماء بئر الجار أو کان حفظ النفس منوطا بقتل شخص آخر أو قطع یده .

هذا إجمال التنبیه و سیأتیک تفصیله إن شاء الله تعالی .

و الحمد لله

 


[1] - الوسائل أبواب النفقات باب1 ح1 و 2.
[2] - باب44 من أبواب ما یحرم بالمصاهرة و نحوها ح1 و 2.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo