< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ بشير النجفي

بحث الفقه

37/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : التيمم _ ما يصح التيمم به.

فصل : في بيان ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك، وإن كان حجر الجص والنورة قبل الإحراق ، وأما بعده فلا يجوز على الأقوى كما أن الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف والآجر...[1]

قلنا توجد خمسة اقوال عند اهل اللغة في تفسير معنى الصعيد فعليه انسد الطريق في وجهنا , وقلنا دعوى الاجماع بينهم من ان المقصود بالصعيد هو وجه الارض او التراب او غيره فهي دعوى غير واضحة وذلك :

اولا : ان اريد من الاجماع هو اجماع اهل اللغة فنقول توجد خمسة اقوال فكيف بالإجماع , والزجاج ليس بمصدر حتى ترجع اليه فهو نحوي فقط في القرن الرابع الهجري , والخليل كذلك نحوي فدعوى الاجماع عند اهل اللغة عهدتها على مدعيها

ثانيا : ان اريد من الاجماع هو الاجماع الفقهي اي من حيث الفتوى اي ان التيمم يصح بمطلق وجه الارض او الارض المرتفعة ونحو ذلك فمع وجود الرواية المحددة لمورد التيمم ومكان التيمم فأيضا دعوى الاجماع عهدته على مدعيه فمع وجود الروايات كيف تدعي الاجماع الذي يكون حجة فهذا جدا غير واضح .

بقي الكلام في كلمة الطيب ( تيمموا صعيدا طيبا ) فما معنى الطيب ؟

لم اجد في شيء من المصادر التي يمكن الاعتماد عليها والاعتراف بها من يفسر الطيب بالنظيف , نعم الطيب فسروه ان الطيب من كل شيء هو ما يستلذ به في الجهة التي يستخدم ذلك الشيء فيها فالملابس تستخدم للبس والزينة والستر فالملابس الطيبة هي التي تستلذ بها في هذه الجهة , والوردة الطيبة يعني التي يكون منظرها طيب وهكذا المسكن الطيب فهو الذي يسكن فيه هو وعياله فما يستلذ به في السكن والاستفادة منه يعتبر منزلا طيبا وهكذا الصوت الطيب والطعام الطيب وهو الذي يستلذ به في الاكل , والزوجة الطيبة وهي التي يستلذ بها عند المعاشرة او المواقعة [2] والحديث مع المرأة وكذلك المرأة الزوج حليلها , وهكذا في كل شيء .

فالمكان النظيف يكون طيبا اذا لم يكون مؤذيا فاذا كانت النورة مثلا محرقة في المكان المرتفع فاذا تيمم فيها تحترق اليد فهنا لا يتيمم بها لأنه والعلم عند الله ان تقصد المكان الطيب الذي لا تتأذى من لمسه او استعماله , واما فامسحوا ﴿ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم[3] وماهوا المقصود بالمسح فهذا نستفيده من الروايات واما في المقام فالكلام نحن والآية الشريفة .

فتحصل من الآية ان المراد هو المكان النظيف ويستلذ ويستطاب بالقصد اليه بالجلوس او المسح او غيره ولا يكون فيه اذية للإنسان , وليس المراد من الطيب الطهارة حتى تقول انك فسرت الصعيد بالطيب بالكناية ثم ما معنى ذكر الطيب

نقول ليس المراد من الطيب الطهارة فمدينة الرسول ص سماها الطيبة واما اللعين يزيد سماها الخبيثة , هذا من حيث الآية .

اما من حيث الروايات : فالتأمل فيها يستفاد منه انها تدل على جواز التيمم بالأرض مطلقا وهذه الدلالة بعض الروايات صريحة وبعضها باللازم فلما تأمر الآية بالتيمم بالأرض فهذا واضح

الرواية الاولى : وهي مرسلة ( إبراهيم بن محمد الثقفي ، عن محمد بن مروان جميعاً ، عن أبان بن عثمان ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إن الله تبارك وتعالى أعطى محمداً ( صلى الله عليه وآلة شرائع نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ـ إلى أن قال وجعل له الأرض مسجدا وطهورا )[4] يعني كل ارض هي مسجد

الرواية الثانية : وهي مرسلة الشيخ الصدوق في الفقيه (محمد بن علي بن الحسين قال : قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي : جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً )[5] فأيضا كل الارض هي مسجد .

الرواية الثالثة : وهي معتبرة (عن محمد بن جعفر البندار ، عن مجاهد بن أعين ، عن أبي بكر بن أبي العوام ، عن يزيد ، عن سليمان التميمي ، عن سيار ، عن أبي أمامه قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه واله ) : فضلت بأربع : جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأيما رجل من أمتي أراد الصلاة فلم يجد ماءً ووجد الأرض فقد جعلت له مسجدا وطهورا ، ونصرت بالرعب مسيرة شهر يسير بين يدي ، وأُحلّت لأمتي الغنائم ، وأرسلت إلى الناس كافة )[6] في بعض النسخ جعلت لي الارض مسجدا وطهورا وفي بعض النسخ جعلت لامتي مسجدا وطهورا , فمن اراد من امتي الصلاة ولم يجد الماء فجُعلت له الارض مسجدا وطهورا , وهذه الر واية سندا معتبرة مع الدلالة واضحة بان التيمم بالأرض كلها وهكذا الروايات الاخرى .

وبعض الروايات تدل باللازم كما في الرواية (محمد بن الحسن ، عن المفيد ، عن أحمد بن محمد ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى ، عن محمد بن علي بن محبوب ، عن أحمد بن الحسين ، عن فضالة ، عن السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي ( عليه السلام ) ، أنه سئل عن التيمم بالجص ؟ فقال : نعم ، فقيل : بالنورة ؟ فقال : نعم ، فقيل : بالرماد ؟ فقال : لا ، إنه ليس يخرج من الأرض إنما يخرج من الشجر ) [7] اذن المقصود ان الارض وما يخرج منها _ من هنا تبعيضيه_ يعني يكون بعض الارض يصحح التيمم به . وكذلك الرواية الواردة في جواز التيمم بغبار اللبد او بالثوب او بغبار عرف الدابة فهذه تدل باللازم على اختيار الارض لأجل التيمم .


[2] البعض فسر الزوجة حليلة بمعنى التي يجوز وطئها ولكن الصحيح من الحليلة هي التي تسكن معه اي تحل معه حيث يحل هو في البيت او في الفراش او في غير ذلك، كما في الزيارة وعلى الارواح التي حلت بفنائك اي هي التي سكنت هناك عند سيد الشهداء في الارض الطيبة ارض كربلاء.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo